1. الرئيسية
  2. Asia
  3. Nepal

تحليل: السياسيون يشككون في حيادية الجهات المانحة في نيبال

Woman who have been assisted by prgrammes run by Care International sit outside of their house in a village outside of Rupandehi, Nepal. 23rd June, 2010 Kate Holt/IRIN
Woman who have been assisted by prgrammes run by Care International sit outside of their house in a village outside of Rupandehi, Nepal. 23rd June, 2010

تخضع الجهات المانحة للمزيد من التدقيق بعد الخلاف الذي حدث في نيبال حول الدور الذي يلعبه الانتماء العرقي في مرحلة ما بعد الصراع، لاسيما وأن السياسيين والمحللين يتهمونها بالتدخل والانحياز والتحايل على الحكومة للدفع بأجندة الإدماج الاجتماعي".

وفي هذا الإطار، قال دومينيك أونيل، ممثل وزارة التنمية الدولية البريطانية في نيبال: "تلقينا الكثير من الانتقادات من كل الجهات، وتحمّلنا الكثير [من جميع قطاعات المجتمع بما في ذلك الفئات المهمشة والمواطنين ووسائل الإعلام والأحزاب السياسية] إذ قالوا أننا تدخلنا أو لم نبذل الجهود الكافية. وتجدر الإشارة هنا إلى أن وزارة التنمية الدولية البريطانية هي الجهة المانحة الأكبر في مجال المنح ثنائية الأطراف في نيبال، حيث ارتفعت نسبة إنفاقها السنوي مؤخراً من 60 مليون دولار إلى حوالي 150 مليون دولار في عام 2013.

وكان الحوار الوطني حول فيدرالية قائمة على أساس الهوية العرقية في صميم التحول إلى فترة استقرار ما بعد الحرب في نيبال، حيث انتقلت السلطة من الحكومة الوطنية إلى الوحدات المحلية التي يتم تحديدها إلى حد كبير على أساس عرقي. فبات بعض السياسيين والمحللين والصحفيين يصوّرون الجهات المانحة الدولية في نيبال على أنها المحرض على التوتر العرقي.

ولكن بعد مرور سبع سنوات تقريباً على اسدال البلاد الستار عن الحرب الأهلية التي دامت عقداً من الزمن بتوقيع اتفاق للسلام، ما زالت الجهود المبذولة لإعلان دستور مرحلة ما بعد الحرب وإنشاء حكومة جديدة متعثرة، وسط الصراع السياسي الذي لم يؤدّ سوى إلى تفاقم المشاكل في البلاد.

ووفقاً للبنك الدولي، تعد نيبال واحدة من أفقر دول العالم إذ يعيش 25 بالمائة من سكانها البالغ عددهم 30 مليون نسمة تحت خط الفقر. وتتجاوز جيوب نقص التغذية المزمن، لاسيما في المنطقة الجبلية في أقصى غرب البلاد، مستويات الطوارئ، ويبقى الوصول إلى المرافق الصحية الآمنة متعذراً بالنسبة إلى 20 مليون شخص.

وفي حديث إلى شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين)، قال كريشنا خانال، وهو محلل سياسي وأستاذ جامعي: "هناك حاجة كبيرة لإجراء تغييرات في هذا البلد، لكنها لم تحدث بالسرعة المناسبة. فقد تدخلت المنظمات الإنسانية بشكل كبير في عملية السلام وفي التحول السياسي والديمقراطي بدلاً من الاهتمام بشؤون التنمية". وأضاف أنه كان يجدر بوكالات المعونة التركيز على بناء مؤسسات وطنية بدلاً من تكرار الجهود والتنافس فيما بينها.

التدقيقات والحسابات

وبعد سنوات من فشل عملية صياغة الدستور، تم في 18 فبراير تعيين رئيس وزراء مؤقت جديد؛ ورفضت أحزاب المعارضة في نيبال النظر في إجراء انتخابات لجمعية تأسيسية جديدة (بعد أن تم حل الجمعية السابقة في مايو 2012).

لكن وكما لاحظت وحدة الاستخبارات الاقتصادية -ومقرها بريطانيا - في الآونة الأخيرة، ما زالت هناك عقبات كبيرة "لإنهاء الخلافات السياسية المدمرة. وتبقى في هذه الأثناء الوظائف المدنية مشلولة في نيبال فيما يتدهور النشاط الاقتصادي".
وقال روبرت بايبر، المنسق المقيم للأمم المتحدة في نيبال، في حديث إلى شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) أنه من الطبيعي أن يكون الوضع السياسي الحالي "مقلقاً" بالنسبة للمجموعات المانحة.

وبعد سبع سنوات، ما زالت وظيفة رئيس مركز التحقيق في إساءة استعمال السلطة ومراجع الحسابات العام شاغرتين. بالإضافة إلى ذلك، لا يوجد لجنة للحسابات العامة – وهي عبارة عن هيئة برلمانية تتعقب إنفاق أموال المانحين.

وقال توماس غاس، السفير السويسري في نيبال في حديث إلى شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين): "هذه التدقيقات والحسابات مهمة في أي مجتمع ديمقراطي". وتجدر الإشارة هنا إلى أن غاس هو أيضاً رئيس مجموعة المانحين التي تحمل اسم "الصندوق الاستئماني للسلام في نيبال".

كذلك، يقوم المحللون والمسؤولون الحكوميون بتوجيه التهم نفسها إلى وكالات المعونة باعتبارها تتحايل على الحكومة من خلال تنفيذ مشاريع مباشرة دون أية مشاورات أو الحصول على أية موافقة.

وقد أصبحت هذه الممارسة الطريقة المعمول بها في بلد تغير فيه خمسة رؤساء حكومة خلال السنوات الست الماضية، وذلك وفقاً لاتحاد المنظمات غير الحكومية في نيبال وهي مجموعة وطنية مظلة تتألف من أكثر من 5,300 منظمة غير حكومية محلية. وقد جرت آخر انتخابات محلية في عام 1997، تاركةً فراغاً في الحكم المحلي، باستثناء بعض الذين تم تعيينهم للاهتمام بالحكومة الانتقالية.

من جهته، قال غوبال يوغي، نائب رئيس اتحاد المنظمات غير الحكومية في نيبال أن برامج التنمية المحلية قد شُلّت فيما كانت الحكومة منشغلة بالاستيلاء على السلطة في كاتماندو. "نحن قلقون بشكل أساسي بسبب عدم وجود هيئات منتخبة محلياً من شأنها أن تحدث فرقاً، وفي غياب هذه الهيئات تقوم وكالات المعونة بتنفيذ المشاريع الخاصة بها دون أي سيطرة من الحكومة."

لكن وفقاً لحديث لمسؤولين محليين مع شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين)، لا شيء يبرر هذا التصرف بحرية حتى في ظل هذا الفراغ في السلطة، لاسيما وأن للجهات المانحة نظير ثابت في الحكومة حتى وسط الاضطرابات السياسية الحاصلة.

وقال رابي ساينجو، مدير برنامج تنسيق المعونة الخارجية مع لجنة التخطيط القومي أن "المنظمات الإنسانية تعتقد أنه من الأسهل أن تقوم بالتنفيذ بنفسها بدلاً من [القيام بذلك] من خلال الحكومة".

وقال ساينجو أنه يجب أن يكون للجنة التخطيط القومي الكلمة الأخيرة بشأن المشاريع ذات التمويل الأجنبي، لأنها مسؤولة عن خطط وميزانيات التنمية الوطنية. وأضاف أنه مع ذلك، فإنه ليس من غير المألوف بالنسبة للجهات المانحة للمنح ثنائية الأطراف أن تتفق مباشرةً مع الحكومة وتبدأ في تنفيذ المشروع دون علم لجنة التخطيط القومي، وذلك بسبب قلة التنسيق بين الوزارات.

دفاع المنظمات الإنسانية

وتقول المنظمات الإنسانية أن المانحين ينفذون ببساطة برامج قد جرت الموافقة عليها، دون وجود أية نية بالتدخل.

وفي هذا الإطار، قال أونيل من وزارة التنمية الدولية لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين): "لا نريد أن نتنافس مع الحكومة في المناطق الريفية. ففي جميع برامجنا، حتى لو لم يمر تمويلنا من خلال الحكومة قامت الحكومة [الوطنية] بالموافقة على 100 بالمائة من أنشطتنا".

كما أوضح أونيل أن الهيئات الحكومية المحلية القائمة مثل لجان تنمية المناطق ولجان تنمية القرى تتمتع بقدرة محدودة، وأنه من غير المرجح أن يتغير هذا الواقع قريباً. وتابع أونيل قائلاً: "كنت في هوملا وجوملا (قريتان بعيدتان على تلال في شمال غرب البلاد) حيث تتمتع الحكومة [المحلية] بقدرة محدودة للغاية. في هذه الأماكن النائية حيث الوضع معقد ولا وجود للحكومة [الوطنية]، لماذا لا يمكن لشريك خارجي تقديم الخدمات نيابةً عنها؟".

التدخل أو الولاية؟

لكن النقاد يقولون أن ثمة شكوك حول نوايا المانحين، لاسيما عندما تقوم المنظمات الإنسانية بتوجيه التمويل إلى الفئات العرقية الأصلية المهمشة تقليدياً، والتي تحتل مرتبة منخفضة في نظام الطبقة الإقطاعية الذي ما زال قائماً منذ فترة طويلة، في حين تتجاهل احتياجات مجتمعات "الطبقات الاجتماعية العالية" التي هي أيضاً فقيرة للغاية .

وقال أونيل أن دعم وزارة التنمية الدولية لمجموعات عرقية معينة جاء وفقاً لاتفاق السلام الشامل في عام 2006. "الحقيقة هي أننا بالفعل أيدنا الكثير من الفئات المهمشة في الماضي. فقد كانت ولايتنا تنص على القيام بذلك وهذا مذكور في اتفاق السلام الشامل، القسم 3.5. لقد تم الاعتراف بشكل واضح بأنها قضية بحاجة إلى المعالجة كجزء من عملية السلام".

ويقول المحللون أن الجهات المانحة، بما فيها الأمم المتحدة، قد موّلت برامج "الإدماج الاجتماعي" لتمكين الجماعات العرقية المهمشة تاريخياً، التي تدعمها جميع قطاعات المجتمع.

وقال وزير الخارجية السابق، شكرا براساد باستولا لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) في يونيو الماضي أنه في حين أن لا أحد يعارض النظام الطبقي القائم على المعاملة التفضيلية وعملية الوصول بحاجة إلى تغيير، تقوم الجهات المانحة الأجنبية "بإجبارنا على اتباع أجندتها"، وتطالب بنتائج فورية. "لدينا طموحات، ولكن طموحات الدول المانحة بشأننا أكبر بكثير".

وقال راجان بهاتاراي، محلل الشؤون الخارجية ورئيس معهد نيبال للدراسات السياسية، أن المشكلة ليست في ما إذا قامت الجهات المانحة بدعم هذه المجموعات، وإنما في كيفية قيامها بذلك. وتابع: "إن أجندة [الإدماج] قد ضيّقت الخناق على التمكين السياسي، وتوزيع الصلاحيات و[حصص الوظائف] وأي شيء له حلول فورية بدلاً من تمكين المهمشين من الطبقة السفلى". وألقى راجان باللوم على المانحين الأجانب بسبب تركيزهم الحصري للغاية على تفكيك الأسس السياسية لنظام الطبقات دون تمويل تغيير جوهري طويل الأمد.

النزاهة والحياد

وقال بايبر من الأمم المتحدة: "نحن لا نشجع الفيدرالية على أساس الهوية. ونحن لا نشجع الفيدرالية القائمة على أساس إقليمي. نحن نؤيد التزام نيبال بالنزاهة في مواجهتها لهذه المسائل الصعبة ومحاولتها العثور على الصيغة الصحيحة".

ويحدد قرار الأمم المتحدة لعام 1991 معايير المساعدات الإنسانية – وهي الإنسانية والحياد والنزاهة، ويعرّف الحياد على أنه تقديم المساعدة الإنسانية "دون تمييز على أساس الأصل العرقي أو النوع الاجتماعي أو الجنسية أو الآراء السياسية أو الدين. بل يجب على الاحتياجات أن تكون المرشد الوحيد إلى تخفيف المعاناة، ويجب أن تعطى الأولوية لحالات العوز الأكثر إلحاحاً"، كما يعني الحياد "عدم اتخاذ طرف في الخلافات ذات الطابع السياسي أو الديني أو الأيديولوجي".

وقال أونيل من وزارة التنمية الدولية أنه "بمجرد أن يقرر شعب نيبال والحكومة كيف يريدون المضي قدماً، سنقوم عندها بدعمهم على هذا الأساس، ولكن ليس لدينا أي رأي بشأن الفيدرالية".

وقال المحلل خانال أنه "حتى ولو سعى المانحون إلى عدم الانحياز سياسياً، فقد أصبحوا يعتمدون على الناشطين المحليين (بما في ذلك اتحاد القوميات الأصلية في نيبال، وهي منظمة غير حكومية محلية تناصر الفيدرالية القائمة على العرق) للتنفيذ، الأمر الذي أدى إلى تلطيخ مهمتهم وتسييسها.

ويرى بعض المانحين أن اتحاد القوميات الأصلية في نيبال قد أصبح سياسياً للغاية، وقام عدد كبير من المانحين، بما في ذلك وزارة التنمية الدولية في عام 2010، بسحب تمويلهم له.

وأضاف خانال: "لم تكن الفدرالية عبارة عن أجندة دولية تسيّرها الجهات المانحة ولكن هذه الأخيرة عملت بشكل وثيق جداً مع المنظمات التي يديرها نشطاء متطرفون، الأمر الذي أثر بشكل غير مباشر على حيادها".

وتصر الجهات المانحة في نيبال على أنها تتمتع بجميع المعايير الثلاثة للمساعدة الإنسانية في نيبال أثناء سعيهم لتحقيق الاندماج الاجتماعي.

وقال بايبر أن الأمم المتحدة عملت "بشكل متعمّد للغاية" مع أكثر الفئات حرماناً في هذا البلد على مدى العقد الماضي، وفعلت ذلك دون أن تقدّم أي اعتذار. ولكن من السخيف جداً أن ننتقل من هذا البيان إلى بيان يقول أن المانحين الدوليين والأمم المتحدة، على سبيل المثال، يعملون بنشاط على تعزيز الفيدرالية، وخاصة الفيدرالية على أساس الهوية، أو يدعمون إضرابات "البندا" التي دعت إليها جماعات السكان الأصليين أو المهمشين.

nn/pt/cb-bb/dvh
"

Share this article

Get the day’s top headlines in your inbox every morning

Starting at just $5 a month, you can become a member of The New Humanitarian and receive our premium newsletter, DAWNS Digest.

DAWNS Digest has been the trusted essential morning read for global aid and foreign policy professionals for more than 10 years.

Government, media, global governance organisations, NGOs, academics, and more subscribe to DAWNS to receive the day’s top global headlines of news and analysis in their inboxes every weekday morning.

It’s the perfect way to start your day.

Become a member of The New Humanitarian today and you’ll automatically be subscribed to DAWNS Digest – free of charge.

Become a member of The New Humanitarian

Support our journalism and become more involved in our community. Help us deliver informative, accessible, independent journalism that you can trust and provides accountability to the millions of people affected by crises worldwide.

Join