ولدت هاوو ناغاش، البالغة من العمر 40 عاما، في منطقة وادي جوبا، جنوب الصومال. وقد أدى زواج جدها الإريتري من صومالية إلى حرمان الأسرة من انتمائها القبلي معرضا إياها لكثير من المعاناة خصوصا في أوقات الحرب.
وتحكي هاوو قصتها قائلة: "تم القبض على والدي وتعذيبه. وبعد الإفراج عنه عام 1991 وعدم قدرته على تحمل الأوضاع في الصومال، اتفق مع أخواتي وإخواني على المغادرة والالتقاء في دوبلي ثم العبور منها إلى كينيا.
اضطررنا للإسراع في الهروب من كيسمايو إلى دوبلي بسبب تفاقم الوضع هناك واندلاع المواجهات في كل الأرجاء. وفي أحد الأيام، ونحن مختبئون، دخل علينا أربعة رجال مسلحين وبدؤوا يضربون زوجي، الذي كان يدعى عبدول، بأعقاب بنادقهم ثم أطلقوا عليه النار وأردوه قتيلا قبل أن يتناوبوا على اغتصابي.
بعد ذلك بثلاثة أيام، أتى والدي الذي كان قد فقد أثر زوجته وتعرض للتعذيب في طريقه إلى دوبلي، وأخذني معه إلى كينيا. مشينا إلى داداب ونحن لا نحمل معنا سوى الملابس التي كنا نرتديها.
تمكنت من إكمال دراستي في داداب عام 1999 ومكنني ذلك من الالتحاق بالعمل لدى بعض المنظمات غير الحكومية. تزوجت مرة أخرى وبدأت أحظى بحياة أكثر استقرارا نوعا ما بالرغم من استمرار التمييز الذي نعاني منه في الصومال.
رزقت بثلاث بنات من زوجي الثاني وأخبرته بأنني أرفض أن أنصاع لعادات وتقاليد الأسر الصومالية وأخضعهن لعمليات ختان. غير أن حماتي عندما علمت بموقفي هذا اعترضت وحاولت إجبار زوجي على ختان بناته أثناء غيابي. وقد شاركتها أختي رأيها هذا مشددة على أن عدم إخضاع البنات للختان سيلحق المزيد من التمييز وربما العار بالأسرة. وقد تمادت حماتي في اعتراضها مجبرة ابنها على تطليقي حيث لم يعد يأتي لزيارة بناته ويمتنع عن تقديم أي دعم لهن خصوصا بعد أن تزوج من امرأة أخرى.
وبالرغم من أن قراري بعدم تعريض بناتي للختان بدأ يجعل حياتنا في المخيم صعبة للغاية، إلا أنني لن أتراجع عنه. فقد رأيت المشاكل الصحية الرهيبة التي يعاني منها الفتيات اللواتي تعرضن للختان، والآلام التي قد ترافقهن طيلة حياتهن إضافة إلى الصعوبات الإضافية التي يواجهنها عند الولادة.
أنا أحب بناتي كثيرا ولا أستطيع أبدا إخضاع بناتي للختان الفرعوني الذي يتم إخضاع الفتيات هنا له بين عمر الخامسة والسابعة. غير أن هذا الموضوع بدأ يتسبب لهن في إزعاج كبير في المدرسة حيث ينفر منهن زملائهن ويصفنهن بالقذرات. وغالبا ما تتعرض البنتان التوأم البالغ عمرهما 11 سنة للضرب في المدرسة مما تسبب لإحداهما في صمم نسبي نتيجة تأثير الضرب على طبلة أذنها.
كنت أعمل لدى منظمة كير الدولية CARE International في المخيم كمستشارة لقضايا المرأة ولكنني اضطررت للتوقف عن العمل للاهتمام ببناتي. فقد كن يتعرضن لمضايقات كثيرة اضطرتني إلى مرافقتهن يوميا إلى المدرسة.
أحاول أن أنشر الوعي بين باقي النساء حول مخاطر ما تعرضن له بناتهن، ولكن القليلات منهن فقط هن اللواتي تمتعن فعلا بالجرأة لفعل ما فعلت. أعتقد أن ذلك يعود إلى كوني عانيت طوال حياتي من التمييز بحيث لم أعد أخشاه طالما أستطيع حماية بناتي من الخضوع للمعاناة الجسدية والنفسية التي يتسبب فيها الختان.
آمل أن أتمكن من الاستمرار في نشر الوعي بين النساء بخصوص حقوقهن.... وأكثر ما أخشاه أن يقوم أحد من أسرتي بخطف بناتي ليلا وإخضاعهن للختان. فنحن لا نتمتع بأية حماية وليس لدينا رجلا يدافع عنا".
"