1. الرئيسية
  2. Middle East and North Africa
  3. Iraq

هجرة العقول في سوريا - تطور آخر للأزمة في البلاد

A Syrian doctor working at a makeshift clinic at Atme Camp for displaced people in northern Syria examines an infant showing symptoms of intestinal distress. Doctors report seeing a variety of health problems, including respiratory and intestinal problems Jodi Hilton/IRIN
تستنزف هجرة السوريين المتعلمين وأصحاب المهارات بشكل متزايد القوة العاملة في البلاد وجودة خدماتها الصحية المجهدة بالفعل بسبب عامين من النزاع.

وقال رضوان نويصر، منسق الشؤون الإنسانية الإقليمي، أن "الظاهرة مستمرة ومتنامية". فقد أثر هروب الموظفين على العمل في المؤسسات الحكومية والتعليمية والمصانع- لكن لا يتم الشعور بهذا الأثر في أي مكان أكثر من القطاع الصحي.

وقالت منظمة الصحة العالمية العام الماضي أن جميع الأطباء النفسيين التسعة في البلاد وأكثر من نصف الأطباء في حمص قد غادروا البلاد. وتعاني العيادات التي يديرها الهلال الأحمر العربي السوري من نقص في أطباء الجراحة وغيرهم من خبراء الطب.

وقد دخل النزاع السوري هذا الشهر عامه الثالث وتجاوز عدد اللاجئين المليون لاجئ. ويساور المراقبين قلق من أن تؤثر "هجرة العقول" على مستقبل سوريا على المدى الطويل.

وفي تصريح لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) قال نويصر: "هناك حاجة كبيرة إلى تلك المهارات من أجل إعادة بناء سوريا في المستقبل".

وعلى الرغم من تضرر البلاد من رحيل المتعلمين لعقود من الزمن بسبب غياب الفرص الاقتصادية والحرية السياسية، إلا أن النزاع قد فاقم نقص الأطباء والمهندسين والمدرسين والمحاميين إلى مستويات غير مسبوقة.

وقالت اللجنة الدولية المستقلة للتحقيق في سوريا في تقرير هذا الشهر أن "أحد أكثر المظاهر المثيرة للقلق للنزاع هي استخدام الرعاية الطبية كتكتيك حربي. فقد تم استهداف الطواقم الطبية والمستشفيات بصورة متعمدة وتم التعامل معهم من قبل أطراف النزاع كأهداف عسكرية".

ويواجه العديد من المهنيين وأصحاب الكفاءات صعوبة في الحصول على تأشيرة دخول إلى أوروبا ودول الخليج وقد انتهى بهم المطاف بدلاً من ذلك في مخيمات اللاجئين في الدول المجاورة حيث تحاول المنظمات الإنسانية الاستفادة من مهاراتهم من خلال برامج تعبئة المجتمع والنقد مقابل العمل في المدارس والمراكز الصحية في المخيمات. وقد قرر آخرون البقاء لمحاولة تلبية الاحتياجات في مجتمعاتهم.

وقد تحدثت شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) إلى المهنيين من ذوي المهارات العالية في داخل وخارج سوريا بشأن الاختيار الصعب الذي واجهوه وأثر قراراتهم على أنفسهم وبلادهم.

بيان* مهندس مدني من حمص:

"لن أغاد سوريا أبداً لأن لدي رؤية لبلادي. نحن نعمل على بناء مستقبل سوريا، ولذلك علي مسؤولية أن أبقى. لقد طلبت من زوجتي المغادرة لأن المكان ليس آمناً هنا، لكنها لا تريد الذهاب إلى أي مكان آخر أيضاً. زوجتي مدرسة وأنا مهندس مدني. لم أذهب إلى مكتبي منذ عامين تقريباً. لكنني قمت بتأسيس مجموعة تسمى "المهندسون السوريون الأحرار" لكي نتمكن من جمع الخبراء من ذوي الكفاءة الذين مازالوا موجودين داخل سوريا. تشمل مجموعتنا نحو 70 مهندساً في حمص من جميع التخصصات كالهندسة الكهربائية والميكانيكية والكومبيوتر والهندسة المدنية.

نقوم بالتنظيم من أجل العمل في أي مهام تأتي سواء كانت تنظيف الشوارع أو إصلاح خطوط الكهرباء. نحن نعمل أيضاً على دراسات لإعادة بناء سوريا بعد النزاع. أعرف أن الأمر يبدو افتراضاً نظرياً الآن لكن من المهم جداً أن نكون مستعدين عندما يحين الوقت لذلك. وعلى الرغم من أن لا أحد منا يعمل في وظيفته الطبيعية الآن، لا يزال هناك الكثير مما يجب القيام به على أرض الواقع في مجال العمل الطبي والإغاثي والإعلامي على سبيل المثال. هناك احتياج إلى كل شيء. فالحياة صعبة ولكنني سعيد لأنني هنا. كان لدي الكثير من العمل في حمص قبل الحرب وسيكون هناك عمل أكثر بعد ذلك".

محمد الخطيب مدرس من (27 عاماً):

"كنت أدرس اللغة الانجليزية في مدرسة محلية للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 6 و12 عاماً. تم إلقاء القبض علي في فبراير 2012 وتم سجني لمدة ستة أشهر لأنني كنت ناشطاً. وفي السجن ضربوني بشدة لدرجة أنهم كسروا أضلعي. غادرت سوريا بعد إطلاق سراحي مباشرة لأنني كنت أعرف أنه لو بقيت لاعتقلوني مرة أخرى. تم إغلاق المدرسة الآن بسبب القصف. قبل النزاع كان هناك ما بين 20 و50 مدرساً في تلك المدرسة. وقد انضم ستة منهم إلى الحركة الاحتجاجية وغادروا جميعاً سوريا الآن. كما أن الأمر صعب على الطلاب، فلا يوجد فصول ولا تعليم. أشعر بالأسف حيالهم.

قمت باستئجار شقة في القاهرة حيث أعيش مع أصدقاء لاجئين من سوريا أيضاً. تمكنت من الحصول على وظيفة إدارية في مدرسة لتدريب الطيارين لكن من الصعب أن أتدبر أموري لأن راتبي الشهري 200 دولار فقط في الوقت الذي أحتاج فيه إلى 300-400 دولار لأتدبر أموري المعيشية. ولذلك تضطر أسرتي إلى إرسال بعض المال الإضافي لمساعدتي. أفتقد سوريا فعلاً وأفتقد مدينتي وأصدقائي لكنني لا أستطيع العودة. إن الحياة في مصر صعبة. أتمنى أن أتمكن من الذهاب إلى أوروبا لكن لن تعطينا أي دولة تأشيرة دخول. ولذلك أنا عالق هنا في الوقت الحالي".

أنور* لاعب كرة قدم محترف من اللاذقية (44 عاماً):

"غادرت سوريا عام 2012 لأنني ببساطة لم أستطع الحصول على وظيفة. فلا توجد أسباب سياسية لمغادرتي. كنت لاعب كرة قدم. والآن أعمل كمدرب كرة قدم في دبي. إنها وظيفة جيدة والناس تحترمني فعلاً. لم يكن لدي أبداً وظيفة جيدة في سوريا. هذا هو السبب في قضائي جزءاً كبيراً من حياتي في الخارج. في عام 2003 طُلب مني العودة إلى سوريا لعمل دراسة عن حالة كرة القدم في البلاد، لكن ذلك لم ينجح. فلم يستمع أحد لما كنت أقول.

حاولت العيش في سوريا لكنني لم أر أي فرصة. لم يكن هناك مجال للأفكار الجديدة. هناك العديد من السوريين الذين يعملون في مناصب عليا في الخارج وهم يواجهون المشكلات ذاتها. هم تقريباً لا يريدون الأشخاص المؤهلين مثلنا. لكنني أشعر بالذنب كل يوم لعدم وجودي هناك. أنا مشهور جداً في بلادي بسبب مسيرتي الكروية والناس بحاجة إلى شيء يفتخرون به. لو كنت سأجد أي وظيفة لعدت من الغد".

أبو عدنان* طبيب أسنان من دير الزور (30 عاماً):

"فكرت كثيراً في الانتقال إلى بلد آخر. فالجميع يريد حياة آمنة. أشتاق إلى أشياء بسيطة مثل التنزه أو احتساء القهوة في الحديقة. أنا طبيب أسنان لكني لم أستطع العمل في مهنتي لأكثر من عام. لقد تم تدمير عيادتي بالكامل بسبب القصف. أحب عملي وأشتاق إليه كثيراً. أنا متخصص في عمل الجسور وأطقم الأسنان الجزئية. كما أن زوجتي طبية أسنان وقد لجأت إلى بلدة خارج دير الزور وأخذت معها ابنتنا البالغة من العمر عاماً واحداً.

كان هناك آلاف الأطباء في دير الزور. والآن لم يبق سوى 10 أطباء. أساعد في عيادة ميدانية الآن في تقطيب الجروح أو إعطاء الحقن. وغالباً ما نضطر إلى بتر الأطراف لأننا لا نملك الوسائل الضرورية لعلاج الإصابات. لا أعتقد أنني سأحظى بمستقبل جيد. فقد تم تدمير كل شيء. سيستغرق إعادة بناء سوريا عقوداً من الزمن. تتوسل زوجتي لي لكي أنتقل بالأسرة إلى خارج سوريا لأنها خائفة جداً وهي تبكي في جميع الأوقات. بالطبع لا أريد أن تنشأ ابنتي في مثل هذه الأوضاع لكن ليس من السهل أن تغادر المدينة التي نشأت فيها".

طلال هوشان قاضي من محافظة حماة (49 عاماً):

"غادرت سوريا لأنني لم أستطع أن أتحمل جرائم الحرب التي يرتكبها النظام لفترة أطول. لقد هربت مع أسرتي مباشرة بعد المجزرة التي ارتكبت في يونيو 2012 في القبير، وهي بلدة بالقرب من حماة. لقد رأيت جثث أربعة أطفال وامرأتين وكان من الواضح أنه قد جرى إعدامهم. كوني المدير المحلي للنيابة العامة، كان علي أن أعاين الجثث. كنت ألعن النظام بصوت خافت كلما حصلت على معلومات تؤكد أنه المسؤول عن تلك المجزرة. سمعني أحد الجنود وطلب مني أن أصمت. وفي اليوم التالي اتصلت بالجيش السوري الحر الذي ساعدني على الهروب عبر الحدود إلى تركيا.

لقد كان لدينا شقة كبيرة وجميلة أما الشقة التي نستأجرها الآن في جنوب تركيا فأصغر بكثير. ليس لدي وظيفة ولا دخل. قمنا ببيع سيارتنا ويقوم أصدقاؤنا الآن بمساعدتنا. نحن أفضل حالاً من معظم اللاجئين لكنني قلق بشأن أطفالي. لدي أربع بنات وولدان وجميعهم مرضى. فهم يعانون من مرض في القلب ولم يذهبوا إلى الطبيب منذ وقت طويل. أود أن أصطحب أسرتي إلى السويد لأن لديهم علاجاً متقدماً جداً لهذا المرض هناك. اتصلت بالقنصلية السويدية لكنهم رفضوا إعطاءنا تأشيرات دخول. لا تهمني نفسي لكن أسرتي بحاجة فعلاً إلى المساعدة. فحالة أطفالي تزداد سوءاً يوماً بعد يوم".

ديلشاد عثمان فني حاسب آلي من القامشلي (26 عاماً):

"غادرت سوريا في ديسمبر 2011. وككردي كنت دوماً أنتقد النظام. كنت أعمل لدى شركة تقدم خدمة الانترنت في دمشق، لكنهم كانوا يُسندون لي المهام التافهة فقط وكان راتبي منخفضاً. وعندما بدأت الثورة فقدت وظيفتي بسبب آرائي السياسية. ثم انضممت إلى منظمة غير حكومية في دمشق تقوم بتوثيق أعمال العنف ضد الصحفيين. كنت أطور وسائل للنشطاء ليكونوا آمنين على شبكة الانترنت.

في أكتوبر 2011 سجلت مقابلة مع صحفي بريطاني. ألقي القبض على هذا الصحفي وبحوزته فيلم المقابلة على كمبيوتره المحمول. قام أحد الأصدقاء بتحذيري فهربت عبر الحدود إلى لبنان لأنني كنت أعرف أن القوات الأمنية كانت تبحث عني. ثم عثرت على وظيفة في الولايات المتحدة الأمريكية وحصلت على تأشيرة للانتقال إلى هناك. كنت محظوظاً فهناك الكثير من الفرص للأشخاص الذين يملكون مهارات في مجال الحاسب الآلي.

لا أفتقد سوريا على الإطلاق لأنني لم أكن أحظى بالاحترام هناك ولا بأمان وظيفي أو حتى مهنية في العمل. الأمر مختلف هنا في واشنطن. كمهني محترف أنا سعيد هنا. لدي وظيفة رائعة ودخل جيد وتأمين. لا أعرف إذا كنت سأعود إلى هناك يوماً، فهنا يمكنني تحقيق شيء ما. أعمل لدى منظمة غير حكومية تدعو إلى حرية الانترنت ليس فقط في سوريا ولكن في كل مكان في العالم. ويمكنني أيضاً أن أساعد أسرتي مالياً.

كيف أتخيل مستقبلي؟ لا أرى مستقبلي في الوقت الحالي. فهذا الجزء من حياتي مازال مفقوداً. آمل أن أجد الإجابة على ذلك السؤال في يوم ما".

* ليس اسماً حقيقياً

gmk/af/ha/rz-hk/dvh

This article was produced by IRIN News while it was part of the United Nations Office for the Coordination of Humanitarian Affairs. Please send queries on copyright or liability to the UN. For more information: https://shop.un.org/rights-permissions

Share this article

Get the day’s top headlines in your inbox every morning

Starting at just $5 a month, you can become a member of The New Humanitarian and receive our premium newsletter, DAWNS Digest.

DAWNS Digest has been the trusted essential morning read for global aid and foreign policy professionals for more than 10 years.

Government, media, global governance organisations, NGOs, academics, and more subscribe to DAWNS to receive the day’s top global headlines of news and analysis in their inboxes every weekday morning.

It’s the perfect way to start your day.

Become a member of The New Humanitarian today and you’ll automatically be subscribed to DAWNS Digest – free of charge.

Become a member of The New Humanitarian

Support our journalism and become more involved in our community. Help us deliver informative, accessible, independent journalism that you can trust and provides accountability to the millions of people affected by crises worldwide.

Join