1. الرئيسية
  2. East Africa
  3. Somalia

جدل حول إصلاح مجلس الشيوخ في أرض الصومال

Night in Hargeisa, Somaliland. For generic use Tristam Sparks/Flickr

قام شيوخ العشائر في مجلس الشيوخ في برلمان أرض الصومال على مدار العشرين عاماً الماضية بالتفاوض من أجل حل الخلافات بين العشائر والحفاظ على السلم وهو ما أبعد بعناية أرض الصومال التي أعلنت نفسها جمهورية عن مصير جنوب ووسط الصومال الذي سقط في حرب أهلية دموية طويلة بعد انهيار حكومة الرئيس سياد بري عام 1991.

وفي عام 2001 أقرت أرض الصومال دستوراً قام بتنصيب الجورتي، وهو مجموعة من الشيوخ التقليديين في مجلس الشيوخ، معطياً إياهم صلاحية تشريعية. ولكن لم يتم أبداً انتخابهم كما أن فترة ولايتهم الدستورية المحددة بست سنوات قد تم تجاهلها. والآن يعقد الزعماء في أنحاء أرض الصومال مناقشات جادة بشأن أفضل طريقة لإصلاح هذا المجلس لتجنب أزمة دستورية.

ما هو الجورتي؟

وفي تصريح لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) قال إدوارد بايس، مدير معهد البحوث الأفريقية في لندن، أن الجورتي هو منتدى تقليدي للشيوخ من أجل الوساطة. ومنذ زمن سحيق كان هذا المجلس وسيلة لتسوية النزاعات".

وقد اعتاد الشيوخ الاجتماع تحت ظل شجرة السنط للتحكيم في النزاعات مستخدمين عملية قانونية عرفية معروفة في الصومال باسم "أكسير". وتقوم الأطراف المتنازعة بعرض مشاكلها على الشيوخ حيث تتواصل المباحثات إلى أن يتم التوصل إلى قرار.

وكانت أرض الصومال قد انخرطت في حرب انفصالية وحشية مع الصومال وهو ما أدى إلى سقوط الرئيس الصومالي محمد سياد بري في عام 1991. وفي مايو 1991 أعلنت أرض الصومال استقلالها وذابت الصومال في حروب أهلية وانتهى بها المطاف إلى فشل الدولة. ولكن عندما مزق العنف أرض الصومال، قام مجلس الجورتي بالتدخل.

وقال محمد فرح حرسي الباحث في أكاديمية السلام والتنمية في هرجيسا عاصمة أرض الصومال الذي تحدث في ندوة في نيروبي بكينيا أن "الجورتي كان أحد المؤسسات الرئيسية التي تعمل في ذلك الوقت".

وقد اجتمع شيوخ العشائر معاً في عدد من مؤتمرات السلام في بداية التسعينيات وكان أبرزها مؤتمر الشيوخ في بوراما في عام 1993. وقد أدى هذا المؤتمر إلى إنشاء مجلس الجورتي المكون من 82 عضواً والذي أضفى الطابع الرسمي على نظام الوساطة كهيئة برلمانية. وفي بوراما انتخب أيضاً مجلس الجورتي رئيس أرض الصومال ونائب الرئيس.

وقال ماركوس هونه وهو ناقد قوي لنظام الجورتي المعاصر وزميل باحث في معهد ماكس بلانك لعلم الإنسان الاجتماعي: "لقد كانوا صانعي السلام لأرض الصومال. هؤلاء الناس وضعوا أرواحهم على خط النار. لقد ذهبوا إلى مناطق نزاع مختلفة وكانوا معرضين في أغلب الأحيان لخطر شخصي كبير".

ويعتقد هونه أنه في بداية تسعينيات القرن الماضي كان الجورتي أداة في إعادة بناء البلاد ولكنه قال أن دور الجورتي وتكوينه الآن يعتبر عتيقاً.

وكان الجورتي مسؤولاً عن صياغة مسودة دستور أرض الصومال الذي تمت الموافقة عليه في استفتاء عام 2001 بأغلبية ساحقة.

وطبقاً للدستور، توكل إلى الجورتي "مسؤولية تمرير القوانين المرتبطة بالدين والتقاليد والثقافة والأمن" بالإضافة إلى مراجعة التشريعات التي يتم الموافقة عليها من قبل مجلس النواب.

وفي تصريح لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) قال أدم حاجي علي أحمد، مدير معهد دراسات السلام والصراع في جامعة هرجيسا أن "أعضاء الجورتي هم مركز الثقل وهم حجز الزاوية. فجميع الناس في أرض الصومال يثقون في الجورتي. فهو يعطي مواعظ عن السلام".

لماذا كان الجورتي فعالاً جداً؟

يوجد في أرض الصومال عدد كبير من العشائر وفروعها ولكل منها هيكل السلطة الخاص به. ونظراً لأن سكان أرض الصومال البالغ عددهم 3.85 مليون نسمة منتشرون في مساحة كبيرة- 55 بالمائة من السكان من البدو الرحل- فإن الحكم من إدارة مركزية يعد أمراً صعباً.

وقالت أسمهان عبد السلام حسن من شبكة نجاد (NAGAAD) وهي منظمة مظلة لجماعات حقوق المرأة في أرض الصومال في ندوة في نيروبي: "لدينا مجتمع مجزأ ومقسم بصورة كبيرة". وفي العديد من المناطق في أرض الصومال يعتبر القانون العرفي الأكثر فاعلية وغالباً ما يكون الوسيلة الوحيدة للوساطة ومعالجة النزاعات".

وللتفاوض بين الفصائل المتحاربة تحولت أرض الصومال إلى شيوخها الذي كانوا مسؤولين عن كل فصيل. وقال أحمد: "لقد حصلوا على سلطتهم من القانون العرفي ومن العشائر".

وقال بايس: "لقد قاموا بالبناء على الآليات التقليدية- لم يكن هناك أحد من الخارج يخبرهم ماذا عليهم أن يفعلوا. لقد كان هناك تقاليد بأن الاجتماع الصومالي لا ينتهي حتى يتم التوصل إلى توافق في الآراء".

وقد استمر مؤتمر بوراما في عام 1993 لمدة أربعة أشهر، ولكن نتج عنه إطار عمل شامل وخارطة طريق للمضي قدماً. وتم وضع ميثاق مع خمس مبادئ توجيهية وتم استخدامه كهيكل حاكم مؤقت إلى أن تم وضع مسودة الدستور.

ولأن العديد ممن شاركوا في المؤتمر كانوا يرتبطون بروابط قوية بالحركة الوطنية الصومالية- وهي الحركة الانفصالية التي كانت المفتاح لتكوين أرض الصومال- فقد كانوا مؤثرين جداً في تنسيق تسريح الجماعات المتمردة ونزع سلاحها. وكان ذلك خطوة مهمة لتحقيق السلام.

وفي تصريح لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين)، قال جون-بول عزام، أستاذ الاقتصاد في كلية تولوز للاقتصاد بفرنسا، أن "هؤلاء الشيوخ من عشائر مختلفة يريدون الحفاظ على الرفاهية لأطفالهم وأحفادهم بعد ذلك. وبالنسبة لهم ما يهم هو التطور الجماعي وهو ما يحدث للعشيرة".

وللأقليات أيضاً تمثيل كبير داخل مجلس الجورتي. وقال حرسي أن "أحد المبادئ الرئيسية للجورتي هو الشمولية، مما يعني إدراج جميع العشائر". فالجورتي هو هيئة صنع القرار الوحيدة التي ترتكز بصورة أساسية على تقاسم السلطة بين كل الجماعات.

ويميل مجلس النواب إلى أن تسيطر عليه العشائر الكبرى ولذلك فإن الجورتي هو آلية مهمة لإشراك جميع أفراد مجتمع أرض الصومال. ولكن منذ عام 1993 حدث تحول في التحالفات العشائرية ولم تعد العشائر نفسها تسير على نفس المنوال. وهذا يعني أن تكوين الجورتي سيحتاج إلى تغيير إذا أريد له أن يعكس كل أرض الصومال.

إذاً ما هي المشكلة؟

لم يتم أبداً انتخاب الجورتي، وإذا توفى أحد شيوخ العشيرة أو تقاعد يذهب مقعده إلى واحد من ذريته. ويشعر الكثيرون بأن هذا يقوض شرعية المجلس.

وقال أحمد أن "العديد ممن لديهم الخبرة وكبار السن قد ماتوا. والشباب الذين يأتون لا يعرفون شيئاً عن الثقافة ولا القانون العرفي ولا تاريخ أرض الصومال".

ولا يضم الدستور توجيهاً حول كيفية اختيار أعضاء مجلس الجورتي بل ينص ببساطة على أن "أعضاء مجلس الشيوخ سيتم انتخابهم بأسلوب يحدده القانون العرفي". ولابد أن يتم صياغة القانون الذي يحكم هذا القرار.

وقال محمد محمود المدير التنفيذي لمنتدى الجهات الفاعلة غير الحكومية في أرض الصومال: "نعتقد أن العملية الديمقراطية في أرض الصومال قد حققت تقدماً هائلاً. ولكن هناك العديد من التحديات أمامنا بخصوص الجورتي".

وهناك أيضاً اتهامات بأن الجورتي فقد استقلاليته وأنه ينحني الآن أمام الضغوط التي تمارس من قبل الرئيس. فقرار الجورتي الأحادي بتأجيل الانتخابات الرئاسية في 2008 كان ينظر إليه من قبل البعض على أنه مؤشر على أن حيادهم قد تعرض للشبهة.

وفي حديثه مع شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) قال بايس أن "الكثير من أحفاد الأعضاء الأصليين ينظرون إليه كفرصة عمل. وهذا لا يتماشى مع روحه الأصلية". لم يكن الشيوخ يحصلون على أجر مقابل خدماتهم في حفظ السلام والتحكيم بين الناس.

إضافة إلى ذلك، يعتبر الكثيرون الجورتي بأنه غير مجهز بصورة جيدة للتعامل مع بعض مسؤولياته التشريعية. وأضاف بايس أنه "لا يوجد بأي حال معرفة عامة بالقراءة والكتابة في الجورتي. فإذا كان هناك مشروع قانون مالي مكون من 450 صفحة فستكون تلك معضلة".

وأشار حرسي إلى أن "التقاليد مهمة جداً لبناء السلام ولكن ليس لبناء الدولة. فالشيوخ يمكنهم بناء السلام ولكن لا يمكنهم بناء دولة".

ويقول بعض المحللين أن الجورتي يحتاج إلى أن يكون أكثر شمولاً للجنسين في تمثيله. فمن الناحية التقليدية لا يتم تعيين النساء كشيوخ للعشائر وكان أول مجلس للشيوخ بعد بوراما مجلس كله من الذكور. ومنذ ذلك الحين ورثت عدد قليل من النساء مقاعد أزواجهن ولكنهن مازلن يمثلن أقلية صغيرة جداً.

وقالت أسمهان حسن من شبكة نجاد أن "المفاهيم الدينية والثقافية الخاطئة تقوض المشاركة السياسية للمرأة". وترى حسن أنه على الرغم من أن النساء يمكنهن لعب دور وساطة مهم داخل مجتمع أرض الصومال، إلا أنهن يُمثلن تمثيلاً ناقصاً جداً من ناحية المشاركة السياسية. وقد أشارت أيضاً إلى أنه بسبب عدم إشراك النساء في وضع مسودة الدستور لا توجد حماية خاصة لهن داخل إطار العمل التشريعي الحالي.


وتضغط شبكة نجاد ومنظمات المجتمع المدني الأخرى من أجل مشروع قانون في البرلمان يعرض فكرة الحصص المخصصة للنساء والأقليات في المناصب الانتخابية. وعلى الرغم من أن التشريع المقترح نال دعم الرئيس الحالي إلا أن مجلس النواب قام بسحبه.

كيف يمكن إصلاح الجورتي؟

وفي تصريح لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) قال مات برايدن، المنسق السابق لمجموعة مراقبة الأمم المتحدة المعنية بالصومال وإريتريا، ومدير بحوث ساهان، وهي مؤسسة فكرية تركز على القرن الأفريقي أن "معضلة أعضاء الجورتي هي أن شرعيتهم تتناقص مع مرور الوقت ولكن في نهاية المطاف هم الملاذ الوحيد لدى أرض الصومال لمثل هذا النوع من القضايا. ومن الخطير جداً أن يغلق الناس في أرض الصومال أعينهم ويأملون بما هو أفضل".

وهناك الكثير من الجدل بشأن كيفية إصلاح مجلس الشيوخ في أرض الصومال وما هي الآلية التي ينبغي استخدامها لاختيار أعضائه. وبصفة أساسية هناك ثلاث طرق قابلة للتطبيق الواسع لاختيار الأعضاء: من خلال الانتخابات أو الاختيار بواسطة المحاصصة أو الترشيح بواسطة العشيرة.

ويرى عزام أن انتخاب أعضاء الجورتي سوف يدمر فاعلية المجلس. وقال أن "شرعية هؤلاء الناس ترجع بدقة إلى حقيقة أنهم ليسوا منتخبين. فالشرعية هي نتيجة لقاعدتهم التقليدية".

وأشار عزام إلى حقيقة أن الجورتي كان منظماً جداً في جمع الضرائب والسيطرة على أعمال العنف. وأضاف أيضاً أن "الفكرة الأساسية عند بناء دولة جديدة هو توفر الإيرادات المالية الأساسية". ويقوم عزام في ورقة بحثية بدراسة دور نظام الجورتي في جمع الضرائب من السكان. وهو يعتقد أنه على الأقل خلال السنوات العشر أو الخمس عشرة القادمة يمكن للجورتي التفاوض بشكل غير رسمي على حل لتقاسم السلطة وأن المجلس لا يحتاج إلى إصلاح كبير.

ويختلف هونه بشدة مع هذا الطرح ويقول أن الحكم السليم يتطلب المزيد من المهنية ويتطلب مشرعين منتخبين وليس شيوخ عشائر. وفي حديث مع لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين)، قال هونه: "إذا كنت ترغب في التنظيم فستحتاج إلى أن يكون لديك نظام رسمي- وإلا فإنك تقوم فقط بتجاهل المتناقضات. وأنا أوصي بأن يتم التخلص من الجورتي وأن يتم إنشاء تعددية قانونية".

مع ذلك، يقر بأن الارتباط الرمزي للجورتي بمجتمع أرض الصومال يعني أنه من المستبعد جداً أن يتم إلغاء هذا النظام. وأضاف قائلاً: "سيكون عليك وضع استراتيجية حفظ ماء الوجه للجورتي. يجب عليك أن تعرض عليهم طريقة لطيفة للخروج، وإلا فإن ذلك سيؤدي إلى نتائج غير سارة للغاية".

وتساءل محمد من منتدى الجهات الفاعلة غير الحكومية في أرض الصومال قائلاً: "إذا تم انتخاب الجورتي فما هو الفرق بين مجلس الجورتي ومجلس النواب؟"

وسيكون أحد الحلول هو إنشاء معيار لاختيار الشيوخ استناداً على مفهوم الشمولية بين الجماعات المحرومة من حقوقها. وقال برايدن: "أرى أن الجورتي يؤدي بشكل أساسي عمل مجلس الشيوخ. ووجهة نظري الشخصية هي الميل نحو التمثيل الإقليمي مع وجود تمثيل متساو لجميع الأقاليم". ويشعر برايدن أيضاً أن مثل هذا النظام سوف يفتح في نهاية المطاف إمكانية إدراج حصص للنساء والشباب داخل الجورتي.

ولكن قبل اتخاذ أي قرار بشأن طريقة اختيار أعضاء الجورتي، يرى أحمد أن عملية أن تصبح شيخ عشيرة تحتاج إلى أن تكون موحدة. وأضاف قائلاً: "يجب علينا أن نقوم بتنظيم نظام الشيوخ أولاً.. يجب أن يكون هناك قانوناً ينظمه. ثم نفكر بعد ذلك وندرس طريقة لجعل مجلس الجورتي مجلساً متكافئ الفرص وتنافسياً للغاية".

والسؤال الآخر يدور حول الدور الذي ينبغي أن يضطلع به الجورتي وما إذا كان أعضاؤه مؤهلين لتولي دور تشريعي. وقال بايس: "سيكون من المفيد جداً أن يكون لديك مجلس تقليدي. ومن الممكن أن يكون هناك أيضاً مجلس وطني للشيوخ ولكن عليهم أن يكونوا محايدين تماماً ومن خارج النظام".

ولكن بايس يشعر بأنه مهما كان الحل، سيحتاج أن يكون حلاً نابعاً من الداخل.

واختتم بالقول: "الجواب الصحيح هو أن الأمر متروك لهم لكي يتخذوا القرار. وهذه أشياء صعبة ولكني أعتقد أنه يجب حلها بواسطة السكان المحليين الذين يعرفون ما الذي يجري على الأرض".

aps/kr/rz-hk/dvh
"
Share this article

Get the day’s top headlines in your inbox every morning

Starting at just $5 a month, you can become a member of The New Humanitarian and receive our premium newsletter, DAWNS Digest.

DAWNS Digest has been the trusted essential morning read for global aid and foreign policy professionals for more than 10 years.

Government, media, global governance organisations, NGOs, academics, and more subscribe to DAWNS to receive the day’s top global headlines of news and analysis in their inboxes every weekday morning.

It’s the perfect way to start your day.

Become a member of The New Humanitarian today and you’ll automatically be subscribed to DAWNS Digest – free of charge.

Become a member of The New Humanitarian

Support our journalism and become more involved in our community. Help us deliver informative, accessible, independent journalism that you can trust and provides accountability to the millions of people affected by crises worldwide.

Join