أفاد مسؤول رفيع المستوى في منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) أن لدى أفغانستان إمكانات كبيرة لضمان الأمن الغذائي لسكانها البالغ عددهم حوالي 26.6 مليون نسمة في حال استثمر المانحون في البنية التحتية، أو إذا تم تحويل المائة وتسعين ألف هكتار من الأرض المزروعة بالأفيون إلى زراعة القمح.
وجاء في التصريح الذي أدلى به تيكيستي جيبراي تيكي، ممثل الفاو في أفغانستان، لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) أنه لدى أفغانستان الكثير من الإمكانات لتنعم بالأمن الغذائي بسهولة أو تتعدى ذلك لتحقق الاكتفاء الذاتي بفضل خصوبة أراضيها وتعدد أنهارها". وأوضح أن إعادة بناء وتنمية البنية التحتية الزراعية للبلاد، وخصوصاً أنظمة الري، يعتبر أمراً ضرورياً للوصول إلى الأمن الغذائي.
وأشار تيكيستي إلى أن "الانطباع الذي تشكل لدى الناس في الخارج هو أن أفغانستان عبارة عن بلد جبلي لا تنمو فيه الحبوب، ولكن إذا نظروا إلى غرب وجنوب وشمال وشمال شرق البلاد لوجدوا أن هذه المناطق عبارة عن سلة غذاء قد تمكن أفغانستان من تصدير الكثير منه".
ويعاني حوالي 70 بالمائة من الأفغان، أي حوالي 18 مليون نسمة، من انعدام حاد في الأمن الغذائي بسبب الفقر والجفاف وسنوات الحرب، وفقاً لمنظمة الأغذية والزراعة وغيرها من المنظمات الإنسانية.
كما أشارت هذه المنظمات إلى أن أكثر من مليوني ونصف أفغاني وجدوا أنفسهم مساقين إلى خانة "الخطر الشديد" من حيث انعدام الأمن الغذائي وذلك بسبب الارتفاع الكبير في أسعار المواد الغذائية.
الاستثمار في الري
وكانت أفغانستان قبل الغزو السوفييتي عام 1979 تضم حوالي 2.5 مليون هكتار من الأراضي الزراعية التي تعتمد على الري. غير أن هذا المساحة انخفضت إلى حوالي 1.5 مليون هكتار نتيجة الدمار الذي سببته سنوات الحرب.
وبالرغم من أن إنتاج أفغانستان من الحبوب، وخصوصاً القمح، تضاعف إلى أكثر من النصف عام 2007 مقارنة بعام 2001 ( حيث وصل إلى حوالي 4.6 مليون طن) إلا أن الاستثمار الصحيح في أنظمة الري قد يؤدي إلى تضاعف آخر في الإنتاج الزراعي ليصل إلى أكثر مما تحتاجه البلاد.
غير أن الخبراء يؤكدون أن الزراعة لم تحظ، خلال فترة التنمية التي تلت سقوط نظام طالبان، سوى بالقليل من التمويل من قبل المانحين. فالزراعة، وبالرغم من كونها أهم سبل العيش بالنسبة لحوالي 70 بالمائة من السكان، لم تحصل سوى على حوالي 300 مليون دولار من مجموع 15 مليار دولار التي قدمها المجتمع الدولي لإعادة إعمار وتأهيل أفغانستان خلال الست سنوات الماضية، حسب تقرير منظمة أوكسفام الدولية.
من جهة أخرى، أفاد خبراء أمريكيون في تقرير صدر في شهر يناير/كانون الثاني عن مركز التكنولوجيا والأمن القومي بجامعة الدفاع القومي أن الأموال القليلة التي صرفت على القطاع الزراعي ركزت على "الإجراءات قصيرة الأمد" التي لا يكون لها بالعادة آثار "دائمة".
التحول إلى زراعة القمح
الصورة: عبد الله شاهين/إيرين |
أفغانستان هي أكبر منتج للأفيون في العالم ولكنها تعاني من درجات كبيرة من انعدام الأمن الغذائي |
ويقول مكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة أن زراعة الأفيون في أفغانستان تزدهر بسبب الطمع. كما يعتقد أحد كبار الخبراء الأمريكيين، وهو بارنيت روبين من جامعة نيويورك أن العديد من المزارعين الأفغان الفقراء يلجؤون إلى الأفيون بسبب الفقر.
ومهما كانت الدوافع لزراعة الأفيون، فإن بعض الخبراء مثل نصر الله عابد من وزارة الزراعة والري يرى أن ارتفاع أسعار المواد الغذائية سيغري بعض المزارعين الأفغان بالتحول لزراعة القمح بدل الأفيون.
فقد ارتفع سعر طن القمح من 157 دولار في شهر يناير/كانون الثاني 2007 إلى حوالي 500 دولار في شهر أبريل/نيسان 2008، وفقاً لمنظمة الزراعة والأغذية.
"وبالنظر إلى عدم شرعية زراعة الأفيون وجهود الحكومة في محاربة المخدرات، فإن بعض المزارعين سيفكرون في زراعة القمح كمحصول مربح"، كما يرى عابد.
وهذا ما تطرق له تيكيستي في حديثه حيث قال: "إذا زُرع القمح في هذه المنطقة [حقول الأفيون] وإذا توفر الري فسينتج عن ذلك 2.6 طناً [من القمح] للهكتار الواحد، مما يعني أننا سنحصل على 400,000 طن إضافي على الأقل. وإذا تم استعمال هذه الأراضي في زراعة المحاصيل مرتفعة الثمن مثل الخضار أو الفواكه أو القطن فإن المساهمة في الأمن الغذائي ستكون كبيرة جداً".
"