ويكافح الأطباء لعلاج العدد الكبير من الجرحى المدنيين، ومن المتوقع أن يرتفع عدد الإصابات في ظل تواصل القتال بين الطرفين في المدينة التي تعد أول عاصمة ولاية تسقط في يد الجماعة المتمردة منذ الإطاحة بها عام 2001.
وقال رينزو فريك، منسق العمليات في منظمة أطباء بلا حدود أن "مستشفى أطباء بلا حدود عاجز تماماً عن تلبية الاحتياجات في ظل استمرار الجرحى في التوافد. ومع بلوغ المستشفى طاقته القصوى واستمرار القتال، نحن قلقون حيال قدرتنا على التعامل مع أي تدفقات جديدة من الجرحى".
وأخبر فريك شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) أن منظمته عالجت أكثر من 250 مريضاً منذ صباح الاثنين، بينهم 53 طفلاً. وقد أصيب معظم المرضى بأعيرة نارية ووصل 66 شخصاً منهم في حالة حرجة.
من جهتها، قالت المتحدثة باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر نيها ثاكار لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) أن اثنين من العاملين في المجال الطبي لدى اللجنة الدولية يعملون "على مدار الساعة" في مستشفى أطباء بلا حدود، الذي بدأ يعاني من انخفاض في الإمدادات الطبية.
وأضافت قائلة: "بينما تسعى اللجنة الدولية جاهدة لإيصال تلك الإمدادات الطبية، نحث جميع أطراف النزاع على احترام القانون الدولي الإنساني الذي يحظر استهداف المدنيين وممتلكاتهم".
المدنيون وسط تبادل إطلاق النار
بدورها، قالت لولا سيتشينيل، رئيسة قسم الأبحاث في مؤسسة أيه تي آر ATR، وهي شركة استشارية مقرها كابول، أنه حتى الآن، لم يقم مقاتلو طالبان بـ "إظهار العنف ضد المدنيين". ولكن منظمة العفو الدولية قالت في بيان نقلاً عن تقارير أوردها السكان المحليون أنهم قد عرضوا المدنيين للخطر، وذلك بسبب اختبائهم في البيوت "كي لا يتم تمييزهم بين السكان المدنيين".
وكانت حركة طالبان قد سيطرت على قندوز بينما كان الرئيس أشرف غني يحتفل بالعيد الأول لتنصيبه الثلاثاء. وقد تعرض غني لانتقادات من النواب الذين طالبوا باستقالته في جلسة متلفزة للبرلمان واتهموه بإساءة إدارة المعركة من أجل السيطرة على المدينة.
وفي بيان صدر الثلاثاء، اتهم غني حركة طالبان باستخدام المدنيين كدروع بشرية وقال أن حكومته "لا تريد لعمليات التطهير أن تتسبب في أي إصابات بين المدنيين في مدينة قندوز". وأضاف أنه قد أرسل تعزيزات إلى قندوز، بما في ذلك القوات الخاصة.
القيام بالقليل جداً؟ وبعد فوات الأوان؟
وتأتي هذه التدابير بعد فوات الأوان، وفقاً لبعض المحللين الذين يرون أن غني قد فشل في تنفيذ استراتيجية فعالة لاستعادة أجزاء من ولاية قندوز التي سيطرت عليها طالبان وتوفير الأمن الكافي لحماية عاصمة الولاية.
وقالت سيتشينيل: "على الرغم من أن قندوز كانت من بين الولايات ذات الأولوية التي ذكرها عند وصوله إلى الحكم، لم يتم بذل إلا القليل من الجهد لمعالجة القضايا الأكثر إلحاحاً هناك كالافتقار إلى القيادة، وهياكل الحكم الضعيفة، وتركز السلطة في أيدي أمراء الحرب".
وقد انتقد الكثيرون غني لتفعيله الميليشيات المسلحة هذا العام في محاولة لفرض سلطة الحكومة في الولاية. وقال بعض السكان لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) أن أفراد تلك الميليشيات ارتكبوا انتهاكات بما في ذلك الاعتداء على المدنيين وابتزازهم وسرقة ممتلكاتهم.
انظر: تزايد الانتهاكات مع صعود الميليشيات الموالية للحكومة الأفغانية
وتابعت سيتشينيل حديثها قائلة: "بدلاً من الاستثمار في القوات الحكومية في أوقات الأزمات، تستمر الحكومة في دعم جماعات مسلحة لديها ولاء ضعيف أو معدوم للدولة، وهي جماعات تسيء معاملة السكان وتتمتع بالقدرة على الإفلات من العقاب وهذا يؤدي إلى مزيد من التفكك في سلطة الدولة".
معضلة أمريكا
وبالإضافة إلى خلق المشاكل لغني، فإن الاستيلاء على قندوز يشكل مشكلة للولايات المتحدة التي قادت غزواً في عام 2001 أدى إلى طرد حركة طالبان من السلطة. وقد كانت قندوز واحدة من آخر المدن التي سقطت على يد الولايات المتحدة والمقاتلين الأفغان عام 2001، والآن يتم جرّ الولايات المتحدة إلى القتال هناك مرة أخرى على الرغم من تقليص وجودها العسكري في أفغانستان كجزء من خطة لسحب معظم قواتها تقريباً بحلول السنة القادمة.
وقالت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) أنه نفذ غارة جوية الثلاثاء على مقاتلي طالبان الذين كانوا يتحركون باتجاه المطار حيث تتمركز القوات الأفغانية والأمريكية.
وقال بيتر كوك المتحدث باسم وزارة الدفاع الامريكية في بيان أن "الوضع يشكّل انتكاسة للقوات الأفغانية"، لكنه أضاف أن الولايات المتحدة "لديها الثقة" في قدرات الجيش الافغاني.
وسيتم وضع تلك الثقة قيد الاختبار في الأيام المقبلة، حيث يبدو أن حركة طالبان مصممة على التمسك بقندوز قدر استطاعتها - وهذه أخبار سيئة لسكان المدينة، الذين من المرجح أن يسقط الكثير منهم ضحية للعنف.
jf/ag-aha/dvh