تضرر مليونا شخص في شمال بنجلاديش نتيجة للفيضانات التي سببها أسبوعان من المطر الشديد وتركت ما يصل إلى نصف مليون شخص بلا مأوى. ولكن على الرغم من تعزيز قدرات الاستجابة للكوارث في البلاد في السنوات الأخيرة، يرى الخبراء أن هذه الفيضانات تختبر فعالية آليات الاستجابة في ظل نزوح هذا العدد الكبير من الأشخاص وتلف المحاصيل.
وقالت محبوبة نصرين، مدير معهد إدارة الكوارث ودراسات مواطن الضعف في جامعة دكا لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين): "تم إحراز تحسن فيما يتعلق بنظام التنبؤ بالفيضانات ولكن لا يزال هناك نقص في التنسيق بين الوكالات الحكومية".
وقال تقرير للوضع صدر في 31 أغسطس عن وزارة إدارة الكوارث والإغاثة أن 17 مقاطعة من مقاطعات البلاد البالغ عددها 64 مقاطعة تأثرت بالفيضانات. ومن المتوقع أن تعاني ست من هذه المناطق من ارتفاع منسوب المياه هذا الأسبوع، وقد تتعرض العاصمة دكا، التي يبلغ عدد سكانها 15 مليون نسمة، للفيضانات أيضاً.
وتقدر المنظمات غير الحكومية أن الفيضانات قد تركت 500,000 شخص بلا مأوى، ووفقاً لبرنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، "ظل الذين ليس لديهم مكان آخر يذهبون إليه في منازلهم التي غمرتها المياه".
وقالت نصرين أن جزءاً من الضعف المتبقي يعزى إلى كون مجلس تنمية المياه في بنجلاديش هو الجهة المسؤولة عن بناء وترميم السدود التي تحمي من الفيضانات، بينما توكل الاستجابة للكوارث إلى وزارة إدارة الكوارث والإغاثة، موضحة أن ذلك يؤدي إلى ضعف في التنسيق بين الوكالتين.
وأضافت قائلة: "يجب أن يكون هناك منظمة واحدة مسؤولة عن كل شيء. لا يزال هناك الكثير من الأمور التي يتوجب القيام بها لتحسين استجابة الدولة للكوارث".
الإغاثة الفورية
ووفقاً للأرقام الحكومية، لقي 17 شخصاً مصرعهم بسبب الغرق في الفيضانات، بينما سُجلت 506 حالات التهاب رئوي، و1,850 حالة إسهال و540 حالة التهاب جلدي.
وأخبر سكان المناطق المتضررة شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) أنهم يشعرون بالقلق بشأن عواقب الفيضانات على المديين القصير والطويل على حد سواء لأنهم واجهوا صعوبات في إيجاد أراضٍ جافة وقد شاهدوا محاصيلهم تجرفها الفيضانات بعيداً.
وقال عبد المنان، وهو أب لأربعة أطفال يعمل مزارعاً في قرية بيكان في مقاطعة رانجبور: "غمرت المياه معظم الأراضي التي أملكها. ولا أعرف كيف سأتمكن من تأمين الاحتياجات الأساسية لأسرتي في الأيام المقبلة".
وأخبرت كريستا ريدر، ممثلة برنامج الأغذية العالمي في بنجلاديش شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) أن مساعدات الوكالات تركزت على توزيع البسكويت المغذي الذي لا يتطلب الطهي. وتابعت حديثها قائلة: "منذ 24 أغسطس، استطاع برنامج الأغذية العالمي الوصول إلى أكثر من 50,000 شخص وتقديم البسكويت المغذي في المناطق المتضررة من الفيضانات والمناطق التي تسبب فيها النهر بتعرية التربة في الشمال". وأوضحت أن العديد من الناس قد فروا من منازلهم المتضررة بالفيضانات ويعيشون الآن في مناطق مرتفعة أو فوق السدود، دون مواقد أو أوان للطبخ.
وأضافت أن "هذه المساعدة الغذائية العاجلة مهمة لأنه في الفترة الأولى بعد الفيضانات لا تتوفر لدى الناس أي وسيلة لطهي الطعام ويعتمدون على مساعداتنا الجاهزة للأكل. وهناك الكثير من الأشخاص النازحين في المناطق المتضررة من الفيضانات الذين لم يتلقوا حتى الآن أي مساعدة فورية".
عدد وفيات أقل
وتشير بعض المؤشرات إلى أن قدرة بنجلاديش على الاستجابة للكوارث قد تحسنت في السنوات الأخيرة. فبينما لقي 17 شخصاً حتفهم في فيضانات هذا العام، فإن موجة مماثلة من الفيضانات في عام 2007 أدت إلى مقتل 1,110 أشخاص، و1,050 شخصاً في عام 1998، و2,379 شخصاً في عام 1988.
وقد قامت الحكومة بتحديث مركز التنبؤ والتحذير من الفيضانات، الذي يقدم الآن تنبؤات محدّثة للفيضانات لما يصل إلى خمسة أيام مقدماً (مقابل العتبة السابقة التي بلغت ثلاثة أيام)، بالإضافة إلى تقديم المعلومات عبر الإنترنت وللمتصلين عبر الهاتف.
المخاوف على المدى الطويل
من جهته، قال ريزاول كريم شودري، المدير التنفيذي لمنظمة كوست تراست غير الحكومية لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) أنه يجب أن تضع الاستجابة الحكومية في الاعتبار أيضاً تدابير إغاثية ذات مدى بعيد.
وقد أدت الفيضانات في شرق بنجلاديش في عام 2012 إلى معاناة الآلاف من انعدام الأمن الغذائي حيث بقيت المياه لفترات طويلة وأضرّت بشدة بالمحاصيل.
وقال سنيهال سونيجي، المدير القطري لأوكسفام في بنجلاديش، أن فيضانات هذا العام تسببت أيضاً بأضرار للأراضي الزراعية.
"دمرت الفيضانات المحصولين الرئيسيين أمان وأوش [محصولي الأرز الرئيسيين]، والقنّب والخضروات تماماً لأن معظم الحقول غمرتها المياه لمدة 17 يوماً الماضية. وتؤثر هذه الأضرار التي لحقت بالزراعة الرئيسية سلباً على سبل عيش المزارعين على المدى الطويل".
وتشير أدلة أخرى إلى الضرر في البنية التحتية الذي سيكون له أثر على المديين القصير والطويل.
وقد حذرت جمعية الهلال الأحمر والاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر في بنجلاديش في بيان صادر عنهما أن "هناك تقديرات بتلوّث عدد كبير من الآبار الأنبوبية اليدوية بمياه الفيضانات، مما أجبر السكان المتضررين على البحث عن مصادر بديلة للمياه. ومع نقص مياه الشرب المأمونة ومرافق الصرف الصحي المناسبة، يبقى خطر الإصابة بالإسهال والأمراض التي تنقلها المياه الأخرى مرتفعاً".
وأوضح سونيجي قائلاً: "تعدّ مياه الشرب المأمونة، وأدوات النظافة الشخصية والصرف الصحي، والأموال المخصصة للغذاء من بين الاحتياجات الفورية في هذا الوقت،" مضيفاً أن منظمة أوكسفام قدمت مستلزمات النظافة الشخصية لـ 600 أسرة.
في الوقت ذاته، أكّد وزير إدارة الكوارث والإغاثة في بنجلاديش، موفازال حسين شودري مايا، في زيارة له للمناطق المتضررة أن الحكومة تستجيب بشكل فعال.
وذكرت وسائل الإعلام التي تديرها الدولة أن الوزير قد خاطب برنامج توزيع مواد الإغاثة في شمال مقاطعة جايباندا قائلاً: "لا أحد سيموت بسبب نقص الطعام".
mw/kk/cb-aha/dvh"