بدأ التلوث المتزايد في بحيرة مريوط في مدنية الإسكندرية يؤرق الصيادين أكثر فأكثر بعد أن بات خطراً حقيقياً على سبل عيشهم وصحتهم كذلك. فلا تتسبب المياه الملوثة بمختلف أنوع الصرف في خفض كمية الأسماك في البحيرة فحسب، بل أصبحت تصيب الصيادين بأمراض جلدية تضطرهم في الكثير من الأحيان للانقطاع عن العمل.
عن ذلك قال الصياد أحمد عيسى، 41 عاماً الذي يصطاد في مريوط منذ 30 عاماً: لا أستطيع أن أمسك أي شيء بيديّ عندما تصابان بالتسلخ. يصف لي الأطباء بعض المراهم ولكن حتى عند استعمالها علي أن ألزم المنزل ليوم أو يومين حتى تشفى".
استمع إلى أحمد عيسى يتحدث عن صعوبات حياته
يكسب أحمد بين 15 و 20 جنيهاً [2.82-3.67 دولار] في اليوم ولكنه لا يهتم بإصابته الجلدية بقدر ما يهتم بما قد فاته من الصيد في ذلك اليوم.
وقال أحمد لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) متحدثاً عبر الهاتف: "قبل 15 عاماً كنت أصطاد ما بين 50-60 كيلو في اليوم، ولكني لا أستطيع اليوم أن اصطاد أكثر من خمسة كيلو وفي بعض الأحيان لا شيء أبداً"، مضيفاً أن ما يصطاده في اليوم الواحد بالكاد يكفي لسد رمق عائلته المكونة من زوجته وأبنائه الأربعة.
وقد قامت مجموعة من المنظمات غير الحكومية التي تهتم بالبيئة ومناصرة الصيادين كجمعية أصدقاء البيئة والاتحاد التعاوني للثروة المائية وجمعية الصيادين بالإسكندرية بشن حملات لوقف التلوث الذي أرهق بحيرة مريوط التي تعد إحدى مصادر الثروة السمكية في منطقة الدلتا.
وقال محمد الفقي، رئيس الاتحاد التعاوني للثروة المائية أن كمية الأسماك التي يتم اصطيادها من البحيرة قد انخفضت بشكل كبير خلال الثلاثين سنة الماضية، فعلى سبيل المثال سجل العام 1976 اصطياد 11,000 طن من الأسماك في حين لم يتم اصطياد أكثر من 5,211 طن في العام 2006".
وأضاف قائلاً: "يعتمد 7,000 صياد تقريباً على البحيرة لكسب رزقهم بالإضافة إلى أكثر من 10,000 آخرين ممن يقتاتون من مهن أخرى مرتبطة بالصيد كبناء السفن وصناعة الشباك وتجارة الأسماك. وهذا يعني أن سبل عيش هؤلاء الأشخاص وعائلاتهم (حوالي 78,000 شخص) في خطر. كما تشير إحصائيات جمعية الصيادين في الإسكندرية إلى أن هناك أكثر من 5,000 صياد غير مسجل يعتمدون على الصيد في البحيرة.
وأوضح الفقي أن 1,000 شخص تقريباً تركوا مهنة الصيد منذ عام 2006 وهم الآن عاطلون عن العمل. كما قدر الخسائر الكلية الناجمة عن انخفاض كمية الأسماك بحوالي 86 مليون جنيه مصري (ما يعادل 16 مليون دولار) سنوياً.
التلوث
وأفاد الفقي أن "40 بالمائة من النشاط الصناعي يتركز بالإسكندرية مما يسبب تلوثاً خطيراً للبحيرة". كما لا تملك محطتا المعالجة الموجودتان في المدينة القدرة على معالجة جميع مياه الصرف وغيرها من النفايات السائلة".
"وبذلك يتم تصريف ثلثي المياه العادمة في البحيرة التي تضَخ بدورها إلى خليج المكس شمال الإسكندرية"، هذا بالإضافة إلى التلوث الذي يسببه الصرف الزراعي وما يحمله من مواد كيماوية ومبيدات والذي يصب أيضاً في البحيرة.
بدوره، تحدث صلاح الألفي من جمعية الصيادين عن ما يسببه التلوث من نمو كثيف للنباتات الضارة التي "تعيق عمليات الصيد وتقلل من مستوى الأكسجين في الماء لتمنع بذلك نمو الأسماك في البحيرة".
وأضاف الألفي أن جمعية الصيادين قدمت حلولاً عديدة لمشاكل التلوث في البحيرة منذ عام 1999 ولكن دون أن تلقى هذه الحلول أي استجابة من الحكومة. وعن ذلك قال متسائلاً: "لا نفهم لماذا لا يريدون أن ينقذوا البحيرة".
وعلى الصعيد الدولي، كان البنك الدولي يخطط لبدء مشروع يستهدف نقاط التلوث في القاهرة الكبرى والإسكندرية إلا أن مسؤولاً في البنك أخبر شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) أن المشروع قد ألغي.
عمليات الردم
الصورة: مشروع وادي |
خريطة لبحيرة مريوط توضح الأحواض مصادر التلوث |
وأكد الجندي أن الجمعية ستقف في وجه عمليات الردم بكل الطرق والوسائل حيث قال: "سوف نلجأ لجميع الطرق حتى لو اضطررنا للاحتكام إلى القضاء. يكفي ما تم ردمه من البحيرة إلى الآن. إذا أرادوا بناء مثل هذه المشاريع فأمامهم الصحراء وليتركوا البحيرة التي توفر التوازن البيئي للمنطقة".
ولم يكن بالإمكان الاتصال بالجهة الحكومية المختصة للتعليق.
"