1. الرئيسية
  2. Asia
  3. Afghanistan

تحليل: المرأة الأفغانية تجتاز التحديات القضائية

Women wait for consultation in Esteqlal hospital in Kabul, Afghanistan, June 2008., Afghanistan. June 2008. Manoocher Deghati/IRIN

كانت صدف أحمدي*، البالغة من العمر 18 عاماً والمقيمة في إقليم بداخشان شمال أفغانستان، مصابة بضربات وكدمات عندما وصلت إلى مركز تلجأ إليه النساء في فايز أباد، وكانت هذه زيارتها الخامسة.

المشكلة ذاتها تتكرر في كل مرة. تحاول الموظفات في المركز، الذي تديره جمعية نساء من أجل النساء، وهي منظمة غير حكومية أفغانية، تقديم المساعدة، لكن بعد كل مرة يقوم قادة المجتمع المحلي أو المحاكم الحكومية بإعادتها إلى زوجها يعود لضربها من جديد.

وتأمل أحمدي الآن أن تنهي المحكمة الحكومية زواجها الذي دام ثلاث سنوات، وقالت وهي ترفع حجابها على مضض لتكشف عن ندبات من المعارك الماضية، وكدمات جديدة نتجت عن أخر شجار: أشعر بألم في يدي. أردت أن استحم فبدأ يركلني، ثم فقدت الوعي، ولذلك لا أعرف كيف كان يضربني بعد ذلك".

بينما تتباين الإحصاءات التي تظهر كيفية حل مثل هذه النزاعات، يقول تقرير صادر عن المعهد الأمريكي للسلام في ديسمبر 2011 أن 80 بالمائة على الأقل من الحالات يتم حلها من خلال "آليات التسوية التقليدية للمنازعات".

مع ذلك، يرى كثيرون أن التسوية التقليدية للمنازعات تقوض حقوق المرأة.

وقالت نفيسة قادري من إدارة شؤون المرأة في بداخشان التابعة للحكومة: "نحن لا نؤيد القرارات القبلية لأنها تميل إلى صالح الرجال. تفيد المعلومات المتوفرة لدينا أن نحو 20 بالمائة من القرارات التي يتخذها شيوخ القبائل تنتهك حقوق المرأة".

وتجدر الإشارة إلى أن التسوية التقليدية للمنازعات تعني في كثير من الأحيان مجالس الشورى، وهي جلسات الاستماع التي يعقدها شيوخ القبائل لحل النزاعات - لكنها تشمل نظام العدالة الخاص بحركة طالبان والأحكام الصادرة عن الزعماء الدينيين.

وأفاد الزعيم القبلي حبيب الله من منطقة دارايوم في بداخشان، الذي يعمل مع مجالس الشورى في الإقليم، أن حقوق المرأة تنتهك أحياناً بالفعل، وشيوخ القبائل قد لا يكونون على علم تام بجميع القوانين ذات الصلة.

لكنه يقول أن مسؤولية المجالس هي حل النزاعات بين أفراد الأسرة مع الحفاظ على العلاقات الأسرية المستقرة والمجتمعات المتناغمة.

وأكد حبيب الله أن "هذا أسلوب فعال. إذا عرضت المرأة قضيتها على الحكومة، فقد تنال العدالة، لكنها لا تستطيع أن تحافظ على علاقاتها العائلية. أما في المجالس، فيتم حل القضية والاحتفاظ بسلامة العلاقات".

وقالت سيدة موزغان مصطفوي، نائبة وزير شؤون المرأة، خلال مؤتمر صحفي في يناير الماضي أن العنف ضد المرأة آخذ في الارتفاع.

قضاء فاسد

وأحد الأسباب الرئيسية التي تدفع الأفغان إلى اللجوء إلى التسوية التقليدية للمنازعات هو أنهم لا يثقون في القضاء، وفقاً لتقرير منظمة مراقبة النزاهة الأفغانية (AIW).

ويقول النقاد أن الرشوة والمحسوبية والمحاباة متفشية في قطاع العدالة الرسمي.

وأظهر مسح عن الفساد في مجموعة من المؤسسات الأفغانية أجرته مراقبة النزاهة الأفغانية في عام 2010أن قطاع العدالة هو الأكثر فساداً، مما يهدد شرعية الدولة ويخلق فجوة بين المواطنين والدولة.

وذكر التقرير أن التصورات الخاطئة لدى الجمهور، والافتقار إلى التعليم والكفاءة المهنية في هذا القطاع، وعدم وجود موظفين على مستوى المناطق بسبب انعدام الأمن أو المواقع النائية أو كليهما معاً، كانت من العوامل التي تسهم في تآكل الثقة في النظام القضائي.

وقال المراقبون والمحللون والعاملون في المنظمات الإنسانية وشيوخ القبائل الذين تحدثوا إلى شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) أيضاً أنه في حين قد تكون محاكم الدولة أكثر وعياً بحقوق المرأة، فإن فعاليتها مقيدة بسبب ضعف الكفاءة ونقص القدرة والفساد.

وقال عبد الوهاب، وهو أحد شيوخ القبائل وكبير المدعين في إقليم كونار على مدار السنوات الـ 18 الماضية، أن "المشكلة تكمن في أن نظام المحاكم الرسمي لا يأخذ قضايا النساء على محمل الجد، بل لا يزال يتبع ما يعد مناسباً من الناحية التقليدية".

واستشهد بالعديد من الحالات التي تلقى فيها مسؤولون رشوة لتسليم الزوجات الهاربات إلى عائلات أزواجهن، وهو ما أدى في حالات عديدة إلى قتل هؤلاء النساء.

وقال مسؤول حكومي يعمل في وزارة شؤون المرأة في بداخشان، طلب عدم الكشف عن اسمه لأسباب أمنية: "أنا لم أر أي محاكم تمارس الولاية القضائية المختصة في قضايا العنف ضد المرأة".

قانون حقوق المرأة

وكان قانون القضاء على العنف ضد المرأة الذي صدر عام 2009 خطوة في الاتجاه الصحيح، لكن تنفيذه غير مكتمل.

ويدين قانون القضاء على العنف ضد المرأة زواج الأطفال والزواج القسري وبيع وشراء النساء لغرض أو بحجة الزواج، وتقديم المرأة على سبيل الدية (التخلي عن الفتيات مقابل تسوية النزاع)، والتضحية القسرية بالنفس، و17 عملاً آخر من أعمال العنف، من بينها الاغتصاب والضرب، ويحدد العقوبات الواجب توقيعها على الجناة.

وعندما يصدر القضاة أحكامهم استناداً إلى قانون القضاء على العنف ضد المرأة، يكون تحقيق العدالة للضحايا هو الأرجح، وفقاً لتقرير صادر عن بعثة الأمم المتحدة للمساعدة في أفغانستان (يوناما).

وعلى الرغم من عدم توفر الإحصاءات الرسمية عن العنف ضد المرأة، إلا أن اللجنة الأفغانية المستقلة لحقوق الإنسان سجلت 2,299 حادثة يمكن أن تصنف على أنها أعمال عنف ضد المرأة بموجب قانون القضاء على العنف ضد المرأة، خلال الفترة من مارس 2010 إلى مارس 2011.

ومن بين 2,299 حادثة، فتحت النيابة العامة التحقيق في 594 حالة (26 بالمائة)، وتم تقديم لوائح اتهام في 155 حالة (7 بالمائة)، وأصدرت المحاكم أحكامها استناداً إلى قانون القضاء على العنف ضد المرأة في 101 حالة فقط (4 بالمائة).

وقد صدرت الأحكام في معظم الحالات المسجلة خارج نظام الدولة من خلال الوساطة، وممارسة الضغوط لسحب القضايا، والنظم القبلية التقليدية.

تغير عقليات شيوخ القبائل

وفي أواخر عام 2010، حظر شيوخ القبائل في منطقة نادر شاه كوات في إقليم خوست الجنوبي ممارسة تقديم المرأة على سبيل الدية، وهو تقليد غير قانوني بموجب القوانين الدولية لحقوق الإنسان والقانون الأفغاني والشريعة الإسلامية، بحسب اتفاق معظم علماء الإسلام.

ويصف تقرير بعثة الأمم المتحدة للمساعدة في أفغانستان لعام 2010، هذا التقليد بأنه "واحد من أفظع أنواع العنف ضد المرأة في أفغانستان".

وترى ليريك ثومسون، التي تعمل في مجال مناصرة حقوق المرأة ولديها خبرة في أفغانستان وتعمل في منظمة غير غير حكومية دولية مقرها واشنطن وتسمى المركز الدولي لبحوث المرأة، أن حقيقة أن شيوخ القبائل أخذوا زمام الأمور وحظروا هذه الممارسة شيء مهم.

وأضافت أن "هذا مهم ليس فقط لأن التعامل مع العديد من القضايا التي تواجهها النساء والفتيات يتم في نطاق العدالة التقليدية أو داخل المجتمع، ولكن لأنه يبدد أيضاً الأسطورة القائلة بأن أي ترسيخ لحقوق المرأة - في حياة خالية من العنف أو في الحصول على التعليم، وكسب الدخل، وما إلى ذلك - هو "تدخل غربي".

وأكدت ثومسون أن "هذه الرسائل القادمة من المسجد، من زعيم تقليدي يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالناس في المجتمع المحلي، غالباً ما تكون أقوى بكثير من لوحة إعلانية أو رسالة إذاعية تردد نفس العبارات. إن الأمر يتعلق بلقاء الناس في مكان وجودهم".

وبعد قرار شيوخ منطقة نادر شاه كوات بحظر تقديم المرأة على سبيل الدية، حذت سبع مناطق أخرى حذوهم.

ويقول مراقبون أن حظر تقديم المرأة على سبيل الدية من قبل الشيوخ في أحد الأقاليم الأكثر مقاومة للتغيير في أفغانستان لا يبين فقط ضعف النظام القضائي الحكومي، ولكنه يوضح أيضاً كيفية الاستفادة من شيوخ القبائل كحلفاء فعالين للمساعدة في التصدي للعنف ضد المرأة في البلاد.

عمل مبتكر مع شيوخ القبائل

وتقول ثومسون أن اجتماع مبادرة فتيات لا عرائس، وهي شراكة عالمية لإنهاء زواج الأطفال، في اسطنبول الشهر الماضي أبرز العمل المبتكر الذي يجري القيام به الآن مع الزعماء التقليديين والدينيين، وشيوخ القبائل وغيرهم من الكيانات الهامة من الناحية الثقافية.

"وكان كثير من المناصرين القادمين من دول ذات غالبية مسلمة مثل باكستان يتحدثون عن النجاحات - سواء كان ذلك على المستوى البرلماني أو على مستوى المجتمعي - التي ما كان لها أن تتحقق من دون دعم وإشراك الزعماء الدينيين".

وقد تم تصميم برنامج ترسيخ سيادة القانون في أفغانستان الذي دشنته الوكالة الأميركية للتنمية الدولية في إقليم نانغارهار الشرقي في عام 2010 لزيادة معرفة شيوخ القبائل بالقوانين الأفغانية.

ومن خلال برنامج ترسيخ سيادة القانون في أفغانستان، تعلمت النساء المزيد عن حقوقهن التي تكفلها الشريعة الإسلامية. وقالت مسرات عارف موماند، كبيرة موظفي الرصد الميداني والتقييم في برنامج ترسيخ سيادة القانون، أن هذا لم يؤد فقط إلى مطالبة النساء بنصيبهن في الميراث، لكنه جعل الرجال أيضاً يطالبون بنفس الحقوق نيابة عنهن.

"وتشير دراساتنا الاستقصائية إلى أن السكان المحليين يثقون في شيوخ القبائل أكثر من الحكومة. وفي كثير من الحالات، لا تستطيع الدولة بمفردها السيطرة على المنطقة برمتها، ولذلك فهي بحاجة إلى شيوخ القبائل المحلية لمساعدتها في حل النزاعات،" كما أوضحت مسرات.

مهمة مستحيلة؟

وفي الوقت نفسه، يتم بذل جهود لتحسين محاكم الدولة المحلية. فقد نفذت منظمة مراقبة النزاهة الأفغانية برنامجاً لتحسين الوصول إلى نظم المحاكم الرسمية والثقة فيها في إقليمي كابيسا وباميان.

واستخدمت المراقبين المحليين للإشراف على المحاكمات في مجتمعاتهم المحلية، وقدمت لهم التدريب، ثم نشرت المعلومات التي جمعها المراقبون لإزالة مخاوف الناس المتعلقة بالمؤسسات القضائية.

وتقول أنها رأت "تحسناً تدريجياً" في المشاركة المجتمعية في الإشراف على المحاكمات، الأمر الذي أدى بدوره إلى نجاح المجتمع في الضغط من أجل إرسال القضاة إلى المناطق التي لم يكن بها قضاة في السابق.

"كلما زادت حاجتك إلى مطالب أكثر تطوراً، زاد احتياجك إلى مؤسسات الدولة وقل اعتمادك على الآليات التقليدية،" كما أفادت ياما ترابي، المديرة التنفيذية لمنظمة مراقبة النزاهة الأفغانية.

bm/jj/cb-ais/dvh
"

Share this article

Get the day’s top headlines in your inbox every morning

Starting at just $5 a month, you can become a member of The New Humanitarian and receive our premium newsletter, DAWNS Digest.

DAWNS Digest has been the trusted essential morning read for global aid and foreign policy professionals for more than 10 years.

Government, media, global governance organisations, NGOs, academics, and more subscribe to DAWNS to receive the day’s top global headlines of news and analysis in their inboxes every weekday morning.

It’s the perfect way to start your day.

Become a member of The New Humanitarian today and you’ll automatically be subscribed to DAWNS Digest – free of charge.

Become a member of The New Humanitarian

Support our journalism and become more involved in our community. Help us deliver informative, accessible, independent journalism that you can trust and provides accountability to the millions of people affected by crises worldwide.

Join