نظمت اللجنة الدولية للصليب الأحمر حلقة دراسية حول الجراحة في وقت الحرب خلال الفترة من 11 إلى 13 مارس/آذار في قطاع غزة، شارك فيه 55 طبيباً فلسطينياً. وتنوعت المجالات التي ركزت عيها هذه الحلقة من القانون الدولي الإنساني إلى أساسيات التعامل مع جرحى الحرب إلى مواضيع أخرى أكثر تخصصاً مثل إصابات الرأس والبطن.
وقال ماركو بالدان، رئيس جراحي اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه يجب التعامل مع إصابات الحرب بطريقة معينة لا تُدرَّس بالعادة في الكليات الطبية"، لأن الضرر الذي تسببه أكبر من ذلك الذي تسببه غيرها من الإصابات العادية، كما أنها أكثر عرضة للالتهاب.
وبالإضافة إلى تعليم تقنيات جراحية جديدة، ركز جزء من الحلقة على المشاكل الخاصة التي يواجهها الجراح في هذا المجال "كتوافد عدد كبير من المصابين في بعض الأحيان"، حسب هارالد فين من اللجنة الدولية للصليب الأحمر، كما حدث أثناء العملية الإسرائيلية الأخيرة على شمال غزة والتي خلفت أكثر من 120 قتيلاً.
وقال نبيل الشوا، جراح العظام في مستشفى الشفاء الرئيسي بغزة عن تلك الأحداث التي ما يزال يذكرها جيداً: "أحياناً لا يكون لدي ما يكفي من أسرّة وأضطر لتسريح المرضى بمجرد الانتهاء من العمليات الرئيسية… أسرحهم باكراً ثم أتابعهم من خلال العيادة الخارجية".
واتفق كل من الشوا وفين على وجود مشكلة تتعلق بعدم إمكانية الاستمرار في توفير الرعاية الطبية للجرحى خلال الحرب لأن التركيز الأساسي يكون على إبقاء أسرة شاغرة لاستقبال المزيد من الجرحى.
الأسلحة في المستشفى
ومن التحديات التي يواجها الأطباء كذلك لدى استقبالهم لجرحى الحرب وجود الأسلحة في المستشفى، إذ يمكن أن يرافق المقاتلين الجرحى بعض من رفاقهم وقد يدخل هؤلاء إلى غرفة الجراحة أو يمكثوا بجوار المستشفى. ويقول الأطباء أن توتر المقاتلين الحاملين للأسلحة يزيد من توتر مكان الجراحة ويجعله غير مواتٍ لتقديم الرعاية المطلوبة. كما يصر أفراد العائلة في العادة على البقاء إلى جانب الطبيب أثناء قيامه بمهمته.
وقال أحد الأطباء: "إنه مجتمع صغير يعرف بعضه البعض" مشيراً كذلك إلى ممارسة بعض الأسر ضغطاً على الأطباء لإحالة أحبائهم إلى المرافق الطبية في مصر وإسرائيل حتى وإن كانت الخدمات الطبية المتوفرة كافية لعلاجهم.
وقال فين أنه "يجب على المستشفيات الحد من عدد الناس وكمية السلاح داخل المستشفى حتى يتسنى للمرضى الحصول على التقييم والعلاج الملائمين". وأضاف أن ذلك جزء من الإصلاح الإداري الشامل الذي تحتاجه مستشفيات غزة.
من جهته، أفاد الشوا من مستشفى الشفاء أن أكثر ما يثير القلق هو الحصار المفروض على غزة، حيث قال: "كان لدينا ثلاثة أجهزة للتصوير بالأشعة السينية (أشعة إكس) في غرفة العمليات، توقف آخرها عن العمل الأسبوع الماضي. فاضطررت لإيقاف العمليات الجراحية التي تحتاج إلى تصوير بأشعة إكس والتفكير في بديل أو إحالة المرضى إلى الخارج".
ولكن الشوا بقي متفائلاً بالرغم من ذلك، حيث قال: "ستتحسن الأمور في المستقبل، وسيصبح النظام أفضل. لدينا موظفون أكفاء وخصوصاً في علاج الإصابات الخطيرة. ينبغي علينا فقط أن نتواصل مع بعضنا البعض بطريقة أفضل".
واتفق الشوا وفين على أهمية بقاء الأطباء على اتصال وتعلمهم من بعضهم البعض، خصوصاً عندما يكون السفر لحضور حلقات دراسية في الخارج غير ممكن بسبب القيود الإسرائيلية على قطاع غزة.
"