بيّن استطلاع تجريه الأمم المتحدة حول النازحين من مختلف الأجزاء المتأثرة بالنزاع في المناطق القبلية التي تدار فدرالياً والمتاخمة للحدود الأفغانية أن الأسباب الرئيسية لعدم رغبة النازحين في العودة إلى ديارهم تتمثل في انعدام الأمن وتعرض ممتلكاتهم للدمار وعدم توفر فرص العمل هناك.
فوفقاً لتحديث صادر عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) في 9 يوليو، قالت 35 بالمائة من الأسر النازحة التي شملها الاستطلاع في بيشاور، عاصمة إقليم خيبر بختون خوا، والتي يزيد عددها عن 15,000 أسرة، أن انعدام الأمن يمنع عودتها إلى المناطق القبلية المجاورة. وقد ذكرت 26 بالمائة منها أن السبب في عدم عودتها يتمثل في الأضرار التي لحقت بأراضيها ومساكنها بينما عزت 17 بالمائة منها ذلك إلى عدم وجود فرص عمل في المناطق التي جاءت منها.
كما أفاد 60 بالمائة من الأشخاص الذين شملهم تقييم مواطن الضعف المشترك بين المجموعات القطاعية، الذي ما يزال مستمراً، أنهم يعيشون في بيشاور منذ أكثر من عام. كما قال 53 بالمائة أنهم جاءوا من باجور ومهمند، وهما مقاطعتان من مقاطعات المناطق القبلية السبع.
وقالت الطبيبة النفسية هميرا أحمد، وهي متطوعة في مخيم جالوزاي للنازحين الذي يقع خارج مدينة بيشاور: "هؤلاء الناس مرتبطون ارتباطاً وثيقاً بثراهم. فالقصص المتجذرة في ديارهم تنتقل من جيل إلى آخر. ولذلك فإن خيار البقاء بعيداً هو قرار صعب جداً بالنسبة لهم".
حياة أفضل
وقال بعض النازحين أنهم يفكرون ملياً قي الانتقال بشكل دائم من أماكن مثل باجور إلى المدن الكبرى بحثاً عن فرص عمل أفضل وعن المدارس والأمن.
وفي هذا الإطار قال عياز خان، 40 عاماً، لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين): "لقد عشت في بيشاور لمدة ثمانية أشهر وحصلت على وظيفة كحارس أمن. وقد وفر لي رب العمل مكاناً أسكن فيه. وعلى الرغم من أن العيش في غرفة واحدة مع زوجتي وأطفالي الأربعة أكثر اكتظاظاً من منزلنا في باجور، ولكننا على الأقل نعلم أننا آمنون وأنه لن يكون علينا الفرار من جديد".
وقال خان أنه عاد وحده إلى باجور قبل بضعة أسابيع ليجد أن أضراراً بالغة لحقت بمنزلهم الذي يقع في قرية بالقرب من خار، البلدة الرئيسية في المقاطعة. وأضاف أن "التوتر كان مستمراً بين القوات [الباكستانية] والمسلحين".
وقالت زوجة خان، نعيمة بيبي، أنها بدأت تتعود على العيش في بيشاور وأنها تبتهج "بالذهاب برفقة قريبتها للتسوق في السوبرماركت واستخدام عربات التسوق" على الرغم من أن إمكانياتهما المادية لا تسمح لهما سوى بوضع عدد قليل من الحاجيات فيها.
كما زادت الحوادث الأمنية كالهجوم الانتحاري بسيارة مفخخة الذي وقع في 9 يوليو في مهمند مودياً بحياة ما لا يقل عن 106 أشخاص، من شعور النازحين بالخوف وعدم الرغبة في العودة إلى الديار.
وتساءلت عايشة بيبي، وهي أم لخمسة أطفال تنحدر من مهمند وتعيش الآن في بيشاور: "كيف يمكننا العودة بأطفالنا إلى مثل هذه الأوضاع؟ فواجبنا كآباء الحفاظ على سلامتهم". وقالت أن قطعة الأرض التي تملكها الأسرة في مهمند تعرضت للدمار وأن زوجها يكسب أموالاً أكثر الآن من عمله كسائق شاحنة.
وكالعديد من الأسر النازحة الأخرى، تعيش عائشة وأسرتها عند أقارب لهم. ولكن مع جني زوجها المزيد من الأموال الآن، تبحث الأسرة عن شقة للإيجار، حيث قالت: "نريد أن نبدأ حياة لائقة وأن لا نكون عبئاً على أحد.
ولم يكن جميع النازحين محظوظين بما فيه الكفاية للعثور على وظيفة ولكن ذلك لم يدفعهم إلى العودة إلى ديارهم، حيث قال النازح في بيشاور رستم خان "أنا مفلس ولكنني آمن هنا - وهذا بحد ذاته مكافأة".
kh/ed-dvh