وكانت مالي قد دخلت في حالة من الفوضى في بداية عام 2012 وأدى تدخل القوات الفرنسية في يناير 2013- لوقف تقدم المسلحين الإسلاميين نحو الجنوب- إلى زيادة حدة القتال والتسبب في المزيد من النزوح للسكان.
وحتى مارس 2013، أصيب 53 شخصاً جراء بقايا المتفجرات المنتشرة في المنطقة منذ أبريل 2012، من بينهم 38 طفلاً. ومنذ ذلك الحين لقي خمسة أطفال وشخصان بالغان حتفهم بسبب المتفجرات، طبقاً لما ذكره صندوق الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف).
وقال إدواردو كيو، مسؤول شؤون الإعلام في المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في مالي: "نحن ننصح الناس بشدة أن لا يعودوا إلى منازلهم إذ لم تتم تهيئة الأوضاع الأمنية بعد. وسيكون تطهير الألغام والذخائر غير المنفجرة أحد الشروط لعودة الناس. نحن نحث الناس على البقاء في الأماكن المتواجدين فيها".
وقال كيو أن تقارير غير مؤكدة تشير إلى أن حوالي 250 شخصاً يعودون إلى منازلهم كل أسبوع. وفي تصريح لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين)، قال كيو أن "الطريق مفتوح وهناك حافلات من باماكو إلى موبتي، لكن هذا هو الحد الأدنى من التدفق. لم يعد مسؤولو الحكومة الإقليمية والمحلية ولذلك لا توجد إدارة حكومية في تلك المناطق، كما لم يتم بعد استئناف الخدمات".
وتشير التقديرات إلى نزوح 431,000 شخص (260,666 نازح داخلي و170,313 لاجئ) كما يوجد 4.3 مليون شخص بحاجة إلى المساعدات الإنسانية، وفقاً لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا).
ويبدو أن قذائف الهاون والمدفعية والصواريخ والقنابل اليدوية والرصاص وقنابل الطائرات المهملة متمركزة في بلدات ديابالي ودووينتزا وكونا وغاو.
وفي تصريح لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين)، قال هكتور كالديرون رئيس شؤون الاتصال لدى اليونيسف في مالي أن "الذخائر غير المنفجرة منتشرة في كل مكان في الشوارع وبالقرب من المدارس والمراكز الصحية. والأطفال هم الأكثر عرضة للخطر لأنهم يركضون ويلعبون ويلتقطون بقايا المعدات الحربية".
وكان الانفصاليون الطوارق والمسلحون الإسلاميون المرتبطون بالقاعدة قد سيطروا على شمال مالي بعد الإطاحة بالحكومة في مارس 2012. وعلى الرغم من طرد المسلحين الإسلاميين من معظم أنحاء المنطقة، إلا أن توصيل المساعدات الإنسانية مايزال يشكل صعوبة والوضع الأمني محل شكوك.
وقد وصف صديقي البالغ من العمر 13 عاماً كيف دمر القتال العنيف مدرسته في كونا. وقال صديقي في تعليقاته إلى اليونيسف أن "الجنود كانوا يطلقون الصواريخ خلف مبنى المدرسة مباشرة. وكان هناك الكثير من الصخب وكنت خائفاً. اعتقدت أن الرصاص سيصل إلينا. فقمنا بالجري بعيداً. لقد جرى الجميع وذهبوا إلى بيوتهم".
وأضاف صديقي قائلاً: "عندما رجعنا وجدنا مدرستنا مدمرة. كانت هناك ثقوب كبيرة في الجدران. وذخائر في كل مكان في باحة المدرسة من جميع الأنواع الصغير منها والكبير".
تهديد مباشر
وقال مارك فايلانت، مسؤول البرامج في دائرة الأمم المتحدة للأعمال المتعلقة بالألغام في مالي، أن "بقايا متفجرات الحرب تمثل تهديداً مباشراً لأرواح الناس وأطرافهم، لكنها تؤثر سلباً أيضاً على سبل العيش وتعطل الحياة اليومية للناس. كما يعتبر انتشار مثل تلك الأشياء الخطيرة مصدراً واضحاً للخوف والقلق الذي يمنع المجتمعات المتضررة من استئناف حياتها الطبيعية".
وفي ديسمبر، أشارت تقديرات اليونيسف إلى أن ما لا يقل عن 100,000 طفل عرضة للأذى جراء الذخائر غير المنفجرة. لكن منذ تصاعد الأعمال العدائية مع وصول قوات التدخل التي تقودها فرنسا تضاعف هذا الرقم.
وقال كالديرون أن "المدنيين يشعرون بتهديد تلك المتفجرات. فأحد الأمهات كانت خائفة من إحضار طفلها إلى المركز الصحي لأنها كانت تخشى من أن يكون ملوثاً بالذخائر. من الواضح أن لبقايا الذخائر تأثير على حياة تلك المجتمعات".
وقالت دائرة الأمم المتحدة للأعمال المتعلقة بالألغام أنه على الرغم من أن الجزء الأكبر من الذخائر غير المنفجرة سببه القتال الأخير، هناك أيضاً أخطار من الألغام المضادة للدبابات في شمال مالي على طول الحدود مع الجزائر التي استبقت النزاع الحالي.
وقالت دائرة الأمم المتحدة للأعمال المتعلقة بالألغام أن الأجهزة المتفجرة العشوائية التي يمكن تشغيلها عن بعد والسيارات المفخخة والتفجيرات الانتحارية ومخازن الذخيرة غير المؤمنة والانتشار واسع النطاق للأسلحة الصغيرة والخفيفة هي من بين التهديدات الأمنية الأخرى.
وقال فايلانت لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين): "لدينا واجب مواجهة ذلك عن طريق النشر السريع لفرق المسح والتطهير وتقديم التوعية بالمخاطر لمن هم بحاجة إليها". وقد قامت دائرة الأمم المتحدة للأعمال المتعلقة بالألغام بنشر فرق المسح في موبتي وتيمبوكتو وتدريب 30 فرداً من الجيش المالي على التخلص من الذخائر غير المنفجرة.
وقد اكتشفت القوات الفرنسية- التي تقاتل الآن جنباً إلى جنب مع القوات التشادية ضد المتمردين الإسلاميين في جبال أفوجاس بالقرب من الحدود الجزائرية- حوالي 800 كيلوغراماً من المواد المتفجرة في منزل في مدينة غاو حيث قامت قوات المسلحين المتبقية الشهر الماضي بشن هجمات انتقامية شملت تفجيرات انتحارية بعد طردهم من المدينة.
ob/cb-hk/dvh