أفاد محلل أمني أن شعور اليأس الذي أصبح يتملك المتطرفين، بعد أن ضيّقت العمليات العراقية الأمريكية المشتركة الخناق عليهم وأخرجتهم من معاقلهم وحدت من تحركاتهم، بدأ يدفعهم إلى الالتجاء وبشكل متزايد إلى تدريب النساء على القيام بعمليات انتحارية.
وفي هذا الإطار، قال حسين صباح الدليمي، المحلل الأمني والمحاضر في كلية الدراسات الإستراتيجية بجامعة الأنبار، أن الضغط الذي يتعرض له المقاتلون المتطرفون بدأ يدفعهم إلى ابتكار طرق جديدة لاختراق الإجراءات الأمنية المتشددة مثل إشراك النساء في القتال الذي يعتبر من المحرمات الدينية".
وأضاف أن "الحساسيات الثقافية الإسلامية تجعل من النساء مرشحات جيدات للهجمات الانتحارية في الأماكن التي لا توجد فيها موظفات أمن...فمعظم العراقيين مسلمون محافظون ويؤمنون بأن اللمس بين الرجال والنساء الذين لا تربطهم روابط دم أو زواج أمرٌ محرم. ولذلك، تتمكن النساء من المرور عبر نقاط التفتيش التي يحرسها رجال أمن دون تفتيش".
استعمال نساء مختلات عقلياً
وحدث آخر هجوم اشتركت فيه نساء يوم 1 فبراير/شباط وراح ضحيته 99 مدنيّاً على الأقل وما يقارب 200 جريح في عمليتين انتحاريتين نُفِذتا في سوقين للدواجن ببغداد.
وقال مسؤولون عراقيون طلبوا عدم الإفصاح عن هويتهم لأنهم غير مخولين بالتحدث إلى الإعلام، أن الانتحاريتين كانتا مختلتين عقلياً وتعانيان من متلازمة داون. كما كانتا تلبسان أحزمة تحمل 15 كغم من المتفجرات تم تفجيرها عن بعد، مما أدى إلى الاعتقاد أن المرأتين كانتا شريكتين في الهجومين المأساويين دون أن تدركا ذلك.
وأضاف الدليمي أن "مثل هذا السلوك لا يمكن أن ينمَّ إلا عن يأس كامل. كما يدل على الصعوبة التي يواجهها المتطرفون في توظيف رجال للقيام بمثل هذه العمليات".
تزايد عدد منفذات الهجمات الانتحارية
ووفقاً لوزارة الداخلية العراقية، قامت 17 امرأة على الأقل بتفجير أنفسهن منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة على العراق في شهر مارس/آذار 2003. وقد استهدفت النساء بهجماتهن، وفقاً لإحصاءات وزارة الداخلية، قوات الأمن الأمريكية والعراقية على حد سواء، والمجموعات القبلية السنية التي تحارب القاعدة في العراق بالإضافة إلى الحجاج الشيعة. وكان من بين هؤلاء الانتحاريات امرأة بلجيكية مسلمة قامت بتفجير نفسها بالقرب من دورية أمريكية في شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2005 وكانت الوحيدة التي لقيت حتفها خلال الهجوم.
الهجمات الانتحارية "مخالفة لتعاليم الإسلام"
وقد كثَّف زعماء القبائل المسلمين من شجبهم للعمليات الانتحارية سواء التي ينفذها الرجال أم النساء، ووصفوها بأنها غير إنسانية ولا تمتُّ إلى الإسلام بصلة.
الصورة: DVIC |
لقي العديد من المدنيين حتفهم عندما قام انتحاري بقيادة سيارة مفخخة وصدمها بحافلة. وقد قام العلماء المسلمون مراراً بشجب العمليات الانتحارية والتشديد على مخالفتها للتعاليم الإسلامية |
وأضاف أن "قتل المدنيين أو حتى الحيوانات أو النباتات بهذه الطريقة الشنيعة لا يعتبر جهادا"ً وأن" القيام به لن يُدخِل مرتكبيه إلى الجنة كما يعتقدون بل إلى النار مباشرة".
من جهتها، طالبت ابتسام جمال داوود، وهي ناشطة عراقية مستقلة في مجال حقوق المرأة، بوضع برامج اجتماعية ونفسية مكثفة لحماية النساء اليائسات من الوقوع في براثن المتطرفين.
وأشارت إلى ضرورة "أن تحظى النساء اليائسات، وخصوصاً اللواتي فقدن أحباءهن في هجمات، بالأولوية في البرامج الاجتماعية التي تموّلها الحكومة وإلا فسيصبحن فرائس سهلة للمتطرفين... إذ يمكن لأيٍّ شخص أن يلعب بعقول النساء اليائسات ويقوم باستغلالهن لأنهن في معظم الأحيان يشعرن أنه لم يعد لديهن ما يعشن له بعد أن فقدن أحبَّاءهن".
"