خطت مسألة توفير الرعاية الصحية المجانية لملايين النساء والأطفال في بعض أفقر بلدان العالم خطوات واسعة مع كشف رئيس الوزراء البريطاني جوردون براون يوم 23 سبتمبر عن برنامج بقيمة 5.3 مليار دولار لهذا الغرض.
وستتكفل هذه الأموال بتخفيض مصاريف الرعاية الصحية لحوالي 10 ملايين شخص – معظمهم من النساء والأطفال - في كل من مالاوي وليبيريا وسيراليون وغانا ونيبال وبوروندي وستساهم في خفض معدل الوفيات النفاسية في البلدان المذكورة. وخلال إعلانه عن هذه المبادرة، قال براون أن الرسوم التي تفرض على الفقراء مقابل حصولهم على خدمات الرعاية الصحية - حتى ولو كانت بضعة سنتات فقط - "أصبحت بمثابة عقوبة إعدام بالنسبة للملايين".
والالتزام بالتمويل هو نتاج 12 شهراً من العمل من قبل الفريق الخاص بالتمويل الدولي المبتكر لأنظمة الرعاية الصحية الذي يشترك في رئاسته كل من براون ورئيس البنك الدولي روبرت زوليك وسيتضمن أيضاً تعهدات بتوفير 3 مليارات دولار من قطاع السفر على شبكة الانترنت.
والهدف من هذه الحملة هو مساعدة البلدان النامية في الوصول إلى الأهداف الإنمائية للألفية المتعلقة بالصحة بحلول عام 2015 ويتمثل التمويل بالتزامات وليس توفير أموال نقدية بشكل مباشر.
وقالت باربرا ستوكينج، مديرة منظمة أوكسفام – بريطانيا أن بيان براون شديد اللهجة الذي عارض فيه فرض رسوم على المستفيدين من الرعاية الصحية لا يقل أهمية عن التعهدات المالية. وأضافت قائلة: "ربما قد ربحنا معركة في النهاية... معركة مهمة تتعلق بالرسوم التي تفرض على الفقراء وتمنعهم من الحصول على الرعاية الصحية".
وكان الدور الذي تلعبه رسوم الرعاية الصحية في سياسات التنمية محل جدل منذ فترة طويلة. وقد كسبت هذه الرسوم في البداية تأييد البنك الدولي وصندوق النقد الدولي في بداية الأمر كوسيلة لتمويل تكاليف الرعاية الصحية في الثمانينيات، ولكن براون وصفها بأنها "سياسة تنموية سيئة".
تكلفة رسوم الرعاية الصحية
وطالبت العديد من المنظمات غير الحكومية التنموية بشدة بإلغاء هذه الرسوم لأنها ترى أنها تساهم بنسبة ضئيلة جداً - لا تتجاوز الـ 5 بالمائة - من الميزانيات الوطنية التي تضعها الدول للرعاية الصحية وتعاقب الفئات الأشد ضعفاً في المجتمع بفرضها عليه.
وترتبط في الكثير من الأحيان معدلات وفيات الأطفال والوفيات النفاسية المرتفعة برسوم الاستفادة من خدمات الرعاية الصحية. وتقول منظمة أوكسفام أن500,000 امرأة يفقدن أرواحهن سنوياً لعدم تمكنهن من الحصول على خدمات الرعاية الصحية أثناء الحمل والولادة. ووفقاً لمنظمة إنقاذ الطفولة - المملكة المتحدة، يمكن إنقاذ حياة 285,000 طفل سنوياً من خلال إلغاء رسوم الرعاية الصحية.
وفي هذا الإطار، قال سايمون رايت، رئيس قسم الصحة في منظمة إنقاذ الطفولة - المملكة المتحدة أنه سيكون لهذه الخطوة تأثير مباشر على الرعاية الصحية، حيث قال: "عندما ألغت أوغندا رسوم الاستفادة من الرعاية الصحية ارتفعت الزيارات للمراكز الصحية والعيادات بنسبة 160 بالمائة. لقد كان الناس ينتظرون إخبارهم أنهم لن يضطروا إلى بيع ممتلكاتهم أو صرف مدخراتهم من أجل زيارة الطبيب".
وقال رايت أنه في الوقت الذي ما تزال الرسوم تفرض على المستفيدين من خدمات الرعاية الصحية في العديد من البلدان النامية، لا يوجد الآن سوى عدد قليل جداً من أنصار هذه الرسوم، حتى البنك الدولي نفسه لم يعد مؤيداً قوياً لها.
وقال زوليك، الذي شارك في رئاسة اجتماع فريق العمل مع براون على هامش اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة أنه يجب تقديم خدمات الرعاية الصحية مجاناً "عندما ترى الحكومات أن ذلك هو الاختيار الأفضل".
أما ستوكينج فأوضحت أنه لا بد من التخطيط المسبق وتوفير التمويل الكافي قبل المطالبة بإلغاء رسوم الرعاية الصحية، حيث قالت: "عليك أن تكون حذراً فربما تتراجع نوعية الخدمات المقدمة. ولهذا السبب المال مطلوب...للتأكد من توفر مراكز الرعاية الصحية الأساسية والعاملين الصحيين والأدوية".
as/oa/mw - dvh
"
