استغل كبير مسؤولي الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية الجديد أول جولة خارجية له لتسليط الضوء على الأزمة الإنسانية في العراق، وأخبر شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) أنه يسعى جاهداً لجمع المزيد من الأموال وتحسين إمكانية الوصول إلى المحتاجين في البلاد.
وفي واحدة من مقابلاته الأولى منذ توليه منصب وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة الطارئة، طالب ستيفن أوبراين أيضاً بمنح النازحين العراقيين حرية التنقل داخل البلاد.
وخلال زيارته لمخيم بحركة للنازحين داخلياً خارج مدينة أربيل، عاصمة إقليم كردستان المتمتع بحكم شبه ذاتي، أكد أوبراين أن خطة الأمم المتحدة للاستجابة الإنسانية في العراق لعام 2015 تهدف إلى تقديم الدعم المنقذ للحياة - بما في ذلك المأوى والمياه والمواد الغذائية - إلى ما يقرب من ثلاثة ملايين نازح داخلياً.
وأضاف أوبراين، الذي كان يتحدث في العراء، حيث بلغت درجة الحرارة 40 درجة مئوية وكانت سحب الغبار تدور في مختلف أرجاء المخيم: من المهم حقاً بالنسبة لي أن أرى بأم عيني المناطق الأمس حاجة إلى المساعدات الإنسانية. هنا، في هذه المنطقة من إقليم كردستان العراق بالذات، لدينا وضع خطير جداً ويجب أن نكون قادرين على التعامل معه".
وتأتي هذه الزيارة في الوقت الذي تحذر فيه الأمم المتحدة من أن العراق على وشك الانهيار.
وقالت ليز غراندي، منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في العراق أن النقص الحاد في التمويل قد يجبر أكثر من نصف عمليات الإغاثة في البلاد على التوقف في الأسابيع المقبلة.
والجدير بالذكر في هذا الإطار أن الأمم المتحدة دشنت حملة في الأسبوع الماضي لجمع ما يقرب من 500 مليون دولار من أجل تمويل خطة الاستجابة لعام 2015، ولم يتم التعهد سوى بجزء صغير من هذا المبلغ حتى الآن.
وبحسب ما علمت شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين)، فقد تعهدت الكويت بتقديم مبلغ كبير للأمم المتحدة في العراق، ولكن لم يتم الإعلان عنه حتى الآن أو تأكيده من قبل الأمم المتحدة أو الكويت.
من جانبه، أكد أوبراين أن الكويت قدمت دعماً أكبر، لكنه رفض الإفصاح عن تفاصيل محددة. وقال أن "هناك إعلاناً واضحاً ... عن رغبة الكويت إتاحة بعض الأموال، ولكن الطريقة لم تُحسم حتى الآن".
ويعكس اختيار العراق ليكون أول محطة خارجية يزورها أوبراين مدى أهمية التعامل مع الأزمة بالنسبة لكبير مسؤولي الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية.
"إنه يخشى تجاهل أو نسيان أزمة العراق،" كما أفاد أحد موظفي الأمم المتحدة الذي تحدث إلى شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) بشكل غير رسمي لأنه غير مخول لإطلاع وسائل الإعلام.
وتقول الأمم المتحدة أن أكثر من 8.2 مليون شخص بحاجة إلى الدعم الإنساني الفوري كنتيجة للصراع بين قوات الأمن العراقية وما يسمى بتنظيم الدولة الإسلامية.
وفي هذا الصدد، قال أوبراين: "لنكن واضحين، نحن بحاجة إلى إمكانية الوصول. وإذا حصلنا عليها، سنقدم الإغاثة الإنسانية بأسرع ما نستطيع".
وتجدر الإشارة إلى أن التهديدات الأمنية تمنع الأمم المتحدة من تقديم أي مساعدة مباشرة في المناطق الخاضعة لسيطرة الدولة الإسلامية، والتي يدور بها القتال، مثل مدينة الموصل في الشمال أو محافظة الأنبار في غرب العراق.
ومن بين 250,000 من سكان مدينة الرمادي النازحين منذ بدء العمليات العسكرية في 8 أبريل، لا يزال أكثر من نصفهم في محافظة الأنبار، حيث لا تستطيع الأمم المتحدة تقديم المساعدة إلا من خلال شركاء محليين.
وأفاد أوبراين أن "الشيء الرئيسي هو أن نركز جميع مواردنا حيثما تطرأ احتياجات إنسانية. ومن أجل تحقيق ذلك، لا ينبغي علينا تقييم الاحتياجات الإنسانية فقط، بل قبل كل شيء يجب أن تتوفر لدينا إمكانية الوصول".
كما أن تقييد حرية حركة النازحين يعيق الوصول إلى السكان المعرضين للخطر. وتشير التقارير الأخيرة إلى منع الآلاف من سكان الأنبار من مغادرة المحافظة بعد أن أعلن مسؤولون عراقيون عن مخاوفهم من أن مؤيدي تنظيم الدولة الإسلامية قد يخفون أنفسهم وسط السكان.
وبالمثل، فإن إقليم كردستان - الذي يستضيف حالياً أكثر من مليون نازح - يقيد حرية التنقل لبعض العراقيين العرب.
وفي السياق نفسه، قال أوبراين أنه يدعو لقدر أكبر من حرية الحركة للنازحين، وأنه تلقى "التزامات واضحة" من حكومة إقليم كردستان بهذا الشأن.
واعترافاً بمخاوف حكومة إقليم كردستان، التي شهدت تضخم عدد السكان في الأراضي التي تحكمها بنسبة الثلث تقريباً منذ بداية أزمة النزوح، أضاف أن قدرة الناس على العودة إلى ديارهم تعتبر أولوية أيضاً.
"ينبغي أن نهيئ الظروف التي تمنح الناس فرصة العودة إلى المناطق والمنازل التي أتوا منها - هذا أمر مهم حقاً،" كما أكد أوبراين.
وخلال زيارته لمخيم بحركة، سمع أوبراين روايات الأسر النازحة عن تجاربها أثناء الفرار من تنظيم الدولة الإسلامية. وقال أنه سيستخدم هذه الشهادة للمساعدة في الدفاع عن قضية الحاجة إلى توفير المزيد من التمويل.
والمعروف أن أوبراين كان يشغل منصب وزير التنمية الدولية في بريطانيا وكان عضواً في البرلمان عن حزب المحافظين، وقد خلف فاليري اموس، التي استقالت في شهر مايو بعد شغلها لهذا المنصب منذ عام 2010.
cm/jd/ag-ais/dvh"