ولكن هل يحتاج هؤلاء القادة حقاً إلى صور طفل ميت ليتذكروا بأن هناك أكثر من 2,400 مهاجر، كثيرون منهم لاجئون، قد غرقوا أو فُقدوا في منطقة البحر الأبيض المتوسط خلال هذا العام؟ وأن هناك عشرات المدنيين قد لقوا حتفهم داخل حدود الاتحاد الأوروبي – اختناقاً في شاحنات المهربين، أو سحقاً تحت القطارات، أو إهمالاً في مراكز الاحتجاز؟
وما هذا الصبي الصغير الذي يظهر في هذه الصور، جنباً إلى جنب مع شقيقه الذي يبلغ عمره خمس سنوات ووالدتهما، إلا أحدث الضحايا التي تجسد عجز الاتحاد الأوروبي في التوصل إلى اتفاق بشأن الإجراءات التي يلزم القيام بها لمنع وقوع مثل هذه المآسي.
ورغم ذلك كله، يبدو أنه لم يحدث شيء سوى أن قادة الاتحاد الأوروبي قد أصبحوا أكثر استقطاباً مما كانوا عليه منذ أربعة أشهر عندما دفعتهم السفينة، التي غرقت وأودت بحياة مالا يقل عن 800 مهاجر، إلى عقد قمة طارئة في لوكسمبورج.
ولم تكن الخطة ذات النقاط العشر التي انبثقت عن هذا الاجتماع كافية على الإطلاق. فعلى الرغم من أنها زادت الموارد المخصصة لعمليات البحث والإنقاذ الحيوية، إلا أنها ركزت أكثر من اللازم على معالجة شبكات التهريب وأغفلت النقطة الحاسمة وهي أن تلك الشبكات هي من أعراض سياسات الهجرة الفاشلة للاتحاد الأوروبي وليست السبب.
كما لم يكن للأجندة الأوروبية الأكثر شمولاً بشأن الهجرة، التي صدرت عن مفوضية الاتحاد الأوروبي في شهر مايو الماضي أثر يذكر، ويعود هذا إلى حد كبير إلى اخفاق القادة في التوصل إلى توافق في الآراء حول العناصر الرئيسية. ويبدو أن هدف نقل 40,000 من طالبي اللجوء من اليونان وإيطاليا إلى الدول الأعضاء الأخرى على مدى سنتين تقريباً غير منطقي في ظل وصول 100,000 من طالبي اللجوء إلى اليونان كل شهر. ومع ذلك لم تستطع الدول الأعضاء قبول حتى هذا العدد الصغير.
وبنهاية شهر يوليو، تعهد قادة الاتحاد الأوروبي بقبول 32,000 فقط من طالبي اللجوء وإعادة توطين 20,000 لاجئ آخر. ويعد هذا العدد تافهاً عندما نعلم أن أكثر من 300,000 مهاجر وطالب لجوء قد وصلوا إلى إيطاليا واليونان منذ بداية السنة. كما يمكن مقارنته أيضاً بعدد الـ 4 ملايين لاجئ سوري الذين استقبلتهم تركيا ولبنان والأردن منذ بدء الانتفاضة ضد الرئيس السوري بشار الأسد في مارس 2011.
وطالما واصل السياسيون (ووسائل الإعلام) الخلط بين قضايا الهجرة الداخلية وبين العوامل المختلفة جداً التي تدفع طالبي اللجوء إلى المخاطرة بكل شيء للوصول إلى أوروبا، فإن احتمال تغير الأمور سيكون ضئيلاً. وسوف يواصل قادة الاتحاد الأوروبي التحرك من منطلق الأولوية السياسية للظهور بمظهر "الصرامة" بشأن سياسات الهجرة، ما يبدد أي فرصة لتحقيق استجابة منسقة لأزمة اللاجئين.
وعلى الرغم من أن التصريحات الأخيرة للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل تعطي بعض الأمل، ولكن ما لم يبدأ قادة الاتحاد الأوروبي الآخرون في السير على خطاها، فسوف يتدفق طالبو اللجوء إلى ألمانيا بأعداد متزايدة لم تشهدها من قبل بشكل يضغط على الجهود والنوايا الحسنة للشعب الألماني ويدفعها إلى نقطة الانهيار.
واليوم، تنتشر على تويتر حملة تحمل وسم مرحباً باللاجئين #RefugeesWelcome وتقترب التبرعات للجمعيات الخيرية التي تساعد اللاجئين من ذروتها، ويواجه قادة الاتحاد الأوروبي مثل رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون ضغوطاً من الرأي العام لاستقبال المزيد من طالبي اللجوء.
وهكذا أخيراً، ربما، يحدث تحول في الأمور.
ks/ag-kab/dvh