1. الرئيسية
  2. Asia
  3. Pakistan

باكستان: جودة التعليم لا تزال بعيدة المنال

Boy attends a streetschool in Islamabad Rebecca Conway/IRIN

 مع اقتراب المساء في وسط العاصمة الباكستانية إسلام أباد، يتجمع الأطفال في ملعب صغير، حيث يدردشون ويضحكون. إنه مشهد يتكرر في عدد لا يحصى من الحدائق في جميع أنحاء البلاد، ولكن الأطفال ليسوا هنا للعب بعد المدرسة، بل جاءوا لحضور الصفوف المدرسية. فالدروس المجانية متوفرة كل مساء هنا لمدة ثلاث ساعات لمن يرغب في الحضور، والفكرة من وراء ذلك هي أن العديد من الأطفال الذين يعيشون في شوارع إسلام أباد، أو يعملون في الأسواق والبيوت، قد يستفيدون من هذه الدروس.

وفي عام 1988، بدأ محمد أيوب، الذي يدير مدرسة غير رسمية، تعليم الأطفال الذين لا يستطيع آباؤهم تحمل كلفة إرسالهم إلى المدارس. وعلى الرغم من أن المدارس الحكومية الابتدائية لا تتقاضى رسوماً وتوفر العديد من الكتب المدرسية مجاناً، فإن النفقات أخرى (مثل الزي المدرسي والقرطاسية والمواصلات) تجعل العديد من الأسر الفقيرة غير قادرة على تحمل نفقات الدراسة. ويقول محمد أيوب: أصبحت هذه المدارس تتمتع بشعبية كبيرة وكثير من الآباء الذين لا يستطيعون تحمل نفقات وجبة واحدة - ناهيك عن التعليم - يرسلون أبناءهم إلى مدرستي الصغيرة في المساء." فالمدرسة التي تعتمد على المتطوعين والتبرعات، هي واحدة من عشرات المؤسسات غير الرسمية في العاصمة التي تساعد على تعليم الأطفال.

وحققت باكستان تقدماً محدوداً في تحسين جودة ونطاق نظامها التعليمي، وأصبح ملايين الأطفال لا يذهبون إلى المدارس على الإطلاق في ما وصفته حكومتي باكستان والمملكة المتحدة بأنه "حالة تعليمية طارئة". وعلى الرغم من جعل التعليم حق أساسي دستوري في عام 2010، لا تحظى باكستان بفرصة الوفاء بهدفها الإنمائي للألفية المتمثل في تحقيق التعليم للجميع بحلول عام 2015. فأكثر من سبعة ملايين طفل في سن التعليم الابتدائي لم يلتحقوا بالمدارس، وفقاً لتقرير أصدره الفريق العامل المعني بالتعليم في باكستان (PETF) في عام 2011، وهي هيئة تضم كبار مسؤولي التعليم والخبراء المستقلين.

وقالت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) في عام 2010 أن 30 بالمائة من سكان باكستان يعيشون في حالة "فقر تعليمي مدقع" ويحصلون على أقل من عامين من التعليم. "يمكننا أن نرى بوضوح أن حالة الطوارئ كانت تتكشف. فأفادت شهناز وزير علي، وهي مستشارة رئيس الوزراء لشؤون القطاع الاجتماعي والرئيسة المشاركة للفريق العامل المعني بالتعليم في باكستان، أن خمسين بالمائة من الأطفال في سن التعليم الابتدائي لا يرتادون المدارس أو لا يكملون تعليمهم فيها،" مضيفةً أنه "لم يعد بمقدورنا التعامل مع قطاع التعليم بنهج العمل على النحو المعتاد". هذا ويعتقد الفريق العامل المعني بالتعليم في باكستان أن الكلفة الاقتصادية لعدم تثقيف شعبها تترجم فعلياً إلى إنتاجية مفقودة تبلغ قيمتها مئات الملايين من الدولارات.

قصة نجاح

وقد قام الكثير من الأطفال الذين أنهوا دراستهم في مدرسة أيوب غير الرسمية في إسلام أباد بمتابعة تعليمهم الثانوي والجامعي، واليوم لديهم وظائف ما كانوا ليحلموا بها أبداً. ويقدر أيوب أن 20 بالمائة من الطلاب ينهون الصف العاشر، ونحو 10 بالمائة يستمرون لإكمال تعليمهم الجامعي. وأصبح كثيرون، مثل ياسمين نواز، وهي أم لثلاثة أطفال تبلغ من العمر 30 عاماً وتخرجت من المدرسة في عام 1994، معلمون أيضاً. "أنهيت المرحلة المتوسطة، أي الصف الثامن، ثم لم يستطع والداي إرسالي إلى المدرسة الثانوية، ولكن السيد أيوب قال أنني يجب أن أكمل دراستي، ودفع نفقات الكتب المدرسية ورسوم تسجيلي في الامتحانات، وفي المقابل، قمت بالتدريس هنا في المدرسة. ثم عملت كمعلمة في أماكن أخرى أيضاً".

وعلى الرغم من العائد الواضح على هذا الاستثمار وتعهد باكستان بإنفاق ما لا يقل عن 4 بالمائة من إجمالي ناتجها المحلي على التعليم، فقد تم خفض هذا الرقم. فلا يتعدى الإنفاق على التعليم اليوم نسبة 1.5 بالمائة من إجمالي الناتج المحلي في باكستان، وفقاً للفريق العامل المعني بالتعليم في باكستان (صفحة 67). وقال علي أن "الحكومة أدركت هذه المشكلة في وقت مبكر. كنا نعمل بجد، بمفردنا ومع شركائنا الرئيسيين، وخاصة الحكومة البريطانية، لتحسين الوضع. هناك الكثير الذي يتعين القيام به، ولكن الحكومة اتخذت بعض القرارات الهامة ونفذتها أيضاً".

وتشمل هذه الجهود استثمارات في تدريب المعلمين والبنية التحتية وتوفير الكتب المدرسية للطلاب، ولكن الأمر لا يقتصر على مجرد إدخال الأطفال إلى المدارس. فيقول المحللون أنه يجب التصدي لمسألة جودة تعليمهم أيضاً. وفي تصريح لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين)، أفاد عباس رشيد، المدير التنفيذي للجمعية المستقلة للنهوض بالتعليم، أن "أحد الحلول للمشاكل في قطاع التعليم في باكستان هو أن يقوم القطاع الخاص بملء الفراغ،" مضيفاً أن "نحو 30 بالمائة من الطلاب يدرسون في مدارس خاصة، ولكن أي نوع من التعليم هو الذي يحصلون عليه؟"

سوء حالة التعليم

يقول المحللون أن الأهالي يفضلون المدارس الخاصة على المدارس الحكومية، على الرغم من ارتفاع الرسوم، لأن نوعية التعليم في هذه المدارس غالباً ما تكون أفضل قليلاً. ولكن وفقاً لرشيد "المسألة هي أن الأفضل لا يعني بالضرورة أنه كافٍ". فوفقاً للتقرير السنوي عن حالة التعليم والذي صدر في عام 2011، من إعداد منتدى جنوب آسيا لتطوير التعليم، 45 بالمائة من طلاب الصف الخامس في المدارس الحكومية يستطيعون فقط قراءة قصص مخصصة للصف الثاني باللغة الأردية. وكانت هذه النسبة أفضل قليلاً في المدارس الخاصة، إذ بلغت 57 بالمائة.

- الهدف الإنمائي للألفية 2015 المتعلق بالتعليم في خطر
- يحصل 30 بالمائة من السكان على أقل من عامين من التعليم
- السياسة تعيق التقدم


وينعكس قلق الأهالي بشأن جودة التعليم في حقيقة أن العديد من الطلاب في مدرسة محمد أيوب يذهبون إلى المدارس الحكومية في الصباح. فتذهب ريمشا صموئيل التي تبلغ من العمر سبع سنوات إلى مدرسة إبتدائية حكومية في الصباح، وبعد الغداء، تتوجه إلى مدرسة أيوب لتلقي المزيد من الدروس. وقالت صموئيل: "بعد أن أدرس هنا، أفهم دروسي جيداً، ولا أنسى وأحقق نتائج جيدة في الاختبارات".

نقص الموارد ليس المشكلة الوحيدة

وفي الوقت نفسه، يقول أيوب: "هل أعتقد أن نظام التعليم في باكستان قد خذل أطفال هذا البلد؟ بالتأكيد ... ولكن السبب في ذلك ليس نقص الموارد. إذا كانت مجرد مسألة موارد، فمن أين حصلوا على المال الكافي لبناء كل هذه المباني المدرسية التي لا يقوم المعلمون فيها بالتدريس ... كل ما في الأمر أنه ليست هناك رغبة حقيقية في تحسين الوضع". ويتفق الخبراء على أن مجرد إغداق الأموال على المشكلة لن يحلها، وأن السياسة والحكم هي القضايا التي يجب أن يتم التعامل معها في نفس الوقت لتحقيق أي نتائج دائمة. وأكدت فريحة ظفار، وهي خبيرة تعليم مستقلة، أن "المال هو إحدى الأمور الرئيسية، ولكن هناك مشكلة في كيفية صنع السياسات التي يتم تغييرها باستمرار، وعدم الاستفادة من البحوث التي أجريت على هذا القطاع".

المساءلة

وأضافت أن "هناك مسألة الحكم. لا توجد آليات للمساءلة. على سبيل المثال، حتى لو كان لديك ما يكفي من المعلمين - ونحن ليس لدينا عدد كافٍ - إذا لم يكونوا متواجدين في المدرسة، سيستحيل تحقيق أي شيء".

ووفقاً لتقديرات مشروع التعلم والتحصيل التعليمي في مدارس باكستان (LEAPS) والفريق العامل المعني بالتعليم في باكستان، يتغيب المعلمون في المدارس الحكومية 20 بالمائة من الوقت، على الرغم من أنهم يتقاضون أجوراً أعلى من نظرائهم في القطاع الخاص ويتمتعون بقدر أكبر من الأمن الوظيفي. كما أن المعلمين في المدارس الحكومية غالباً ما يستخدمون الصلات السياسية والعمل النقابي لحماية أنفسهم.

وأفادت ظفار: "حتى إذا بينت تقارير مسؤول كبير أن أحد المعلمين لا يؤدي عمله أو حتى لا يحضر إلى المدرسة، يبقى من الصعب للغاية اتخاذ إجراءات ضده لأنه سيشتكي إلى النقابات أو يستعين بأحد أعضاء الجمعية الوطنية. وحتى لو تحققت [مساءلة المعلمين]، فإن جودة التعليم والكتب المدرسية هي مشكلة أيضاً. ولذلك يجب مراعاة كافة هذه الأمور، وليس فقط ما ينفق على التعليم، وإنما كيف يُنفَق؟"

rc/kb/cb-ais/bb

Share this article

Get the day’s top headlines in your inbox every morning

Starting at just $5 a month, you can become a member of The New Humanitarian and receive our premium newsletter, DAWNS Digest.

DAWNS Digest has been the trusted essential morning read for global aid and foreign policy professionals for more than 10 years.

Government, media, global governance organisations, NGOs, academics, and more subscribe to DAWNS to receive the day’s top global headlines of news and analysis in their inboxes every weekday morning.

It’s the perfect way to start your day.

Become a member of The New Humanitarian today and you’ll automatically be subscribed to DAWNS Digest – free of charge.

Become a member of The New Humanitarian

Support our journalism and become more involved in our community. Help us deliver informative, accessible, independent journalism that you can trust and provides accountability to the millions of people affected by crises worldwide.

Join