أطلقت المنظمات الصحية والسلطات المحلية في العراق خطة طوارئ للحد من انتشار الكوليرا التي أودت بحياة أكثر من 10 أشخاص من مختلف أنحاء البلاد.
وكان العراق قد سجل حوالي 29,000 حالة من الإسهال الشديد خلال الشهر الماضي بما فيها 1,500 حالة ناتجة عن الإصابة بالكوليرا، خصوصاً في محافظات السليمانية وأربيل وكركوك شمال شرق البلاد، حسب منظمة الصحة العالمية التابعة للأمم المتحدة.
وقالت نعيمة القصير، ممثلة منظمة الصحة العالمية بالعراق بأن المنظمة تتعامل مع الوضع على أنه انتشار" للمرض وليس وباءاً، وبأن اقتصار عدد الوفيات على 10 حالات فقط يدل على أن الوضع تحت السيطرة. غير أنها حذرت من احتمال انتشار المرض إذا لم يتم تحسين جودة المياه وخدمات الصرف الصحي.
وجاء في قولها: "نعتقد بأن الوضع تحت السيطرة ولكننا في الوقت نفسه قلقون جداً حيال الوضع العام للبنية التحتية في العراق، فمن الممكن أن تتسبب الأوضاع المزرية التي تعيشها الأعداد الكبيرة من النازحين والتي تنعدم فيها المياه النظيفة ويقل فيها تعقيم شبكات توزيع المياه لعدم توفر الكلورين في المزيد من الإصابات". وأضافت بأنه تم "إطلاق حملة توعية في مختلف أنحاء البلاد لزيادة وعي الأسر العراقية [حول المرض]".
الحاجة للكلورين
وكانت وزارة الصحة العراقية قد طلبت من وزارة الدفاع أن توفر لها الحماية الأمنية اللازمة لنقل 100,000 طن من الكلورين إلى داخل العراق والتي تم احتجازها على الحدود الأردنية نظراً لاستعمال السائل سابقاً في عمليات إرهابية.
وعن هذا الموضوع، صرح عادل محسن، المفتش العام بوزارة الصحة ببغداد، قائلاً: "نحن بحاجة إلى الكلورين بشكل عاجل. فقد استنفذت العديد من المحافظات مخزونها من هذا السائل وأصبحت المياه توزع من دون تعقيم، وهذا قد يؤدي إلى انتشار الكوليرا في أقاليم أخرى وسط وجنوب العراق".
وأضاف قائلاً: "نحن قلقون جداً خصوصاً بعد أن تم التأكد من إصابة واحدة بالكوليرا في بغداد [وسط العراق] وأخرى في البصرة [جنوب بغداد]. إن هذا يدل على أن المرض لم يعد مقتصراً على الأقاليم الشمالية وقد يشكل كارثة إذا ما انتقل إلى المناطق الأخرى التي تعاني من سوء الصرف الصحي وانعدام تعقيم المياه".
كما تم التبليغ عن العديد من الإصابات التي يعتقد أنها حالات كوليرا في محافظة ديالا شمال شرق البلاد التي شهدت مواجهات عنيفة بين القوات الأمريكية والمسلحين.
من جهته، صرح زريان عثمان، وزير الصحة بإقليم كردستان، بأن عدم اتخاذ إجراءات عاجلة سيؤدي إلى انتشار سريع للمرض في جميع أرجاء البلاد، حيث قال: "يجب أن تعالج مشكلة المياه، وأن يتم توزيع الكلورين يومياً وليس أسبوعياً. كما يتوجب تحسين شبكات الصرف الصحي وتوفير أماكن صحية أكثر ليستقر فيها النازحون".
وأضاف أن "هذا الانتشار يوضح مدى سوء البنية التحتية بالعراق" وأن "على الحكومة أن تكثف جهودها لمواجهة هذه المشكلة".
مرض مستوطن
تعتبر الكوليرا مرضاً بكتيريا مُعدياً، يُـصيب الجهاز الهضمي وبصفة خاصة الأمعاء الدقيقة. وتنتشر الكوليرا عن طريق شرب المياه الملوثة، ويمكن أن تسبب إسهالاً شديداً قد يؤدي في الحالات القصوى إلى الجفاف ثم الموت.
وكان المرض قد بدأ بالانتشار في العراق خلال شهر أغسطس/آب ولكنه ظل مقتصراً على الأقاليم الشمالية الثلاث قبل أن يتم تأكيد إصابتين ظهرتا في كل من بغداد والبصرة. وتعتبر الكوليرا مرضاً مستوطناً بالعراق، حيث يتم التبليغ سنوياً عن حوالي 30 حالة. وكان آخر انتشار وبائي للمرض قد حصل عام 1999 عندما تم اكتشاف 20 إصابة في يوم واحد، حسب تصريحات عادل محسن، الذي جاء في قوله أيضاً بأن "حوالي 1,806 مركزاً صحياً في العراق تقوم يومياً بفحص منابع المياه في مختلف المناطق للكشف عن المياه غير الآمنة قبل أن تتسبب في انتشار المرض في مناطق أخرى. كما يبث التلفزيون في بغداد وفي المناطق الجنوبية إعلانات يومية لتحذير المواطنين وحثهم على غلي المياه".
التدابير الوقائية
ونتيجة لذلك، بدأ المعلمون في العديد من المدارس في بغداد والبصرة بغلي المياه قبل إعطائها للطلبة، حيث قالت زهيرة أحمد، مديرة إحدى المدارس الابتدائية في بغداد: "كان بإمكان الطلبة فيما قبل أن يشربوا من أي مورد للمياه حتى من مياه الحنفيات بالحمامات. أما الآن، فنقوم بغلي المياه التي يشربونها ونطلب من آبائهم اتخاذ نفس الإجراءات. لست أدري إن كان هذا سيساعد ولكننا نعمل ما بوسعنا للحيلولة دون انتشار الكوليرا".
وأضافت بأن "العديد من الطلبة اضطروا للغياب عن المدرسة بسبب إصابتهم بحالات إسهال. ولكنهم عادوا الآن إلى المدرسة ولم يبق منهم سوى اثنين أو ثلاثة يعانون من المرض، مما يدل على أن المبادرة قد أتت أكلها".
من جهتها، تقوم منظمة الصحة العالمية، التي تعمل بالتعاون مع وزارة الصحة العراقية لمحاولة احتواء المرض، بتوزيع الأدوية اللازمة لمعالجة الكوليرا وحالات الإسهال الشديد، بالإضافة إلى حبوب تعقيم المياه.