يشكل ارتفاع تكاليف الأدوية والرعاية الطبية في الأردن مشكلة كبيرة بالنسبة للعراقيين الباحثين عن اللجوء في المملكة، وفقاً لمسح أجرته الهيئة الطبية الدولية وكلية جون هوبكينز بلومبيرغ للصحة العامة.
واتضح من خلال هذا المسح الذي صدر في 26 مارس/آذار وشمل عدداً لم يتم الإعلان عنه من المرضى العراقيين في المستشفيات التابعة لمنظمات غير الحكومية في عمان، أن أربعة بالمائة فقط من المشاركين يستطيعون تحمل تكاليف الرعاية الصحية.
وكان أكثر من نصف مليون عراقي قد استقروا في الأردن منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة على العراق عام 2003، معظمهم من الطبقة المتوسطة. وقد استنزف هؤلاء مدخراتهم وأصبحوا يعتمدون على المساعدات الطبية الأساسية التي توفرها المنظمات غير الحكومية.
وأفاد حوالي 50 بالمائة من المشاركين في المسح أنهم ينفقون ربع دخلهم على الفواتير الصحية، في حين قال 14 بالمائة أنهم ينفقون أكثر من نصف دخلهم على الرعاية الطبية، خصوصاً الخدمات الطبية المتخصصة، إذ لا تقدَم مثل هذه الخدمات في المراكز الصحية المجانية التي يقتصر عملها على توفير الفحوصات الأساسية فقط.
وفي هذا الإطار، أوضح آدم سيرويس، المدير القطري للهيئة الطبية الدولية في الأردن، أن معظم ما ينفقه العراقيون على الرعاية الطبية ينصب على الأدوية الخاصة بمعالجة الأمراض المزمنة والفحوصات المتخصصة والجراحة. وأضاف أنه "يجب إيلاء اهتمام أكبر بهذه النواحي التي لا يستطيع معظم العراقيين في الأردن تحمل تكاليفها".
كما استنتج المسح أن 83 بالمائة من المرضى الذين يبحثون عن الرعاية المجانية في العيادات التابعة للمنظمات غير الحكومية هم عاطلون عن العمل.
المستشفيات الحكومية
وكان الأردن قد منع العراقيين من الاستفادة من الرعاية الصحية المدعومة في المستشفيات الحكومية لفترة من الزمن إلى أن غيرت الحكومة سياستها في أواخر العام الماضي تحت الضغط الدولي وسمحت للمهاجرين العراقيين بالحصول على الرعاية الصحية في المستشفيات الحكومية. غير أن هذه الخطوة لم تساعد الأشخاص الذين هم بحاجة للعلاج طويل الأمد إذ عليهم أن يدفعوا رسوماً مقابل ذلك.
وقد أكد راضي جوارنة، الناطق الإعلامي باسم وزارة الصحة، على تطبيق السياسة الجديدة، مضيفاً أن الأطفال أصبحوا يستفيدون من التطعيم المجاني.
من جهته، قال عادل عبد الرحمن، 62 عاماً، وأستاذ سابق في جامعة بغداد يبحث عن اللجوء في الأردن، أنه حاول الحصول على المساعدة الطبية في مستشفيات الحكومة ولكن الأمر كان مستحيلاً. وقال عبد الرحمن أن "المستشفيات الحكومية مزدحمة وعادة ما ينصح الأطباء المرضى بالذهاب إلى المستشفيات الخاصة لسرعة العلاج إذا كانت حالتهم الصحية تستدعي تدخلاً عاجلاً".
ويضطر المرضى الراغبون في الاستفادة من فحص طبيب متخصص في المستشفيات الحكومية للانتظار ما بين شهرين وثلاثة أشهر. ويكلفهم الفحص ما بين 15 و 30 دولار في حين يعتبر سعر الأدوية من بين أعلى الأسعار في المنطقة.
الصحة العقلية
وأوضح المسح أيضاً أن نصف المشاركين في المسح أفادوا أنهم يحتاجون إلى خدمات الصحة العقلية والنفسية، حيث لا يستفيد سوى خمسة بالمائة منهم فقط من المساعدة في هذا المجال.
كما أفاد 64 بالمائة على الأقل من المرضى الذين شاركوا في المسح أنهم يشعرون بالإجهاد والتوتر، و22 بالمائة منهم قالوا أنهم شهدوا أعمال عنف أو تأثروا بالنزوح.
وحث المسح على "ضرورة اتخاذ خطوات ملموسة للحيلولة دون افتقار الأسر العراقية في الأردن نتيجة المصاريف الطبية التي تضطر لدفعها من جيوبها الخاصة". وأضاف أن "المجتمع العراقي يحتاج إلى المزيد من الدعم من قبل المنظمات غير الحكومية في مجال صحة الأم والطفل والتخطيط الأسري والصحة العقلية والنفسية".
وكان الأردن قد صرح خلال اجتماع عُقد مؤخراً بين الدول التي تستضيف العراقيين الباحثين عن اللجوء أنه يحتاج إلى 176 مليون دينار أردني (248 دولار) لبناء العيادات وتجديد المستشفيات في عمان وإربد والزرقاء حتى يتمكن من تقديم المساعدة الطبية للعراقيين.
"