1. الرئيسية
  2. Middle East and North Africa
  3. Palestine

الأرض الفلسطينية المحتلة: وجود محفوف بالمخاطر في غور الأردن

A flock of sheep near the village of Al-Maitah in the Jordan Valley. Palestinian herding communities forced to evacuate from firing zones cannot move far with their animals Zahra Moloo/IRIN

تبدو مشاهد تلال غور الأردن المفتوحة في الضفة الغربية- بالنسبة لهؤلاء الذين شاهدوا مؤخراً صور القصف الإسرائيلي لقطاع غزة- بمثابة تناقض صارخ. ففي هذا المكان تعبر قطعان من الأغنام برفقة رعاتها منحدرات التلال للوصول إلى بعض أخصب الأراضي في الأرض الفلسطينية المحتلة التي لا مثيل لها حتى في إسرائيل.

لكن على الرغم من وفرة الأراضي والموارد، يعتبر الفلسطينيون الذين يعيشون في منطقة الأغوار من أفقر السكان في الأرض الفلسطينية المحتلة ويفتقرون حتى إلى البنية التحتية الأساسية.

ويتميز غور الأردن بوجود خليط من المناطق التي يسمح للفلسطينيين بالعيش فيها مما يترك مجالاً ضئيلاً للمناورة.

وفي تصريح لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين)، قال رامش راجاسينغام، مدير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) في الأرض الفلسطينية المحتلة أن تلك القيود حدت من قدرة سكان المنطقة على الاكتفاء الذاتي. فهم في أزمة إنسانية مصطنعة، إذ يملكون القدرة والتدريب والتعليم، لكن القيود المفروضة عليهم جعلتهم ضعفاء".

ففي البداية، كان الفلسطينيون ممنوعين بشكل رسمي من دخول معظم أجزاء الأغوار– حيث تم تحديد 44 بالمائة من المنطقة كمناطق عسكرية مغلقة (شاملة ما يسمى بمناطق إطلاق النار) وكمحميات طبيعية. بالإضافة إلى ذلك، يقع 50 بالمائة من المناطق الأخرى في غور الأردن تحت سيطرة المستوطنات الإسرائيلية، وهو ما يعتبره الكثيرون في المجتمع الدولي وضعاً غير قانوني. وهذا يترك 6 بالمائة فقط من المناطق للفلسطينيين، وفقاً للأرقام التي رصدتها منظمة إنقاذ الطفولة.

وتعزز المجموعة الثانية من القيود هذا الإقصاء. فبموجب بنود إتفاقية أوسلو للسلام، تم تصنيف 90 بالمائة من مناطق الأغوار على أنها "مناطق ج". وفي هذه المناطق من الضفة الغربية تحتفظ إسرائيل بالسيطرة المدنية والعسكرية الكاملة، وهو ما يمكنها من تقييد حركة الفلسطينيين وعرقلة مشاريع البناء والتنمية.

وقال رامش راجاسينغام من مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا): "قبل بضعة سنوات، كانت المجتمعات في المنطقة ج تتمتع بالاكتفاء الذاتي إذ كان بإمكانها القيام بالتجارة وبيع المنتجات الزراعية ورعي الماشية والتنقل بحرية".

وقد تواجدت العديد من المجتمعات البدوية الزراعية قبل وجود اتفاقية أوسلو ومناطق إطلاق النار (التي تم إنشاؤها في ستينيات القرن الماضي) لكنها تجد نفسها الآن في حالة من الإقصاء المتزايد أو تعيش حياة محفوفة بالمخاطر.

ويعيش معظم الفلسطينيين هناك بدون فرص كافية للحصول على المياه النظيفة بينما تتمتع المستوطنات الإسرائيلية المجاورة بوفرة إمدادات المياه المدعومة من قبل الحكومة الإسرائيلية.

ويعاني أكثر من 90 بالمائة من المجتمعات الفلسطينية داخل مناطق إطلاق النار من شح المياه حيث يحصل الفرد على أقل من 60 لتراً في اليوم.

وتبلغ نسبة الأمن الغذائي في المنطقة "ج" ما بين 24-34 بالمائة بالنسبة للرعاة حيث يعيش العديد منهم في مناطق إطلاق النار.

العمليات العسكرية

وتطل على منطقة الأغوار العديد من القواعد العسكرية الإسرائيلية. وفي النهار، تقوم السيارات العسكرية بتخفيض سرعتها على الطريق ويسمع صدى إطلاق نيران المدفعية في حين تقوم الطائرات المروحية العسكرية بالتحليق في السماء أثناء الليل.

وأثناء قصف غزة الذي حدث قبل سبعة أسابيع واستمر لثمانية أيام، تواجدت الدبابات وعربات الجيب العسكرية والمخيمات العسكرية في منطقة الأغوار كجزء من التدريبات التي يقوم بها الجيش الإسرائيلي والتي وصفها المتحدث باسمه في تصريح لشبكة الإنباء الإنسانية (إيرين) بالضرورية من أجل "الاستعداد للسيناريوهات الأمنية المختلفة" مضيفاً أنه "من المهم "إخلاء المناطق العسكرية من الدخلاء... من أجل أمن الجنود والمدنيين الفلسطينيين على حد سواء".

وقال عيد أحمد موسى الفقير، وهو أحد الرعاة من قرية حمامات المالح يبلغ من العمر 68 عاماً لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) أن "الجيش جاء وقال ’إذا لم تغادروا هذه المنطقة لنتمكن من إجراء التدريبات العسكرية فسنقوم بهدم منازلكم. لابد أن تذهبوا إلى تياسير’ وهي منطقة بعيدة عن هنا".

وأضاف قائلاً: "كان من الصعب علينا الذهاب إلى هناك مع أغنامنا وأمتعتنا فنحن الآن في فصل الشتاء ولا نملك الكثير من المال والماشية تتناسل [في هذا الوقت من العام]. لذلك قمنا بالانتقال على بعد مسافة قصيرة فقط إلى جانب الطريق".

واستعداداً للتدريبات العسكرية، قام الجيش الإسرائيلي بإصدار أكثر من 40 أمر إخلاء للأسر الفلسطينية في شمال غور الأردن ممن يعيشون داخل أو على مقربة من مناطق إطلاق النار.

وقد عاد عدد من الفلسطينيين إلى منازلهم لكن الفقير وعائلته لا يعلمون متى سيعودون، حيث قال: "أخبرنا الجيش أنه لا ينبغي أن نعود حتى إذا انتهت التدريبات. وهنا بجانب الطريق من الصعب رعي ماشيتنا، لكننا نخشى من أن نعود ونكتشف أن علينا المغادرة مرة أخرى".

مناطق إطلاق النار

وقد تركت عملية النزوح تلك وغيرها من عميات النزوح الأخرى هذا العام الأسر الفلسطينية في المنطقة تتحدث عن مناخ عام من الخوف والشك والريبة وخاصة بين الأطفال.

ولم تستجب وحدة تنسيق الأنشطة الحكومية الإسرائيلية في الأراضي لطلبات إجراء مقابلة للحصول على تفاصيل بشأن التدريبات العسكرية الأخيرة.

وطبقاً لما ذكره مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) فإن حوالي 5,000 فلسطيني معظمهم من المجتمعات البدوية والرعوية يعيشون في مناطق إطلاق نار محددة في أنحاء الضفة الغربية.

ويعتبر الفلسطينيون الذين يعيشون في مناطق إطلاق النار من بين السكان الأكثر ضعفاً في الضفة الغربية حيث يتمتعون بفرصة ضئيلة للحصول على خدمات مثل الرعاية الصحية والتعليم ولا تتوفر لهم الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والصرف الصحي.

ويحظر على الفلسطينيين الدخول إلى مناطق إطلاق النار بدون تصريح من السلطات الإسرائيلية، وتغطي تلك المناطق حوالي 18 بالمائة من الأراضي في الضفة الغربية.

ويتم بصورة متكررة إصدار أوامر طرد وهدم منازل للسكان في تلك المناطق بالرغم من أن العديد منهم ذكروا أن عدداً قليلاً من التدريبات العسكرية يجرى في المناطق التي يقيمون فيها أو لا يجرى أي منها على الإطلاق".

ويواجه الفلسطينيون معارضة من الحكومة الإسرائيلية في الأماكن التي يحاولون فيها البناء.

نظام التصاريح

ويجعل نظام التصاريح الإسرائيلي- الذي يقول عنه بعض المحللين أنه يخالف القانون الدولي- الحياة اليومية في المنطقة "ج" أكثر صعوبة بالنسبة للفلسطينيين حيث يُطلب منهم التقدم بطلب الحصول على تصاريح لبناء إنشاءات مثل صهاريج المياه والمراحيض والمنازل.

ونادراً ما يتم منح تلك التصاريح وهو ما يجبر الفلسطينيين على التخلي عنها والمخاطرة بتعرضها للهدم.

وتجعل كل هذه القيود والتشريعات الحياة اليومية في غور الأردن محفوفة بالمخاطر. وطبقاً لما ذكره مركز معاً للتنمية وهو مؤسسة فلسطينية مستقلة للتدريب والتنمية فإن "إسرائيل قامت بتنفيذ عمليات هدم في غور الأردن أكثر من أي مكان آخر".

وقالت نشرة مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) عن المستوطنات في غور الأردن أنه في عام 2011 وحده كان هناك 200 عملية هدم لمبان فلسطينية شملت منازل ونتج عنها نزوح 430 شخصاً.

وفي بعض الحالات كان يتم هدم مبنى من قبل الإسرائيليين ثم يتم إعادة بنائه من قبل الفلسطينيين ثم يتم هدمه مرة أخرى.

وعلى الجانب الآخر، يتم إعطاء المستوطنين الإسرائيليين مساعدات مالية من جانب الحكومة الإسرائيلية لتشجيعهم على توسعة المستوطنات.

تتخصص مستوطنة تومر جنوب قرية فصايل الفلسطينية في إنتاج التمور. وطبقاً لما ذكره مركز معاً للتنمية فإن المستوطنة أصبحت "مجتمعاً مزدهراً بفضل البنية التحتية الحديثة والصناعات المزدهرة والخدمات الاجتماعية الموثوق بها نتيجة للإعفاءات الضريبية والمنح والمميزات الأخرى". وعلى النقيض من ذلك فإن "المنازل الفلسطينية في فصايل مصنوعة من الصفيح والبلاستيك والطين" حيث واجه المجتمع أربع موجات من عمليات الهدم منذ يناير 2011.

وهناك 10 مجتمعات للمستوطنات الإسرائيلية موجودة بصورة جزئية أو كاملة في مناطق إطلاق النار في الضفة الغربية على الرغم من أنها لم تواجه أبداً تهديدات بالهدم.

هل هي استراتيجية للسيطرة؟

وينظر العديد من الأشخاص في غور الأردن إلى التدريبات العسكرية في مناطق إطلاق النار وإلى عمليات هدم المنازل المتكررة على أنها استراتيجية إسرائيلية لإخلاء الأراضي من الفلسطينيين ومصادرتها لزيادة توسعة المستوطنات والانتاج الزراعي.

وقالت فاطمة عبيد عوده ثريا فقير، وهي إحدى النازحات من قرية الميطة، لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) أن "هذه منطقة جبلية ينتشر السكان الإسرائيليون فيها في جميع الأنحاء. هدفهم ترحيلنا جميعاً حتى يتمكنوا من أخذها لأنفسهم. إنهم يخشون أن نرسخ أنفسنا هنا مثل قرية العقبة التي يوجد بها الآن مدارس وعيادات طبية".

ويتفق مع هذا الرأي الفقير وهو أحد الرعاة الفلسطينيين من قرية حمامات المالح حيث قال أن "الجيش يريد أن يرحل جميع سكان تلك المنطقة. وهذا يحدث ببطء وبمرور الوقت لكنهم بالتأكيد لا يريدوننا أن نبقى هنا".

ولكن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي قال أن جميع المنشآت التي تم بناؤها في مناطق إطلاق النار كانت غير قانونية.

A Palestinian woman inside a tent near Al-Maitah. Applications submitted by Palestinians living in Area C of the Jordan Valley to build are rarely accepted, and demolitions of tents such as this one by the Israeli authorities occur frequently
الصورة: زهرة مولو/إيرين
فاطمة عبيد عوده ثريا فقير إحدى النازحات من قرية الميطة
وقد وافق كريس ويتمان من مركز معاً للتنمية على أن التدريب الأخير كان طريقة لإسرائيل لتعزيز سلطتها في منطقة الأغوار. وفي تصريح لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) قال ويتمان أن "وجود أناس خارج النظام يقومون بالرعي والتنقل يعتبر شكل من أشكال التحدي".

وأضاف قائلاً: "لذلك تتأكد إسرائيل من أن هؤلاء الأشخاص يعرفون حدودهم وأنهم لا يحصلون على إمدادات المياه أو الكهرباء حيث تقوم بتدمير المنطقة بالمدفعية حتى لا تتمكن الماشية من الرعي وتعطيهم انطباع أن وجودهم مؤقت".

ويرفض الجيش الإسرائيلي الرد على تلك الادعاءات.

وأضاف ويتمان أن الفلسطينيين في غور الأردن أصبحوا فقراء بصورة متزايدة على مدى العشرين عاماً الماضية.

وقد يختار من لديه عائلات في مكان آخر أو الذي يستطيع تحمل نفقات الانتقال المغادرة في النهاية إلى مدن أو بلدات أكبر. لكن العديد منهم يعتمد على ماشيته للبقاء على قيد الحياة ولا يستطيعون الانتقال إلى مكان آخر.

ويقول الفلسطينيون في الميطة أنه بالرغم من تجاربهم الأخيرة إلا أنهم باقون ولن يغادروا.

وفي حديث مع شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين)، قال أحمد عيد ثريا فقير من الميطة: "نحن هنا الآن ونريد فقط من الإسرائيليين أن يتركوننا وشأننا. نحن على استعداد أن نعيش في أي ظروف إذا لزم الأمر لكننا لن نغادر".

zm/jj/cb-hk/dvh
"

Share this article

Get the day’s top headlines in your inbox every morning

Starting at just $5 a month, you can become a member of The New Humanitarian and receive our premium newsletter, DAWNS Digest.

DAWNS Digest has been the trusted essential morning read for global aid and foreign policy professionals for more than 10 years.

Government, media, global governance organisations, NGOs, academics, and more subscribe to DAWNS to receive the day’s top global headlines of news and analysis in their inboxes every weekday morning.

It’s the perfect way to start your day.

Become a member of The New Humanitarian today and you’ll automatically be subscribed to DAWNS Digest – free of charge.

Become a member of The New Humanitarian

Support our journalism and become more involved in our community. Help us deliver informative, accessible, independent journalism that you can trust and provides accountability to the millions of people affected by crises worldwide.

Join