مع دخول العمليات الإسرائيلية في غزة يومها الرابع عشر، بدأت المنظمات غير الحكومية التي تناصر حقوق الإنسان بجمع شهادات أهل غزة عبر الهاتف.
وأخبرت ساريت ميخائيلي المتحدثة باسم منظمة بتسيلم الإسرائيلية غير الحكومية شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) يوم 7 يناير/كانون الثاني: نحن نجمع الشهادات عبر الهاتف، ولكن الاتصال بأهل غزة يزداد صعوبة ومع ذلك فإن طاقمنا مستمر في المحاولة".
ويقدر عدد ضحايا الهجوم على غزة بحوالي 758 قتيلاً و3,110 جريحاً، وفقاً لوزارة الصحة الفلسطينية.
وفي 6 يناير/كانون الثاني، سمحت السلطات الإسرائيلية بإذاعة شهادة مقتضبة لجندي إسرائيلي عبر الراديو المحلي الذي قال: "الوضع في غزة مروع، نحن نرى نساءً وأطفال يحملون الرايات البيضاء ويبحثون عن الغذاء، سيستغرق الأمر وقتاً لإعادة تأهيل [غزة]".
بدوره، طالب دان ماغين من منظمة "أطباء من أجل حقوق الإنسان" غير الحكومية الإسرائيلية وزير الدفاع بفتح ممرات إنسانية والسماح للجرحى الفلسطينيين بتلقي العلاج في مستشفيات إسرائيل: وقال لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين): "هذا قليل جداً. إن فتح ممرات إنسانية دون السماح للجرحى بدخول إسرائيل ليس إلا خطوة لتحسين صورة إسرائيل".
التهدئة
وأخبر نائل شعث، 40 عاماً، وأب لأربعة أطفال شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) عبر الهاتف من منزله في حي النصر في وسط غزة بعد ساعات من الإعلان عن بدء تطبيق ساعات التهدئة الثلاث يوم 6 يناير/كانون الثاني: "سمعت عن التهدئة من صديق قبل ساعتين. ولكنني لم أشعر بأي شيء لأن ثلاث ساعات يمكن أن تمر دون أن تسمع أي شيء. هذا يحدث عندما يكون القصف في منطقة أخرى. كما لم أشعر بزيادة في حركة الناس في الشوارع. ربما لم يسمعوا عن التهدئة إذ أن الجميع تقريباً معزولون عن العالم الخارجي. لا يوجد كهرباء لمشاهدة التلفاز أو سماع الراديو. وحتى البطاريات باتت شحيحة هذه الأيام".
وأضاف قائلاً: "أعتقد أن الناس سيخرجون من منازلهم بغض النظر إذا كان هناك تهدئة أم لا. كنت في الخارج لجلب بعض الماء لاستعمالات المنزل قبل أن أسمع عن ذلك. أعتقد أن الخبر الذي سيتناقله الناس بسرعة وسيكون محط اهتمامهم هو عودة الكهرباء إلى المنازل من الجديد".
القصف
وشهادة عبد الله توفيق حمدان، وهو شرطي يبلغ من العمر 44 عاماً، من مدينة غزة هي نموذج شائع للشهادات التي جمعتها منظمة بتسيلم والذي قال:
"تسكن أسرتي في منزل مكون من ثلاثة طوابق في حي الزيتون في مدينة غزة. في يوم الأحد [28 ديسمبر/كانون الأول] قرابة الساعة السابعة مساءً كنا نجلس حول نار أشعلناها في فناء المنزل. كان الطقس بارداً ولم يكن لدينا كهرباء لتدفئة المنزل. قمت بتشغيل المحول من أجل الإنارة، وعندها سمعت أصوات الطائرات التي كانت تحلق في السماء. سمعت صوت طنين وخلال ثوانٍ وجدت نفسي تحت الأنقاض. لم أدرك ماذا حدث لي ولأسرتي فبدأت أصرخ طلباً للمساعدة. كان الدخان كثيفاً. لم أتمكن من رؤية أي فرد من أفراد أسرتي الذين كانوا يجلسون معي قبل بضع دقائق.
وأضاف عبد الله وهو أب لأربعة أطفال: "استغرق الأمر بضع دقائق قبل أن أدرك أن المنزل قد انهار بسبب القنبلة. هرع الجيران لإخراجنا من تحت الأنقاض وأخذوا أفراد أسرتي إلى المستشفى، بعضهم بالسيارة وبعضهم الآخر في سيارة إسعاف. تم نقلي إلى مستشفى الشفاء حيث قام الأطباء بمعالجتي. كنت أعاني من جرح بسيط في الساق. وعندما سألت أقاربي عن حال باقي أفراد أسرتي قالوا لي أن زوجتي أصيبت بكسر في الحوض وأن الآخرين يعانون من جروح بسيطة ولكنهم لم يجدوا ابنتي الصغيرة ابتهال. أرعبني الأمر وشعرت بقلق شديد".
"وفي الصباح الباكر ذهب أخوتي إلى المنزل للبحث عن ابتهال، بحثوا تحت الأنقاض إلى أن وجدوا جثتها في المطبخ في الطابق الثاني".
"يقع منزلنا في منطقة هادئة. لا أعتقد أن هناك أهدافاً عسكرية في منطقتنا. ولا يوجد لدينا أقارب أو جيران من المطلوبين. لازلت أشعر بالصدمة. ففي بضع دقائق انقلبت حياة أسرتي رأساً على عقب".
