1. الرئيسية
  2. Asia
  3. Afghanistan

أفغانستان: العيش في فقاعة كابول

A policeman in Kabul Obinna Anyadike/IRIN
A policeman in Kabul

أدّت الهجمات المتواصلة التي نفذها مؤخراً عددٌ من المقاتلين مستهدفين البرلمان الأفغاني وأهداف عديدة أخرى في المنطقة الدبلوماسية إلى توقّف حركة الأمم المتحدة لفترة مؤقتة في العاصمة كابول، وأثارت الذعر في صفوف عمال الإغاثة بسبب قدرة حركة طالبان على اختراق الأجزاء الأكثر أماناً في العاصمة.

وتعد هذه الهجمات الأخيرة ضمن سلسلة طويلة من الاعتداءات التي دفعت بعمال الإغاثة إلى الاختباء خلف الجدران الإسمنتية وفي الملاجئ. ولكن تبقى كلفة القيود الأمنية المفروضة على عمال الإغاثة باهظة للغاية حتى ولو في يوم اعتيادي في كابول. فوفقاً لأحد عمال الإغاثة، "هذا هو طعم الحياة في ’فقاعة كابول’".

ولا يمكن لوكالات الأمم المتحدة للإغاثة أن تفتح مكاتبها سوى في ما يعرف بالـ"منطقة الخضراء" التي لا تتعدى مساحتها السبعة كيلومتر مربّع، وهي منطقة تخضع لحراسة مشددة وتحتضن مكاتب العديد من السفارات والمنظمات العالمية. وقد كانت هذه إحدى المناطق التي تمّ استهدافها مؤخراً. وتنحصر المناطق القليلة التي يمكن لموظفي الأمم المتحدة أن يسكنوها في أماكن دور الضيافة التي يديرها عدد من وكالات الأمم المتحدة وتخضع لحراسة مشددة وفندق بارك بالاس أو مجمّع مكتب الأمم المتحدة في أفغانستان الذي يبعد حوالى 20 دقيقة عن المدينة ويقبع داخل جدران يبلغ ارتفاعها بين 3 و 4 أمتار، تعلوها أسلاك شائكة. أما المدخل، فتحميه حواجز إسمنتية تم وضعها بشكل متعرّج، بالإضافة إلى نقطتي تفتيش، حيث يقوم حراس الحماية بالتحقق من الهويات والتأكد من عدم إدخال أية قنابل إلى المجمّع، مستخدمين الكلاب والمرايا التي يتمّ تمريرها تحت هيكل السيارة.

وفي هذا المجمّع، يأكل عمال الإغاثة وينامون ويعملون ضمن مهمات قد تدوم لأعوام عديدة. ويتذمّر الكثير منهم من نمط الحياة غير الصحي الذي يعيشونه فيها، فخلال فترة بعد الظهر من نهار الأحد مثلاً، لا يفتح أي مطعم أبوابه في المجمّع، ما يضطر العديد من عمال الإغاثة لتناول البسكويت ومعلبات التونا على العشاء. ولا تشمل هذه الحاويات الجاهزة التي لا يتجاوز بعضها مساحة 14 متراً مربعاً ما يكفي من تسهيلات للطبخ وتقتصر على سرير وحمام منضدة وسخّانين.

وقد تمرّ أيام عديدة دون أن يخرج بعض عمال الإغاثة من المجمّع، علماً أنهم بحاجة إلى انتظار سائق متوفر لذلك. ويقتصر تنقّلهم بين الحاوية التي ينامون فيها وتلك التي يعملون فيها. أما الزوار، فعليهم أن يقدموا لائحة بأسمائهم وجنسياتهم وهوياتهم وأرقام سياراتهم قبل 12 ساعة من زيارة المجمّع.

ويقتصر التنقل إلى حد كبير ضمن كابول على المكاتب الحكومية، وعدد من المطاعم والفنادق أو المجمّعات المحددة التابعة لوكالات إغاثة أخرى. وينصح مسؤولو الأمن بأن يكون التنقل خارج "المنطقة الخضراء" لفترة محدودة فقط.

من جهة أخرى، على عمال الإغاثة التابعين للأمم المتحدة التنقل خارج محيط مدينة كابول ضمن قوافل مؤلفة من سيارتين رباعية الدفع، مقاومة للتفجيرات برفقة فرق مسلّحة من الشرطة الأفغانية في الأمام والخلف.

وغالباً ما يشكو عمال الإغاثة من عدم قدرتهم على التعرّف على السكان المحليين والذهاب إلى السوق، ما يحرمهم من الشعور بكونهم جزء من المجتمع المحلي الذي يعملون فيه.

وتتسبب القيود المفروضة على الاختلاط الاجتماعي لعمال الإغاثة في أفغانستان في تفاقم التحديات النفسية التي يعانون منها. فأفغانستان تندرج ضمن البلدان التي لا يمكن لعمال الإغاثة اصطحاب أسرهم إليها، لذا فهم يكتفون بالتحدث مع العائلة والأصدقاءعبر Skype، في ظل شبكة إنترنت ضعيفة للغاية، في انتظار حلول موعد عطلات الاستراحة والتعويض التي تمنحها المنظمة للموظفين العاملين بمكاتبها في المناطق المصنفة على أنها خطرة أو غير مناسبة للأسر.

وتشكّل تكاليف عطلات الاستراحة والتعويض الإجبارية أحد الأعباء المادية الكثيرة التي تتحمّلها وكالات الأمم المتحدة لدى عملها في مناطق كهذه. ويجب أن نضيف هنا التكاليف المتزايدة للسيارات الرباعية الدفع المصفحة، وشركات الأمن الخاصة التي توفّر الأمن داخل المجمّعات، وحراس الأمن عند البوابة، بالإضافة إلى الخوذات والدروع الواقية للموظفين... وعلى الرغم من اللائحة الطويلة من المستلزمات والإجراءات يبقى النجاح في تأمين الحماية مشكوك فيه. حيث يرى أحد عمال الإغاثة "أن ملايين الدولارات لن تنفع في مواجهة الهجمات التي تشنّها طالبان مؤخراً".

وفي الواقع، لا يمكن المقارنة بين هذه المصاعب وبين ما يعانيه المدنيون الأفغان العالقون وسط هذا الصراع. ويتمثل الثمن الأكبر الذي تدفعه الأمم المتحدة في مثل هذه الحالات في انعكاسات الأوضاع الأمنية على عمليات تقديم الإغاثة.

وهو ما علق عليه لوران سيار، مدير دائرة المساعدات الإنسانية التابعة للمفوضية الأوروبية في أفغانستان، بقوله: "لدينا مجموعة من الأشخاص الذين بالكاد يصلون إلى الميدان. فغالبيتهم من الشباب، ولا خبرة لديهم في البلاد، ولا يعرفون عمّا يتحدّثون. لم يزوروا أفغانستان من قبل، ولم يتنقّلوا داخلها. لم يقوموا بمراقبة أي مشروع عن كثب ولم يمضوا أي وقت مع الشعب الأفغاني. وتقتصر معرفتهم بالأفغانيين على الطباخين وعمال التنظيف والسائقين العاملين لديهم. إنهم لا يعرفون شيئاً عن البلاد، فهم يصلون إلى المطار، يستقلّون سيارة مصفحة، ويتّجهون نحو المجمّع، هذا كل ما في الأمر... إنهم يعيشون في فقاعة كابول".

ha/oa-bb/amz


This article was produced by IRIN News while it was part of the United Nations Office for the Coordination of Humanitarian Affairs. Please send queries on copyright or liability to the UN. For more information: https://shop.un.org/rights-permissions

Share this article

Get the day’s top headlines in your inbox every morning

Starting at just $5 a month, you can become a member of The New Humanitarian and receive our premium newsletter, DAWNS Digest.

DAWNS Digest has been the trusted essential morning read for global aid and foreign policy professionals for more than 10 years.

Government, media, global governance organisations, NGOs, academics, and more subscribe to DAWNS to receive the day’s top global headlines of news and analysis in their inboxes every weekday morning.

It’s the perfect way to start your day.

Become a member of The New Humanitarian today and you’ll automatically be subscribed to DAWNS Digest – free of charge.

Become a member of The New Humanitarian

Support our journalism and become more involved in our community. Help us deliver informative, accessible, independent journalism that you can trust and provides accountability to the millions of people affected by crises worldwide.

Join