بعد مرور ست سنوات على تدمير إعصار نرجس لأجزاء كبيرة من جنوب ميانمار، يقول الخبراء أن البلاد تحرز تقدماً في تحسين نظامها للإنذار المبكر بالعواصف.
وفي هذا الإطار، قال تويلي كوربانوف، المدير القطري لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين): "بعد تعلمها من التجربة المريرة لإعصار نرجس، أصبحت الحكومة والمجتمعات المحلية أفضل استعداداً لأي كارثة، لاسيما الأعاصير التي تتوفر تنبؤات جوية أو إنذارات مبكرة بشأنها".
ووفقاً للحكومة، فقد تأثر أكثر من مليوني شخص بالعاصفة التي صُنفت على أنها عاصفة من الفئة الرابعة الفئة (الفئة الخامسة هي الأسوأ)، التي اجتاحت منطقة دلتا أيراوادي المنخفضة بميانمار وأجزاء من مقاطعة يانغون يومي 2 و3 مايو 2008، وتسببت في مصرع ما يقرب من 140,000 شخص وتدمير أو إتلاف أكثر من 700,000 منزل.
من جهتها، بدأت إدارة الأرصاد الجوية في ميانمار بإرسال تحذيرات قبل ستة أيام من حدوث العاصفة، استناداً إلى معلومات من المنظمة العالمية للأرصاد الجوية. مع ذلك، فقد تفاجئ العديد من السكان تماماً بالعاصفة ولم يتوفر لدى السلطات رادار للتنبؤ بموجات المد العالي التي أسفرت عن معظم حالات الوفاة.
ويقول الخبراء والسلطات أن تحسن عملية التنبؤ بالطقس ونشر الرسائل التحذيرية من العوامل الأساسية وراء التقدم المحرز.
من جهة أخرى، أفادت ثان ثان مينت، منسق مشروعات لدى المركز الآسيوي للتأهب للكوارث أن "كل شيء في هذه العملية قد شهد تحسناً،" وأوضحت قائلة: "لقد تم تحسين التنبؤ والرصد وتأهب المجتمع للكارثة، فضلاً عن صياغة رسائل الإنذار المبكر ونشرها".
وهذا شعور عام لمسه وأكد عليه السكان على أرض الواقع، حيث قال بيون، البالغ من العمر 45 عاماً، وأحد سكان قرية ثاجيار هين أوه الساحلية، التي تعتبر موطناً لنحو 650 من السكان المقيمين في بلدة دادي، إحدى أكثر المناطق تضرراً من نرجس: "لم يخطر على بالنا أن العاصفة ستؤثر علينا بهذا الشكل ولم نتوقع مدى قوتها ... نشعر الآن أننا أفضل استعداداً".
وعلى الرغم من تحذير القرويين في أماكن مثل ثاجيار هين اوه قبل يوم من حدوث من العاصفة، إلا أن الكثيرين فشلوا في التصرف حيالها لأنهم لم يدركوا مدى قوتها أو لم يكن لديهم ثقة في التحذير. وعندما ضربت العاصفة، كان الأوان قد فات وخسر 58 من السكان حياتهم.
وقال كياو سان، وهو ناج آخر من الإعصار: "لم نثق في توقعات الطقس. فقد كانت على خطأ من قبل ... لقد فشلنا في التأهب لذلك، مما كلفنا بعض الدروس المؤلمة للغاية".
الإجراءات الحكومية
واليوم، عكفت الحكومة على العمل على تحسين قدرتها على الإنذار المبكر من خلال دائرة الأرصاد الجوية والمياه، والتي تتمثل مسؤوليتها الرئيسية في تقديم الإنذار المبكر للسلطات العليا والحكومة المحلية ووكالات الحد من مخاطر الكوارث ووسائل الإعلام والمنظمات غير الحكومية الدولية والمنظمات غير الحكومية والجمهور بميانمار .
وفي وقت سابق من هذا العام، تلقت ميانمار 40 مليون دولار من اليابان لإنشاء ثلاث محطات رادار لمراقبة الأحوال الجوية في يانغون، وماندالاي وكايوكبيو (بلدة رئيسية في ولاية راخين في غرب ميانمار)، وكذلك بناء 30 محطة رصد أوتوماتيكية للأحوال الجوية في جميع أنحاء البلاد بحلول عام 2017.
"طرأت تحسينات على دائرة الأرصاد الجوية والمياه منذ إعصار نرجس. وسوف تصبح أفضل بكثير عندما يتم تشغيل ثلاث محطات للرادار،" كما أفاد تون وين، المدير السابق للدائرة، منوها أن الحكومة باتت تتبع منهجاً أكثر استباقية في هذا المجال.
وعندما ضرب إعصار نرجس، كان هناك محطة رادار واحدة فقط في البلاد ولم تكن تعمل منذ 1997.
وأوضح وين أن "تغيير الحكومة ساعد دائرة الأحوال الجوية والمياه على إدخال تحسينات. ففي الوقت الذي عملت خلاله بها، كان هناك عقبات وقد قدمت عدة مقترحات لتحديث المعدات بالدائرة. لكن الحكومة في ذلك الحين لم تأخذهم على محمل الجد."
وأضاف أنه على الرغم من امتلاك ميانمار لنظام للإنذار المبكر وقت إعصار نرجس، إلا أنه لم يكن يعمل بشكل صحيح وكان بطيئاً في نشر المعلومات التي قد تعتبرها الحكومة العسكرية حساسة أو تؤدي إلى حالة من الذعر.
ويربط نظام الإنذار المبكر الحالي دائرة الأحوال الجوية والمياه بكل إقليم ومنطقة وبلدة عبر الهاتف أو الفاكس (في 2012، كان 3 بالمائة فقط من السكان يملكون هاتفاً محمولاً)، في حين كانت التحذيرات من العاصفة على مستوى البلدة إلى القرية تنتقل إما عن طريق الهاتف أو ضابط يتم إرساله إلى المنطقة، وفي نفس الوقت تقوم سلطات القرية بعمل إعلان من خلال مكبرات الصوت العامة.
وقال بيرنان تاواشيرابورن، مدير المركز الآسيوي للتأهب للكوارث: "من الصعب أن نجزم بنسبة 100 بالمائة، ولكن الشيء الوحيد المؤكد بالنسبة لنا هو أننا لا يجب أن نتوقع نفس المستوى من الوفيات الذي رأيناه بعد إعصار نرجس."
ويجري الآن بث تحذيرات الطقس بشكل أكثر نشاطاً من خلال الراديو أو التلفزيون، الأمر الذي يحقق المردود المرجو منه بالفعل.
وعندما ضرب إعصار غيري، وهو عاصفة أخرى من الفئة الرابعة، ولاية راخين في غرب ميانمار في أكتوبر 2010، وأثار العواصف والأمطار الغزيرة وأمواج المد الضخمة في المناطق الساحلية، بلغ عدد القتلى 45 شخصاً فقط وهو جزء صغير فقط من العدد الذي رأيناه خلال نرجس، ويعود ذلك، جزئياً، إلى تحسن الإنذار المبكر، بما في ذلك النشر في وسائل الإعلام، جنباً إلى جنب مع الإجراءات السريعة من قبل السلطات والصليب الأحمر في نقل الناس بعيداً عن المناطق المرتفعة المخاطر، وفقاً للمنظمات الإنسانية.
ووفقاً للأمم المتحدة، عندما ضرب غيري، كانت المجتمعات تتمتع بدرجات أعلى من القدرة على الصمود وكان لدى السلطات شراكات قائمة تسمح لهم بالاستجابة بشكل أكثر فعالية. وفي 2013، كان استعداد الحكومة البورمية الكلي للعاصفة الاستوائية محاسن إيجابياً أيضاً.
nl/ds/cb-mez/dvh"