1. الرئيسية
  2. West Africa
  3. Mali

تصحيح الأوضاع في مالي بعد انتهاء الصراع

Market in Sevare, Mali July 2013 Farley Mesko/IRIN

من المنتظر أن تحصل مالي على مليارات الدولارات في صورة مساعدات أجنبية بعد عملية الانتقال الناجحة التي تم فيها انتخاب رئيس جديد ديمقراطيًا، ولكن ينبغي أن تعيد الجهات المانحة النظر في كيفية توجيه المساعدات في مالي قبل أن تقوم بفتح صنبور المساعدات، وذلك للحد من اختلاس الأموال الذي أدى إلى تفاقم الصراع في المقام الأول.

وعلى الرغم من أن رئيس مالي الجديد سيواجه التحديات التنموية المعتادة المزمنة في المنطقة، إلا أن الأزمات السياسية والأمنية في مالي سلطت الضوء على مجموعة جديدة من أولويات المعونة. وتتيح هذه الفترة الانتقالية الفرصة لمالي والجهات المانحة لمعالجة المشكلات الممنهجة التي أعاقت التنمية في الماضي، وهي التوترات العرقية، وضعف الإدارة، والحرمان من الحقوق الاقتصادية.

محاسبة أفضل

تعتمد مالي بشكل كبير على المساعدات الأجنبية. وقد أدى تعليق تدفق المساعدات بعد الانقلاب العسكري في عام 2012 إلى تدمير الاقتصاد، وهو ما أسهم في أول انكماش في نمو الناتج المحلي الإجمالي منذ عام 1993، وهذا يعد انعكاساً سيئاً لقدرة المشاريع التنموية السابقة على الصمود.

وفي نفس السياق، أشارت دراسة أجرتها المفوضية الأوربية عام 2011 حول المساعدة المباشرة للموازنة في مالي إلى وجود "ضعف كبير في إدارة الخزانة والمحاسبة العامة." ويقول المحللون وقادة المجتمع أن تحسين الشفافية والمساءلة سيقطع شوطاً طويلاً نحو تحسين ثقة السكان في قياداتهم.

وتجدر الإشارة إلى أن حكومة مالي أعلنت لسنوات عديدة عن مشاريع بنية تحتية وتنموية كبرى في الشمال، ولكنها وجهت الأموال من خلال النخب المحلية التي لم تستثمر هذه الأموال في توفير خدمات للسكان. وهو ما علق عليه محمد إبراهيم سيسيه، قائد المجتمع المدني في تمبكتو، بقوله أن "الحكومة والشركاء الدوليين لم يعملوا من خلال منظمات المجتمع المدني أو الحكومة المحلية، ولكنهم عملوا مع أفراد بناءً على علاقاتهم الشخصية".

وفضلاً عن ذلك، لم يتم الإشراف بشفافية على كثير من الأموال، مما أدى إلى انتشار الفساد وتدهور ثقة الشعب المالي في قياداته.

تعزيز المصالحة

أدى الصراع الأخير إلى إشعال التوترات العرقية. وقد عبر العديد من الماليين السود من أعراق البامبارا وسونغاي وفولاني عن ازدراء مستتر تجاه الطوارق ذوي البشرة الفاتحة. وفي موبتي، في وسط مالي، رفض جاوزين تراوري شكاوى الطوارق من ضعف التنمية وإهمال الحكومة المركزية لهم لسنوات طويلة. وأوضح تراوري أن "ثقافة الطوارق هي التمرد بمجرد أن تنفد أموال المساعدات. لقد تم إرسال كميات كبيرة من الموارد إلى الشمال، ولكن الطوارق لا يرغبون في العمل".

وعلى الجانب الآخر، يشعر السكان الطوارق والعرب في الشمال بأنهم مضطهدون ومهمشون من قبل إدارة تسيطر عليها جماعات عرقية من الجنوب. وهو ما علق عليه عضو في المجلس البلدي من تمبكتو بقوله أنه "بالنسبة للجيش المالي، فإن اللون الفاتح لبشرتك يعني أنك مذنب بالفعل ويشتبه ]بأنك خائن[."

وقد أدت التقارير الأخيرة حول الاشتباكات العرقية في المدن الشمالية إلى تصاعد تلك التوترات. وقبل البدء في عملية التنمية وإعادة البناء، لابد أن تقوم المجتمعات المنقسمة بإعادة بناء الثقة، ويمكن للجهات المانحة أن تدعم ذلك عن طريق تعزيز الحوار بين الجماعات العرقية المختلفة داخل المجتمع والتعاون من خلال مشاريع مجتمعية.

لامركزية المعونة ومراقبتها

أصيب السكان بخيبة أمل في مؤسساتهم السياسية جراء الأزمات الأمنية والسياسية، كما نتج عنها أيضاً انهيار العلاقات الهشة بالفعل بين طوائف المجتمع. وسيقطع التصدي لتلك القضايا الناجمة عن الفساد وضعف الرقابة شوطاً طويلاً نحو المصالحة بين المجتمعات.

وخلال الفترة من 1996 إلى 2005، شكلت المساعدات الانمائية الرسمية 27,6 بالمائة من الموازنة العامة للدولة. وقد كشف مدير أحد المشاريع في منظمة دولية غير حكومية في مالي أن "تقديم المساعدات من خلال الحكومة الوطنية ينطوي على مشكلات كبيرة. فالحكومة لا تملك قناة جيدة التنظيم لتوزيع المساعدات كما أن المديرين ليسوا مدربين على القيام بذلك."

وسوف تساعد الإدارة اللامركزية للمعونة على معالجة تلك المشكلات. ويقول الخبراء أن نقل آليات الرقابة إلى المجتمع المحلي سوف يجعل المستفيدين أكثر عرضة للمساءلة عن تلك الأموال وسيزيد من الملكية المحلية. وقد لا يكون هناك مفر من مشاركة الحكومة المركزية عند السعي إلى تنفيذ مشاريع ضخمة، ولكنها غالباً ما تجعل العمليات أكثر تعقيداً وينتج عنها خلق هياكل متوازية.

وقد أدركت وزارة التنمية الفرنسية هذه الحاجة إلى الرصد على المستوى المحلي، حيث تخطط الوزارة إلى إطلاق مشروع تجريبي سيقوم بإنشاء موقع الكتروني يعرض وضع كافة مشاريعها في مالي. ويمكن للناس الاتصال هاتفياً أو تحديث الموقع إذا حدث تأخر في أحد المشاريع.

استمرار الحاجة إلى مساعدات الطوارئ

يؤكد سكان الشمال أن المنظمات الدولية لابد أن تستمر في تقديم المساعدات الإنسانية الطارئة في المستقبل القريب. إذ يوجد ما يزيد عن 350,000 نازح داخلي في مالي و175,000 لاجئ من مالي في الدول المجاورة، وهم يحتاجون جميعاً إلى الغذاء والمياه والرعاية الصحية الأساسية والمأوى.

وقد أدى النزاع بشكل كبير إلى تعطل النشاط الاقتصادي وتقديم الخدمات الاجتماعية الأساسية في الشمال. واضطر العديد من الرعاة والمزارعين والتجار إلى التخلي عن قطعانهم وحقولهم وتجارتهم. وفر محمود شيباني من تمبكتو، كحال الكثير من أصدقائه، بحثاً عن ملاذ آمن في باماكو، وهو يعتقد أن "بعض اللاجئين يفضلون البقاء في مخيماتهم لأنهم لا يملكون شيئاً يعودون إليه."

ففي أعقاب انسحاب الإدارة المالية تعرضت العديد من المباني والخدمات الحكومية للنهب أو التدمير. وقامت اللجنة الدولية للصليب الأحمر بتوفير الوقود لمولدات الكهرباء ومحطات ضخ المياه في المدن الشمالية مثل غاو وتمبكتو وكيدال خلال عام 2012، ولكن لم يتم الحفاظ سوى على الحد الأدنى فقط من الخدمات. كانت جميع العواصم الإقليمية الثلاثة في الشمال تفتقر إلى مستويات مياه الشرب والكهرباء والخدمات الصحية التي كانت موجودة قبل بدء النزاع. وكنتيجة لذلك، حذرت الأمم المتحدة من وجود احتياجات إنسانية شديدة في مدن مثل غاو.

وستؤدي العودة التدريجية للنازحين داخلياً واللاجئين إلى الشمال إلى خلق مزيد من الضغوط على الخدمات الاجتماعية المحدودة. وسوف تحتاج الحكومة المالية المتعثرة إلى مساعدة لإصلاح البنية التحتية واستعادة الخدمات اللازمة لتلبية معظم الاحتياجات الأساسية لسكان المناطق الشمالية.

دعم سبل كسب العيش

بالنظر إلى أن المواطن المالي العادي يعيش على أقل من دولارين في اليوم، فإن غالبية النازحين بسبب النزاع لا يمتلكون المال اللازم لإعادة بناء سبل معيشتهم. ولذلك فإن مساعدتهم في ذلك ستمنع الاعتماد على جهود الإغاثة في حالات الطوارئ وستعزز السلام والاستقرار والتنمية على المدى الطويل.

وفي مخيم للنازحين بالقرب من موبتي يقوم مدير المخيم، موديبو تونكارا، بفهرسة أسماء ووظائف ومدن السكان بهدف إعادة دمج هؤلاء النازحين في مجتمعاتهم، ولكن عملية العودة أمر صعب من الناحية المالية لأنهم "فقدوا كل شيء،" طبقاً لما ذكره تونكارا، مضيفاً أنهم "يريدون العودة ويريدون العمل، ولكن ليس لديهم المال اللازم للبدء من جديد."

وقد نصح دراماني دياكيتي، من غرفة التجارة في موبتي، شركاء المستقبل باتباع نهج القطاع الخاص الذي من شأنه إرساء أرضية العمل لتحقيق النمو الاقتصادي المستدام في المجتمعات المحلية، مقتبساً القول المأثور المعروف بين البامبارا: "بدلاً من أن تعطي الرجل سمكة، علمه كيف يصطاد السمك."

ايقاف القنبلة الموقوتة المتمثلة في بطالة الشباب

تخضع مالي أيضاً لعملية تحول ديمغرافي؛ حيث يتزايد سكانها من فئة الشباب. وقد عبر ممادو كوليبالي من المجلس الوطني للشباب في باماكو عن قلقه بشأن 300,000 شخص يدخلون سوق العمل كل عام، ولكنهم غير قادرين على ايجاد وظائف.

وبدون إدماجهم في الاقتصاد الرسمي، فإنه من غير المستغرب أن يلجأ العديد من شباب الطوارق والعرب إلى البحث عن أنشطة في الاقتصاد المربح غير المشروع، حسب بعض المحللين. كما أن استمرار التهميش الاقتصادي سيجعل أي نجاح في مجال نزع السلاح وتسريح المقاتلين قصير الأجل.

وقد حذر مسؤول حكومي محلي من الطوارق في كيدال من أن "الشخص العاطل عن العمل في كيدال يعتبر شخصاً خطيراً جداً ... فلا يوجد شخص واحد في كيدال لا يمتلك بندقية."

ويستخدم سكان المناطق الشمالية الأسلحة الصغيرة كوسيلة تأمين ضد الجريمة والإرهاب العسكري المتطرف. وقد تفاقمت المشكلة بسبب تدفق الأسلحة في المنطقة بعد سقوط الزعيم الليبي معمر القذافي وإدخال العبوات الناسفة على أيدي المتشددين المرتبطين بتنظيم القاعدة.

وقد عبر فرناندو أرويو، رئيس مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في مالي، عن قلقه بشأن انتشار الذخائر غير المنفجرة في المنطقة والتي يمكن أن تشكل خطراً مستمراً على السكان المحليين لسنوات عديدة قادمة.

Ew/fm/aj/rz-hk/ais-amz


This article was produced by IRIN News while it was part of the United Nations Office for the Coordination of Humanitarian Affairs. Please send queries on copyright or liability to the UN. For more information: https://shop.un.org/rights-permissions

Share this article

Get the day’s top headlines in your inbox every morning

Starting at just $5 a month, you can become a member of The New Humanitarian and receive our premium newsletter, DAWNS Digest.

DAWNS Digest has been the trusted essential morning read for global aid and foreign policy professionals for more than 10 years.

Government, media, global governance organisations, NGOs, academics, and more subscribe to DAWNS to receive the day’s top global headlines of news and analysis in their inboxes every weekday morning.

It’s the perfect way to start your day.

Become a member of The New Humanitarian today and you’ll automatically be subscribed to DAWNS Digest – free of charge.

Become a member of The New Humanitarian

Support our journalism and become more involved in our community. Help us deliver informative, accessible, independent journalism that you can trust and provides accountability to the millions of people affected by crises worldwide.

Join