1. الرئيسية
  2. Global

ليبيا: بحارة تونسيون ينقذون مهاجرين تقطعت بهم السبل

Fishermen in the Tunisian port city of Zarzis are increasingly being forced to save refugees from Libya lost on the high seas. The UN estimates that over 2,000 people have drowned trying to travel from Tunisia's neighbour Libya to Europe since May. Nicholas Linn/IRIN
Fishermen in the Tunisian port city of Zarzis are increasingly being forced to save refugees from Libya lost on the high seas. (Oct 2014)

أصبح الصيادون الذين يبحرون في البحر الأبيض المتوسط في جرجيس، وهي مدينة ساحلية صغيرة تقع جنوب شرق تونس يقطنها حوالي 70,000 نسمة، بمثابة منقذين، حيث يقومون بإنقاذ القوارب المكدسة بالمهاجرين غير الشرعيين الطامحين في الذهاب إلى أوروبا إنطلاقاً من الشواطئ الليبية.

ينظر أحمد، وهو أحد هؤلاء الصيادين، بصعوبة في الضوء الساطع ومراكب الصيد، التي كُتبت أسماؤها على مؤخرتها بخط اليد، تمر بهدوء من حوله. يجلس على كومة من شباك الصيد، وقد أمال قبعته العريضة المنسوجة يدوياً للخلف، ومن بعيد تظهر سفن شحن ضخمة وهي ترسو في ميناء تجاري قريب.

وخلال رحلات الصيد التي يقومون بها، ما بين رحلتين إلى ثلاث يومياً، غالباً ما يصادف أحمد وزملاؤه قوارب مليئة بالمهاجرين الذين زج بهم المهربون في قوارب مع كمية قليلة من الوقود أو الذين تعطلت محركات قواربهم. وتعليقاً على هذا قال أحمد مستخدماً كلمة محلية للمهاجرين غير الشرعيين: في ظل عدم وجود حكومة في ليبيا، هناك الكثير من الحراقة". وأضاف أن رحلات الصيد تضطر، في كثير من الأحيان، للتوقف وانتشال الحراقة إلى الشاطئ.

وقال طالباً عدم ذكر اسمه الحقيقي: "في المستقبل القريب سوف نشهد قدوم الحراقة بأعداد كبيرة من ليبيا".
"لماذا؟ بسبب الوضع المتدهور الذي نراه هناك الآن".

ومع تفاقم الصراع الأهلي في ليبيا، أصبح الشريط الساحلي الذي يمتد إلى نحو 1,770 كيلومتراً الموقع الأكثر شهرة بالنسبة للمهربين الذين يقومون بتكديس المهاجرين من شتى أنحاء العالم في مراكب على أمل الوصول إلى أوروبا.

وفي هذا الصدد، قال دونبار فيرن تيلاكامنكول، الموظف في المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في ليبيا، أن أحدث تقديرات المفوضية تشير إلى أن عدد الأشخاص الذين عبروا حتى الآن يصل إلى 165,000 شخص، أي ما يعادل تقريباً ثلاثة أضعاف الـ 60,000 الذين عبروا في عام 2013. ويعتقد أن الغالبية العظمى منهم قد غادرت انطلاقاً من الشواطئ الليبية، في ظل عجز قوات خفر السواحل الضعيفة في البلاد عن وقفهم.

مع ذلك، لا ينجح الكثيرون منهم في الوصول أوروبا لأن القوارب التي تستقلها أعداد ضخمة منهم تنقلب بهم في عرض البحر ويلقون حتفهم غرقاً في نهاية المطاف. ويحدث هذا عن طريق الصدفة أحياناً وفي أحيان أخرى بسبب هجمات متعمدة، وقد يُترك البعض الآخر يسبح على غير هدى في البحر الأبيض المتوسط. لكن بعض محظوظين ينجحون في الوصول إلى المياه التونسية، حيث يتم إنقاذهم في بعض الأحيان على يد صيادين مثل أحمد.

وقال أحمد، بشيء من الحنين إلى الماضي: "قبل عام 2011، كنا ننقذ [المهاجرين] ونقوم بإيصالهم إلى الميناء، ثم نسمح لهم المضي في طريقهم دون أن نخبر السلطات...أما في السنوات القليلة الماضية، فقد تم تشديد الإجراءات الأمنية. يجب علينا الآن تقديم جميع أولئك الذين نعثر عليهم في البحر لخفر السواحل".

  لا يمكننا أن نتركهم يموتون في زورق على وشك الغرق لأننا مسلمون
في السياق ذاته، أشارت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، في بيان لها في وقت سابق من هذا الشهر، إلى أن "90,000 شخص قد عبروا إلى أوروبا في الفترة ما بين الأول من يوليو و30 سبتمبر، وما لا يقل عن 2,200 قد لقوا حتفهم، مقارنة بنحو 75,000 شخص و800 حالة وفاة في الفترة ما بين الأول من يناير و30 يونيو".

من جهته، يرى المنجي سليم، رئيس العمليات الإقليمية في جنوب تونس في جمعية الهلال الأحمر التونسية، أن تجارة تهريب المهاجرين وطالبي اللجوء من ليبيا تمثل جزءاً كبيراً من المشكلة. "هناك مهربين في ليبيا يقولون لهم 'سوف نقوم بتوصيلكم مقابل 1,500 دينار ليبي [أي ما يعادل 1,230 دولاراً] '. ثم يضعون المهاجرين على متن قوارب تحمل قرابة 150 شخصاً، من مكان في الشمال، ويقولون لهم، 'هذا هو الطريق إلى لامبيدوسا'".

وأضاف أنه من المتوقع أن تتواصل موجة المهاجرين دون توقف حتى نهاية شهر أكتوبر، حيث يوشك الطقس الجيد للإبحار على الانتهاء.

وأضاف سليم أنه عندما يتم إحضار المهاجرين إلى جرجيس، يستقبلهم الهلال الأحمر ويقدم لهم الغذاء والماء. وبالنسبة لأولئك الذين يرفضون العودة الطوعية لأوطانهم بواسطة المنظمة الدولية للهجرة، تكون الخطوة التالية هي تسكينهم. ويدير الهلال الأحمر التونسي عنبرين في مدينة مدنين.

صدام ثقافات

ولكن هذا الأمر قد أحدث المزيد من الضغط على المهاجرين المرهقين القادمين إلى الشاطئ، حيث قال سليم أن السكان المحليين المحافظين في مدنين يدخلون في صراع مع المهاجرين من أفريقيا جنوب الصحراء بسبب سلوكياتهم التي يتعبرونها غير لائقة.

"لقد حدث هذا [في أوائل أغسطس] عندما جلبنا 240 مهاجراً كان معظمهم من نيجيريا. شعر السكان المحليون بالاستياء من النساء المهاجرات، اللاتي كن يرتدين ملابس كاشفة، ويسرن في الشوارع غير مصحوبات بذويهن. وهذا جعل السكان المحليين يعتبروهن بغايا".

أما فيما يتعلق بالمهاجرين الذين يقيمون في ملاجئ الهلال الأحمر، فقال سليم أن المهاجرين في مدنين نادراً ما يمكثون أكثر من ثلاثة أشهر. وغالباً ما "يتأقلمون مع البلد ويجدون فرصة عمل في البناء أو الزراعة" وهما قطاعان اقتصاديان دائماً ما يوجد بهما طلب كبير على الأيدي العاملة.

مستشهداً بمجموعة من 240 مهاجراً معظمهم من نيجيريا تم إنقاذهم في شهر أغسطس، قال أن نصفهم قد عاد طوعاً إلى نيجيريا بمساعدة المنظمة الدولية للهجرة. مع ذلك، أفاد أن النصف الآخر قد تسلل إلى الحدود الليبية مرة أخرى، حيث من المرجح أنهم يحاولون العبور إلى أوروبا من ميناء زوارة، الذي يقع على بعد 60 كيلومتراً فقط من الحدود التونسية.

وتجتذب ليبيا منذ سنوات مئات الآلاف من العمال المهاجرين واللاجئين من أفريقيا جنوب الصحراء وآسيا ومصر، الذين يأتون بحثاً عن فرص العمل التي توفرها الثروة النفطية، وفي كالثير من الحالات، عبر الحدود الشاسعة التي تفتقر للحراسة بين ليبيا وستة دول أخرى. وقال جيري سمبسون من منظمة هيومان رايتس ووتش في جنيف، أن المنظمة تحدثت مع وزارة العمل الليبية، التي ذكرت في أبريل 2014 أنها منحت تصاريح عمل لحوالي 170,000 شخص معظمهم من بنجلادش ومصر وباكستان والسودان في عام 2013. كما أوضحت الوزارة أنها تعتقد أنه يوجد ما بين 2 إلى 3 ملايين من العمال المهاجرين غير المسجلين في ليبيا.

وبعد غرق أكثر من 400 لاجئ في حادثين قبالة السواحل الإيطالية في أكتوبر 2013، أنشأ الاتحاد الأوروبي مبادرة "بحرنا". وتقوم المبادرة التي تديرها القوات البحرية الإيطالية، بتنسيق عمليات البحث والإنقاذ للمهاجرين واللاجئين في البحر، وقد أنقذت أكثر من 92,000 مهاجر وفق آخر إحصاءاتها. مع ذلك، تعتزم السلطات الإيطالية وقف البرنامج قريباً بشكل تدريجي، بسبب التكاليف قائلة أنه لن يؤدي إلا إلى تشجيع المهربين، في حين تقول جماعات حقوق الإنسان أن العديد من الأرواح ستفقد إذا تم وقف البرنامج قبل أن يتمكن الاتحاد الأوروبي من سد هذه الفجوة.

ويزعم نيكانور هاون، وهو مسؤول سابق في إدارة حقوق المهاجرين في "المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية"، أن الجهات الدولية الفاعلة لا تقوم بجهود كافية لإنقاذ المهاجرين اليائسين الذين تقطعت بهم السبل قبالة ساحل شمال أفريقيا. وقال أن المهاجرين يلقون حتفهم نتيجة لغياب التنسيق بين الحكومات حول من هو المسؤول عن إنقاذ المهاجرين: "عندما يقوم الناس باستدعاء خفر السواحل الإيطالية للحصول على المساعدة، يحدث في بعض الأحيان نزاع بين إيطاليا ومالطة حول أي الجانبين ينبغي أن يتحمل المسؤولية. يحدث هذا في الوقت الذي يكون فيه المهاجرون يتعرضون للموت".

مخاطر الملاحقة القضائية

إضافة إلى ذلك، قال هاون أن الصيادين مثل هؤلاء الذين يوجدون في جرجيس يواجهون خطر التعرض للملاحقة القضائية بتهمة مساعدة المهاجرين في عرض البحر: "بحسب الحدود الدولية التي يعبرها [الصيادون] فإنهم قد يتهمون بالمشاركة في عمليات التهريب".

وفي الوقت الذي تنتقد فيه جماعات حقوق الإنسان المجتمع الدولي بعدم بذل جهود كافية لإنقاذ حياة الحراقة، يواصل الصيادون في جرجيس السعي لمواجهة الركود.

وبينما يقول أحمد أنه لم يتم جلب سوى عدد قليل من الحراقة إلى جرجيس في الأسابيع الأخيرة، إلا أنه يرجع هذا للطقس العاصف غير المناسب للإبحار، ولبقاء الصيادين للاحتفال بعطلة العيد. ولكنه يرى أنه في ظل تزايد حالة عدم الاستقرار والعنف في ليبيا فإن "الحراقة سوف يأتون إلينا كل يوم… مع ذلك لا يمكننا أن نتركهم يموتون في زورق على وشك الغرق لأننا مسلمون".

sk/jd/cb-kab/dvh
"

Share this article

Get the day’s top headlines in your inbox every morning

Starting at just $5 a month, you can become a member of The New Humanitarian and receive our premium newsletter, DAWNS Digest.

DAWNS Digest has been the trusted essential morning read for global aid and foreign policy professionals for more than 10 years.

Government, media, global governance organisations, NGOs, academics, and more subscribe to DAWNS to receive the day’s top global headlines of news and analysis in their inboxes every weekday morning.

It’s the perfect way to start your day.

Become a member of The New Humanitarian today and you’ll automatically be subscribed to DAWNS Digest – free of charge.

Become a member of The New Humanitarian

Support our journalism and become more involved in our community. Help us deliver informative, accessible, independent journalism that you can trust and provides accountability to the millions of people affected by crises worldwide.

Join