من المتوقع أن يتواصل التباطؤ في أعداد اللاجئين الأفغان العائدين من باكستان طوال عام 2014، وفقاً للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، نظراً لحالة عدم اليقين التي يعيشها الأفغان هذا العام في داخل البلاد وخارجها.
وفي هذا السياق، قال بو شاك، ممثل المفوضية في أفغانستان، لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) في دبي خلال مناقشات حول اللاجئين الأفغان مع نظيره ممثل المفوضية في باكستان وممثل الحكومة الباكستانية: تؤكد الأرقام هذا الانخفاض الكبير، ولكن هناك إدراكاً عاماً بين الجميع أن ذلك كان متوقعاً بالتأكيد".
وأضاف قائلاً: "تمثل هذه الأرقام رسالة حول حالة عدم اليقين التي نواجهها، وفي هذا السياق ينتظر الناس على أمل ...أو ربما خوفاً مما سيحدث".
وتنتظر أفغانستان انتخابات في أبريل مع اقتراب نهاية حكم الرئيس حامد كرزاي لفترتين متتاليتين. ومن المتوقع أيضاً، حدوث انسحاب شبه كامل لقوة المساعدة الأمنية الدولية (ايساف) التي يقودها حلف شمال الاطلسي بحلول نهاية العام، مما يثير توقعات بضعف قوة الحكومة في حربها ضد طالبان وغيرها من الميليشيات المناهضة للحكومة.
وقال نيل رايت، ممثل المفوضية في باكستان: "يثير المستوى الحالي من العودة الطوعية إلى الوطن قلق الحكومة الباكستانية. فهي تميل لقياس نجاح تنفيذ العودة الطوعية استناداً إلى حدوث نمو صاف أو انخفاض صاف في الأعداد".
وقد فر العديد من اللاجئين الأفغان من بلادهم في بداية الحرب الأهلية في أواخر سبعينيات القرن الماضي، ومع المعدلات الحالية للعودة، تخشى الحكومات المجاورة من أنها قد تستمر باستضافة اللاجئين الأفغان لثلاثة عقود أخرى.
العائدون
وفي العام الماضي، عاد ما يزيد قليلاً عن 31,000 لاجئ أفغاني مسجل، أو 6,318 أسرة، طوعاً إلى أفغانستان قادمين من باكستان بدعم من المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين مقارنة بـ 86,000 عائد في عام 2012. ومنذ عام 2002 وحتى عام 2010، في أعقاب الإطاحة بحكومة طالبان، بلغت معدلات العودة الطوعية إلى الوطن من باكستان أكثر من 400,000 عائد سنوياً. كما عاد أكثر من 8,000 لاجئ أفغاني من إيران في عام 2013.
وقال نايجل جنكينز، مدير لجنة الإنقاذ الدولية (IRC) في أفغانستان: "يبدو أن الأرقام قد تباطأت بشكل كبير جداً، ولذلك أعتقد أننا قد وصلنا إلى المستوى الذي عاد فيه كل من كان مستعداً للعودة".
وأضاف قائلاً: "ويبدو أن آخرين قد استقروا مالياً في البلاد، أي باكستان أو إيران، نظراً لمجموعة متنوعة من الأسباب. وهذا يبعث على القلق. أعني، لا يزال هناك عدد كبير من اللاجئين".
وقد اختار بعض الأفغان في باكستان إعادة التوطين في بلد ثالث، مع قبول 411 من هذه الطلبات في عام 2013، وفقاً للمفوضية.
وتشير وثيقة النظرة العامة للاحتياجات الإنسانية في أفغانستان لهذا العام إلى أن القطاع الإنساني يقدر عودة 50,000 لاجئ عام 2014 وأن 239,010 لاجئ ومهاجر غير شرعي في أفغانستان سيكونون بحاجة إلى المساعدة.
وستكون فترة ما بعد الانتخابات من مايو إلى يونيو فترة حاسمة، حسب قول ماهر سفرلي، رئيس المكتب الفرعي للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في بلدة جلال أباد الأفغانية شرق البلاد. فإذا مرت الانتخابات بشكل سلس ولم يحصل تدهور كبير للوضع الأمني في تلك الفترة، فقد يكون التوازن لدى بعض اللاجئين الأفغان في الخارج لصالح العودة.
وأضاف قائلاً: "الناس قلقون بشأن الانتخابات، لذا فهم مترددون. في الوقت الراهن، هم في وضع الانتظار".
الحياة في باكستان
ويعد الجانب الباكستاني من الحدود موطناً لأكبر عدد من اللاجئين الأفغان - نحو 1.6 مليون شخص. وقد عملت الحكومة الجديدة، التي انتخبت العام الماضي، على تحسين الإطار القانوني للاجئين وتقوم حالياً بعملية صياغة قانون وطني للاجئين، سيكون الأول من نوعه في البلاد، وسيضمن مزيداً من الحقوق للاجئين ويوفر درجة أكبر من الأمن.
واعتباراً من هذا الشهر، سيتم تسليم بطاقات إثبات تسجيل جديدة (PoR) للاجئين الأفغان في باكستان، مع تاريخ انتهاء صلاحية جديد: نهاية عام 2015. فقد انتهت بطاقات إثبات التسجيل السابقة في نهاية عام 2012، وتم تمديدها في وقت لاحق لمدة ستة أشهر إضافية.
ويعرف اللاجئون الأفغان جيداً أنهم إن لم يقوموا بتغيير جنسيتهم من خلال الزواج، فإنهم سيظلون ضيوفاً في باكستان.
وتابع رايت حديثه قائلاً: "إذا تحسن الوضع في أفغانستان، عندها سيعود المزيد من اللاجئين إلى ديارهم. إنهم يدركون جميعاً أن هذا هو الحل الأكثر احتمالاً. فمهما طال بقاؤهم في باكستان، فسيبقون مواطنين أفغان، وبالتالي سيظلون لاجئين لا يحملون الجنسية الباكستانية".
وعلى الرغم من تذمر بعض السكان المحليين من وجود اللاجئين الأفغان في إيران وباكستان، تقول كلتا الحكومتين أنهما ملتزمتان باستضافة اللاجئين، وتتطلعان إلى العودة الطوعية إلى الوطن باعتبارها وسيلة يمكن من خلالها تشجيع مجتمع اللاجئين على العودة.
وفي مايو 2012، دعم المجتمع الدولي استراتيجية حل إقليمية لشؤون اللاجئين الأفغان (SSAR)، وستوفر هذه الإستراتيجية برامج لمساعدة المجتمعات المحلية المضيفة ومجتمعات اللاجئين في إيران وباكستان، وتوفر المساعدة للاجئين الذين يعودون إلى أفغانستان. وتعقد باكستان وأفغانستان أيضاً اجتماعات منتظمة مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين كجزء من لجنة ثلاثية رسمية تم إنشاؤها لمناقشة قضايا العودة والاستضافة.
طلبات اللجوء
ويختلف الخبراء حول ما سيجلبه العام المقبل، إذ قال جنكينز، من لجنة الإنقاذ الدولية في أفغانستان: "مع توقيع بعض الاتفاقيات أو تجديدها، لا أرى إمكانية لتدفق اللاجئين العائدين إلى بلادهم. في الواقع، قد نرى عكس ذلك. إذا تدهور الوضع الأمني في البلاد، هناك احتمال قوي لحدوث زيادة في عدد النازحين داخلياً واحتمال نزوح اللاجئين إلى الخارج".
وحتى الآن، لاتزال المفوضية تستلم عدداً قليلاً من طلبات لجوء الأفغان في باكستان كل عام على الرغم من عبور آلاف الأشخاص الحدود يومياً.
وختم رايت حديثه قائلاً: "على الرغم من كل مخاوف اللاجئين حول ما سيحدث في أفغانستان، لم تحدث زيادة في طلبات اللجوء الجديدة في باكستان، وهكذا لا توجد أية دلائل في هذا الوقت على أنه سيكون هناك طفرة هائلة في أعداد طالبي اللجوء الجدد نتيجة للأحداث في أفغانستان هذا العام. لا شيء على الإطلاق في الوقت الراهن".
وفي الوقت الحالي، يعتمد الأفغان على طرفي الحدود نهج الانتظار والترقب. فبعد قضاء ما يصل إلى ثلاثة عقود في الخارج، تشعر كثير من عائلات اللاجئين أنها على استعداد للانتظار لفترة أطول قليلاً.
jj/rz-aha/dvh
"