1. الرئيسية
  2. West Africa
  3. Mali

التفاوض حول تقديم المساعدات في مناطق النزاع في مالي

Sacks of UK-funded rice are being transported by WFP from the central river port of Mopti to the northern town of Timbuktu and beyond Daouda Guirou/WFP
تمكنت وكالات الاغاثة من العمل في شمال مالي طوال فترة احتلالها من قبل متشددين إسلاميين في عام 2012، وفي ظل التعقيدات الجديدة التي نجمت عن الحملة العسكرية التي قادتها فرنسا في وقت سابق من هذا العام، لكن جهودها لم تسترشد بتوجيهات محددة.

تحدثت شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) إلى موظفي الإغاثة في مالي حول كيفية التفاوض للتغلب على تحديات الوصول في منطقة تواجه احتياجات غذائية وصحية حرجة على مدار عامي 2012 و2013.

كيف بدا وصول المساعدات الإنسانية؟

في بداية احتلال الجماعات المتمردة والإسلامية لمنطقة شمال مالي في أبريل 2012، انسحبت العديد من المنظمات غير الحكومية الدولية ووكالات الأمم المتحدة في البداية، في كثير من الأحيان بعد تعرض مكاتبها ومركباتها وإمدادات الإغاثة الخاصة بها للنهب. ونقلت بعض المنظمات موظفيها إلى منطقة موبتي الوسطى وأرسلت الموظفين الدوليين إلى العاصمة باماكو؛ بينما نقلت منظمات أخرى برامجها جنوباً إلى موبتي ودوينتزا وسيغو.

كما واجهت وكالات عديدة مشاكل أعاقت نطاق عملياتها، لأن معظمها شارك في مشاريع تنموية طويلة المدى. ولا يزال الوصول يمثل مشكلة بالنسبة لبرنامج الأغذية العالمي والعديد من المنظمات الأخرى. وقالت سالي هايدوك، مدير البرنامج في مالي، لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) في شهر مارس من هذا العام: "أحد أهم أولوياتنا هو استعادة فرص وصول المساعدات الإنسانية، لأن هذا من شأنه أن يسمح للبرنامج بإعادة فتح مكاتبه للمساعدة في تحمل عبء أكبر من ذي قبل، كما سيسمح لشركائنا بالعمل بشكل كامل".

مع ذلك، واصلت منظمات غير حكومية عديدة العمل في شمال مالي طوال فترة الاحتلال الإسلامي، وحقق الكثير منها زيادة كبيرة في الوصول الإنساني بسبب ظروف الأزمة. وقد عملت اللجنة الدولية للصليب الأحمر ومنظمة أطباء العالم والعمل ضد الجوع وسولاريديتيه إنترناسيونال وأطباء بلا حدود في جميع المناطق الشمالية في عام 2012 و 2013، وأكد رؤساء كل منظمة منها أن فرص وصولهم إلى المحتاجين لم تتأثر بشكل كبير. وقدمت تلك المنظمات معاً الدعم التغذوي، والرعاية الصحية، وخدمات المياه والصرف الصحي إلى عدد كبير من السكان الذين مكثوا هناك.

وقال فرانك أبيلي، مدير مكتب منظمة سولاريديتيه إنترناسيونال في مالي أن الأمور أصبحت أكثر تعقيداً بعد التدخل العسكري بقيادة فرنسا، الذي بدأ في يناير 2013، نتيجة لعدم وجود سلطات واضحة في العديد من المناطق الشمالية. ولا تزال معظم الإدارات المدنية بدون موظفين، وغالباً ما تكون سلسلة القيادة العسكرية غير واضحة.

وقال المتحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في جنيف، وولدا سوجيرون، في تصريح لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين): "من المفارقات، أن الأوضاع أصبحت أكثر تعقيداً بعد التدخل العسكري، نظراً لبدء تغيير المحاورين".

وأضاف رئيس منظمة العمل ضد الجوع فرانك فانيتيل، في حوار مع شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين)، أن "الوضع الآن أكثر تعقيداً نظراً لعدم وجود سلطات. إننا نتفاوض بشأن فرص الوصول مع أي شخص نستطيع العثور عليه".

وكررت منظمة أطباء العالم نفس الشكوى في المنطقة الشمالية الشرقية، كيدال، حيث ساد الارتباك وأعاق الوصول بسبب الصراع على السلطة بين الحركة الوطنية لتحرير أزواد والحركة الإسلامية في أزواد وغيرهما من الجماعات. وقال منسق منظمة أطباء العالم في بلجيكا، سيباستيان لومير، لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين): "لا نعرف مع من نتحدث بشأن الوصول، أو من بيده القرار بشأن مختلف القضايا. إنه وضع مربك للجميع، بما في ذلك السكان".

وأفاد سوجيرون أن الوضع تحسن في الأسابيع الأخيرة، وتوقع أن يعود مستوى وصول اللجنة الدولية للصليب الأحمر إلى المحتاجين إلى مستويات ما قبل التدخل الفرنسي اعتباراً من أبريل 2013.

ما هي بعض الأساليب المستخدمة لتأمين الوصول؟

وبعد الاحتلال الأول، أعادت بعض المنظمات تأسيس الوصول من خلال العمل مع الشركاء المحليين. فقد تعاون برنامج الأغذية العالمي، على سبيل المثال، مع وكالة التعاون التقني والتنمية (أكتد) في منطقة ميناكا، ومع منظمة المعونة الكنسية النرويجية في كيدال، وكلاهما على اتصال بالمنظمات غير الحكومية المحلية. ووفقاً لبرنامج الأغذية العالمي، وصلت المساعدات الغذائية التي قدمها إلى 150,000 شخص في عامي 2012 و2013. كما عملت اللجنة الدولية للصليب الأحمر عن كثب مع الصليب الأحمر المالي.

من ناحية أخرى، لجأت وكالات عديدة إلى التفاوض مع أي شخص تحتاج إلى العمل معه من أجل الوصول إلى المحتاجين، بما في ذلك، في عام 2012، جماعات مسلحة إسلامية، مثل حركة التوحيد والجهاد في غرب أفريقيا، وجماعة أنصار الدين، وتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، وتفاوضت في عام 2013 مع جيوش مالي وفرنسا وتشاد، فضلاً عن السلطات المحلية والحركة الوطنية لتحرير أزواد.

وفي أبريل 2012، على سبيل المثال، دشنت منظمة أطباء بلا حدود برنامج رعاية صحية كبير في منطقة تمبكتو وأجزاء من منطقة غاو عن طريق التفاوض مع جميع الأطراف في الصراع - بما في ذلك الجماعات المسلحة، وفي الآونة الأخيرة، مع القوات الفرنسية وجيش مالي.

وقال يوهان سيكينس، رئيس مكتب منظمة أطباء بلا حدود في مالي: "يجب التفاوض مع الجميع. لقد توصلنا إلى طريقة للاحتفاظ بفرقنا في الشمال العام الماضي وإبقائهم هناك هذا العام - وأسسنا الحيز الإنساني الخاص بنا شيئاً فشيئاً. هذا جزء من عملنا كوكالة إنسانية، وهو ليس سراً. لا يوجد أي ضمان للقبول بوجودنا".

ووفقاً لفانيتيل من منظمة العمل ضد الجوع، لم ترفض حركة التوحيد والجهاد في غرب أفريقيا وصول المنظمات الإنسانية إلى غاو على الإطلاق. وأضاف قائلاً: "كان علينا تأكيد تحركاتنا قبل القيام بها بـ24 ساعة، وكانوا دائماً يوافقون عليها. كان هناك تسلسل قيادة مباشر، مما وفر لنا الضمانات اللازمة".

كيف تغير التفاوض؟

تغير أسلوب استخدام التفاوض حول تقديم المساعدات في المناطق التي يسيطر عليها المتمردون على مدى السنوات العشرين الماضية. ففي تسعينيات القرن الماضي، غالباً ما كانت وكالات الأمم المتحدة تقود المفاوضات حول وصول المساعدات الإنسانية بالنيابة عن الكثير من منظمات الإغاثة - كما حدث في عملية شريان الحياة للسودان. وكان التفاوض يعتبر جزءاً لا يتجزأ من وضع المبادئ الإنسانية موضع التنفيذ.

لكن كل هذا قد تغير بعد هجمات 11 سبتمبر على الولايات المتحدة، وفقاً لبحث أجراه معهد التنمية الخارجية (ODI). وقال تقرير أصدره المعهد بعنوان "الحديث إلى الجانب الآخر" أن "المنظمات الإنسانية تعرضت لضغوط لفترات طويلة من جانب بعض الدول لمنع التعامل مع [الجهات الفاعلة المسلحة غير التابعة للدولة]، وكان ذلك جزئياً بسبب الخشية من أن يضفي ذلك شرعية عليهم". لكن الآن، غالباً ما تُدرج هذه الجهات الفاعلة غير التابعة للدولة "كمنظمات إرهابية في الحالات التي يكون فيها التدخل الانساني هو الأكثر إلحاحاً،" مما يثبط التفاعل المباشر.

وقال عامل إغاثة محنك أن هذه كانت بداية التحول في الثقافة الإنسانية، وخاصة بالنسبة للأمم المتحدة. وأضاف قائلاً: "نحن الآن أكثر خوفاً من ذي قبل ... لقد فقدنا ثقافة التفاوض مع المتمردين ... لقد كان ذلك دائماً عملاً شديد الخطورة، ولكننا أينما ذهبنا الآن، ننحاز إلى جانب الحكومات".

وبالنسبة لأحد كبار مسؤولي الأمم المتحدة، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، ليس أمام الأمم المتحدة خيار سوى أن تكون أكثر حذراً من جماعات الإغاثة الأخرى. وأوضح أنك "لابد أن تتعرف على طبيعة جماعات مثل تنظيم القاعدة بالمغرب الإسلامي، وحركة التوحيد والجهاد في غرب أفريقيا وجماعة أنصار الدين، الذين قالوا أن الأمم المتحدة من بين أكبر خمسة أهداف يسعون لضربها ... إذا كنت موظفاً في الأمم المتحدة، وكنت على قائمة المستهدفين. هذا هو السبب الذي يجعلنا نعمل من خلال الشركاء".

لكن بعض الوكالات، مثل منظمة أطباء العالم، تخشى من أن العمل مع الشركاء المحليين قد يعرض حياد عملياتها للخطر، لأنك من المستحيل أن تعرف بالضبط موقف موظفي الشركاء دون رقابة صارمة.

وقال العديد من الذين أجريت معهم مقابلات أن هناك حاجة إلى التدريب على التفاوض بشأن الوصول في مناطق النزاع، وهو الرأي الذي عبر عنه أيضاً مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) في تقرير بعنوان "البقاء والتوصيل في عام 2011".

وتجدر الإشارة إلى أن العديد من المنظمات، مثل اللجنة الدولية للصليب الأحمر، تفعل هذا بالفعل. فهي تستخدم الشبكات والتوعية لمساعدة الأطراف المتفاوضة على اكتساب الثقة في حيادها.

"هذا أمر تم تطويره على مدار فترة طويلة من الزمن، ويرتبط مباشرة بمسألة الاضطرار إلى العمل في مناطق الصراع،" كما أشار سوجيرون، الذي ذكر أن بعض الوكالات طلبت من اللجنة الدولية للصليب الأحمر توجيهات في هذا المجال.

وأفاد مسؤول في الأمم المتحدة أنه بدلاً من التفاوض المباشر مع الجماعات المسلحة في مالي بشأن الوصول الإنساني، تفاوض العديد من مقدمي المساعدات مع لجان إدارة الأزمة على مستوى القرية، التي تضم المدنيين والمتمردين على حد سواء. وأضاف أن الوصول المتفق عليه مع هذه اللجان تحقق إلى حد كبير، ويعود ذلك جزئياً لأن اثنتان من المجموعات ذات الصلة - وهما حركة التوحيد والجهاد في غرب أفريقيا وجماعة أنصار الدين - لا مصلحة لهما في تحويل مسار المساعدات الإنسانية. وتتجلى ميزة لجان إدارة الأزمة في أنها تستطيع أن تعمل ذهاباً وإياباً بين جنوب وشمال مالي، ولديها نقاط اتصال متعددة، كما أشار.

وأكد أن "ما تحقق كان أفضل ما يمكن التوصل إليه في ظل هذه الظروف".

ما هي التحديات الأمنية المتبقية؟

بالنظر إلى الرقابة العسكرية المشددة بعد التدخل الذي قادته فرنسا، بدأت مناطق كثيرة في الشمال تفتح أبوابها مرة أخرى لوكالات المعونة. ولكن أحد موظفي الأمم المتحدة قال أن الوصول لا يزال محدوداً بسبب اللصوصية الانتهازية والإجرام في المناطق التي لا توجد بها قوات أمن.

وتشمل اللصوصية الهجوم على طول حوض نهر النيجر وطرق معينة، مثل الطريق الرئيسي من غاو إلى كيدال. كما تشمل التهديدات العبوات الناسفة والألغام الأرضية في أجزاء من غاو. ومن المرجح أن ينشط الاتجار غير المشروع في السجائر والمخدرات والبضائع المهربة الأخرى من جديد.

"في أغلب الأحوال يكون لدينا أمن في المدن، وانعدام الأمن في أماكن أخرى - وهذا إلى حد كبير ما كان سائداً قبل نشوب الصراع في عام 2012،" كما أوضح أحد مسؤولي الأمم المتحدة، مضيفاً "إننا لا نريد العودة إلى ما كانت عليه الأمور من قبل؛ بل نريد أن نتجاوز ذلك".

ويقوم مجلس الأمن الدولي حالياً بمراجعة مشروع قرار يتيح نشر بعثة لحفظ السلام قوامها 12,600 جندي في مالي قبل الأول من يوليو القادم. وإذا حاولت هذه المبادرة دمج العمليات العسكرية والإنسانية والسياسية، فإن حياد وكالات الأمم المتحدة قد يصبح موضع شك.

وقال فرناندو أرويو، رئيس مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في مالي أن "طبيعة ولاية إدارة عمليات حفظ السلام (DPKO) في مالي ستكون هي الفيصل. فهناك توافق واسع بين المنظمات الإنسانية بشأن ضرورة استمرار الفصل بين جداول الأعمال الإنسانية والسياسية، لأن الفشل في ذلك يمكن أن يقوض النزاهة المتصورة التي اكتسبتها المنظمات الإنسانية حتى الآن في الشمال".

من ناحية أخرى، يمكن للدمج بينهما أن يمنح المنظمات الإنسانية صوتاً على الطاولة، مما قد يؤدي إلى تحسين الأمن لبرامجها، حسبما ذكر مسؤول الأمم المتحدة.

لكن أرويو أفاد أن الأولوية القصوى لوكالات المعونة في الوقت الحاضر هي وضع الأشخاص المناسبين في المكان المناسب لإعادة تشغيل الخدمات الأساسية.

aj/rz-ais/dvh

This article was produced by IRIN News while it was part of the United Nations Office for the Coordination of Humanitarian Affairs. Please send queries on copyright or liability to the UN. For more information: https://shop.un.org/rights-permissions

Share this article

Get the day’s top headlines in your inbox every morning

Starting at just $5 a month, you can become a member of The New Humanitarian and receive our premium newsletter, DAWNS Digest.

DAWNS Digest has been the trusted essential morning read for global aid and foreign policy professionals for more than 10 years.

Government, media, global governance organisations, NGOs, academics, and more subscribe to DAWNS to receive the day’s top global headlines of news and analysis in their inboxes every weekday morning.

It’s the perfect way to start your day.

Become a member of The New Humanitarian today and you’ll automatically be subscribed to DAWNS Digest – free of charge.

Become a member of The New Humanitarian

Support our journalism and become more involved in our community. Help us deliver informative, accessible, independent journalism that you can trust and provides accountability to the millions of people affected by crises worldwide.

Join