وفي أعقاب حملة القصف التي استمرت أربعة أسابيع واستهدفت المتمردين الحوثيين الذين كانوا قد أطاحوا بالرئيس المنتخب، تأكد مقتل ما يقرب من 1,000 شخص وتشريد 150,000 آخرين.
ويبدو أن التحالف قد اكتشف أخيراً حجم تلك المعاناة الإنسانية في أفقر بلد في الشرق الأوسط. وقد حذر مسؤولون خليجيون من أن أعداد المصابين "أصبحت تمثل مشكلة" حيث يعتقد كثيرون أن اليمن بأكمله يتعرض للعقاب، وليس الحوثيون الموالون لإيران وحلفاؤهم فقط.
من جانبها، أعلنت الأمم المتحدة عن نداء طارئ لتوفير 274 مليون دولار لتمويل المساعدات الإنسانية في الأشهر الثلاثة المقبلة. وخلال 48 ساعة فقط، كان السعوديون قد تعهدوا بتقديم المبلغ بأكمله.
أهدافها المعلنة ثم تم استبدال عملية عاصفة الحزم يوم الثلاثاء بنهج أكثر عذوبة تمثل في عملية إعادة الأمل: حماية المدنيين ودعم عمليات الإغاثة.
وتجدر الإشارة إلى أن حملة القصف لم تنته بعد، ولكن وتيرتها أصبحت أبطأ على الأقل. وتعمل الأمم المتحدة مع السعوديين لإيصال المساعدات إلى الأشخاص الذين هم في أمس الحاجة إليها. وحتى الآن يبدو الأمر إنسانياً للغاية.
ولكن ما لا يبدو أنه تغير هو القيود المفروضة على السفن والطائرات التجارية، والذي يعتبر غير مسبوق تقريباً، بحسب الوصف الذي أطلقه أحد كبار العاملين في المجال الإنساني خلال حوار مع شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) الأسبوع الماضي.
"في سوريا والعراق وليبيا، انزلقت تلك الدول إلى حرب أهلية، ولكننا لم نر التجارة الحرة مستهدفة على هذا النحو،" كما أفاد، مضيفاً أنه من دون فتح طرق التجارة، سيكون عمل منظمات الإغاثة بمثابة وضع ضمادة على جرح غائر.
وقد تم تشديد الحصار الجزئي الخانق على كل الانشطة التجارية في الأيام الأخيرة، بعد أن أصدر مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة قراراً بفرض حظر على بيع الأسلحة للحوثيين وحلفائهم.
والقول بأن الحصار يُفرض بطريقة طائشة يعد تهويناً من هذا الأمر. فقد ظلت عشرات السفن التي تحمل الوقود الضروري والحبوب وغيرها من السلع راسية قبالة السواحل لعدة أيام في انتظار أن يتم تفتيشها قبل أن تتمكن من تفريغ شحناتها، إذا سُمح لها بإنزال حمولتها على الإطلاق.
كما أن المساعدات تصبح غير ذات صلة إلى حد كبير إذا أدت القيود التجارية إلى حرمان المدنيين اليمنيين - الأغنياء والفقراء على حد سواء - من واردات الوقود والغذاء.
وسيعني هذا أيضاً أن وكالات الإغاثة لن تستطيع أن تؤدي وظائفها، وحتى لو تمكنت من إيصال الإمدادات جواً إلى العاصمة صنعاء وغيرها من المدن، فإنها لن تستطيع أن توزعها من دون وقود.
وسيتعطل نظام المساعدات بأكمله إذا لم يُسمح بدخول السلع الضرورية إلى البلاد. فعلى سبيل المثال، من دون بنزين، لن يستطيع أحد السفر إلى المناطق التي تحتاج إلى إصلاح مضخات المياه، وهذا سيعني توقف إمدادات المياه بشكل فعلي.
كما أصبح إيصال الطعام عملية أكثر تعقيداً بكثير، وارتفعت الأسعار في الأسواق المحلية.
والأهم من ذلك ما يكره العاملون في المجال الإنساني غالباً الاعتراف به وهو أن المساعدات الإنسانية هي في الأساس أمر ثانوي يمكنه أن يحدث فرقاً كبيراً لعدد قليل من الناس، ولكنها لا يمكن أبداً أن تحل محل التجارة.
وتشير البحوث إلى أنه حتى اللاجئين غالباً ما يتعاملون مع المساعدات على أنها فائدة إضافية، وليس أمراً أساسياً.
وبالنظر إلى واردات الغذاء اليمنية، نجد أن البلاد استوردت في عام 2011، 2.6 مليون طن قمح. وجلبت المنظمات الإنسانية حوالي 0.5 بالمائة فقط من هذه الكمية - أو واحد من كل 40 كيساً من الحبوب (انظر الرسم البياني أدناه).
وفي حوار مع شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين)، قال تروند ينسن، رئيس مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في اليمن، أنهم يشجعون السعوديين على استكشاف "طرائق بديلة" لفرض حظر الأسلحة على الحوثيين. وهذا يعني بشكل مبسط تخفيف الحصار البحري.
ولكن إذا استمر الحصار، لن يستطيع جميع العاملين في المجال الإنساني في العالم أن يحدثوا فرقاً كبيراً.
jd/ag-ais/dvh