منذ شهرين وعبيد جعفر خليفة، 52 عاماً، يشعر بالخوف والقلق حول قدرته على رعاية أبناء أخيه الأربعة بعد وفاة أبيهم خصوصاً وأن عبيد نفسه أب لستة أطفال يحتاجون لرعايته.
وقال خليفة الذي يعمل موظفاً في وزارة الزراعة العراقية والذي ألقيت على عاتقه مسؤولية رعاية أبناء أخيه بعد وفاته هو وزوجته في انفجار سيارة مفخخة قبل خمسة أشهر: يتوجب علي الآن إطعام 10 أطفال بالإضافة إلى زوجتي ونفسي".
وتلقي مأساة أبناء أخ خليفة الضوء على مأساة العديد من أطفال العراق الذي أصبحوا يتامى بسبب العنف الطائفي الذي يمزق البلاد. وكانت منظمة الأمم المتحدة لرعاية الطفولة قد صرحت الأسبوع الماضي في بيان لها بأن عدد الأطفال الذين يتمتهم الحرب قد زاد بسبب ارتفاع حصيلة القتلى من المدنيين.
وتشعر اليونيسيف بالقلق المستمر حيال الأعداد المتزايدة من الأطفال المستضعفين في العراق والذين فاق عددهم قدرة البلاد على رعايتهم.
ضغط لأبعد الحدود
وأفاد التقرير بأن "العائلات التي أوكلت إليها رعاية الأطفال الذين فقدوا واحد أو كلا الوالدين تعاني من ضغط يفوق قدرتها وهي لا تستطيع تحمل المزيد من الأعباء".
"تعاني أختاي بدرجة أكبر، فهناك العديد من الرجال السيئين في بغداد الذين يريدون إيذاءهما. عندما نعمل تبقى أخواتي بالقرب مني. كما أحمل على الدوام سكيناً لحمايتهما في حال أراد أحد الأشخاص الإساءة لهما جنسياً. لقد عانيت من هذا من قبل ولا أريد أن يحصل لهم الشيء نفسه"
وقالت خلود ناصر محسن، وهي باحثةفي شؤون الطفل والأسرة في جامعة بغداد بأن "مثل هؤلاء الأطفال سيحرمون بشكل تلقائي من حقوقهم، ويرجح أن يقعوا ضحايا لأنواع مختلفة من الأعمال التي قد تلحق بهم الأذى".
وأضافت أن "ما بين 60 إلى 70 بالمائة من الأطفال العراقيين يعانون من مشاكل نفسية وأن مستقبلهم لا يبدو مشرقاً. فبعضهم فقد أبويه أو أحد أفراد عائلته أو أقاربه وبعضهم شهد أحداثاً تسبب صدمات نفسية أو تعرضوا لتحرش جنسي".
الضرر النفسي
وقال بلال يوسف حامد، وهو طبيب أطفال مختص في الأمراض النفسية، بأن "القتال في العراق يؤثر بشكل سلبي ولكن غير ملحوظ على الصحة النفسية للأطفال والشباب مما سيكون له عواقب وخيمة على المدى البعيد".
كما أضاف بأن "نقص الموارد يعني بأن الأثر الاجتماعي سيكون سيئاً جداً حيث ستصبح الأجيال القادمة، خصوصاً الجيل الحالي، عدائية جداً".
ووفقاً لمنظمة الأمم المتحدة لرعاية الطفولة فإن 50 بالمائة من الأربعة ملايين عراقي الذين غادروا ديارهم منذ عام 2003 هم من الأطفال. وتعرض العديد منهم للقتل داخل المدارس وساحات اللعب كما دأبت العصابات على اختطاف الأطفال للمطالبة بالفدية.
ومنذ بداية هذه السنة، قدم حامد العلاج لحوالي 310 من الأطفال والمراهقين تتراوح أعمارهم بين 6 و 16 سنة والذين كانوا يعانون من مشاكل نفسية. وخلال السنة الماضية، قام حامد بفحص حوالي 750 حالة مماثلة.