1. الرئيسية
  2. East Africa
  3. South Sudan

جنوب السودان: نزع السلاح والتمرد في جونقلي

[Sudan] A young man from the White Army civilian defence force next to his heavy machine gun in Akobo, Jonglei State, South Sudan, July 2006. Some members of the White Army have resisted disarmament for fear of increased vulnerability to attack. Others do UN/IRIN
Thousands of weapons have been netted in a massive disarmament operation (file photo)

 أدت عملية نزع سلاح ضخمة إلى جمع الآلاف من الأسلحة في ولاية جونقلي في جنوب السودان، ولكن الأمن في واحدة من أكثر الولايات تهميشاً في البلاد يتعرض الآن للخطر بسبب إطلاق أحد زعماء المتمردين لحملة تجنيد جديدة. وقد بدأت العملية في أعقاب مقتل 600 شخص على الأقل في شهر يناير الماضي، خلال هجوم شنه مقاتلو النوير على قبائل المورلي المنافسة في مقاطعة بيبور في ولاية جونقلي.

وقد تراجع العنف بين هاتين القبيلتين، اللتين تتقاسمان تاريخاً طويلاً من الغارات الانتقامية لسرقة الماشية، منذ انتهاء هجمات يناير. ووفقاً للمتحدث العسكري باسم الحكومة، فيليب أغوير، يأتي أحد التهديدات الرئيسية للأمن في ولاية جونقلي الآن من مجموعة من المتمردين تخطط "لجعل بيبور مكاناً لتحدي حكومة جنوب السودان". هذا وتم منح زعيم الجماعة، ديفيد ياو ياو، الذي ينتمي إلى قبيلة المورلي، عفواً رئاسياً، مثل الكثير من معارضي حكومة جنوب السودان، فضلاً عن وظيفة كجنرال في الجيش، ولكنه تخلى عن هذا المنصب واستأنف تمرده في شهر أبريل. واتهمه أغوير "بتحريض شباب المورلي على رفض نزع السلاح"، وبتدبير كمين في 23 أغسطس الماضي خلّف 24 قتيلاً و12 مصاباً بجروح خطيرة و17 مفقوداً جميعهم من الجنود.

وتعرض الجنود بعد أيام قليلة من الكمين لإطلاق نار مرةً أخرى على بعد 60 كيلومتراً عن ليكوانغولي - وهي بلدة تقطنها قبيلة المورلي وتعرضت لتدمير شبه تام في يناير الماضي - ما دفع المدنيين إلى الفرار إلى القرى النائية ودفع بعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان (UNMISS) إلى زيادة عدد قوات حفظ السلام هناك. ونُهبت العيادة الوحيدة في ليكوانغولي، والتي تديرها منظمة أطباء بلا حدود (MSF)، خلال هجمات يناير، ثم استُهدفت من جديد في الآونة الأخيرة.

وأشار مدير الاتصالات في بعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان، ليام مكدوال، إلى أنه "تم تفريغ عدد من المباني في ليكوانغولي، بما في ذلك مرافق منظمة أطباء بلا حدود هناك، من محتوياتها في الأسابيع الأخيرة." إلا أنه لم يحدد هوية الجناة. ولكن أحد عمال الإغاثة، الذي طلب عدم الكشف عن إسمه، اتهم القوات الحكومية المشاركة في عملية نزع السلاح بـ "سرقة المساعدات الغذائية والمساعدات الإنسانية الأخرى من المدنيين. فهم يأخذون ما يريدون من أي شخص يختارونه". وأضاف قائلاً: "بالنظر إلى حقيقة أن معظم المجتمعات المحلية لا تزال تحاول التعافي من العنف الذي دار في شهر يناير، تمثل المساعدات الإنسانية جزءاً رئيسياً من مصادر رزقهم، والآن يفتقر السكان المدنيين إلى الطعام والمسكن".

وقليلةٌ هي وكالات الإغاثة التي تعمل الآن في مقاطعة بيبور، وتعمل اثنتان منها فقط في بلدة بيبور. وبالإضافة إلى ذلك، فقد أدت الفيضانات الأخيرة إلى فقدان القدرة على الوصول إلى أجزاء كثيرة من المقاطعة، إلا بواسطة قارب أو طائرة مروحية.

ردة فعل عنيفة على نزع السلاح

أوضح عامل إغاثة دولي آخر، طلب عدم الكشف عن اسمه خوفاً من الانتقام أنّ "الدعم الذي يتمتّع به ياو ياو يتمتع يعود إلى عملية نزع السلاح". ويشاطره هذا الرأي شيوخ وقادة قبائل المورلي، الذين حذروا في رسالة إلى نائب وزير الدفاع، مجاك أقوت في الأول من سبتمبر من أن عملية نزع السلاح يجب أن تتوقف "للحؤول دون انضمام الشباب إلى ديفيد ياو ياو، لأنها هي السبب الرئيسي الذي جعلهم ينضمون إليه".

وتشير بعض التقارير إلى تجنيد شباب من قبيلة النوير أيضاً في حركة تمرد ياو ياو. وفي حين أن هناك بعض أفراد المورلي في حكومة الولاية، فإنهم "ليسوا المجموعة الوحيدة التي تشعر بأنها مهمشة في جونقلي،" حسبما ذكرت جودي ماكالوم، الرئيسة السابقة لعمليات منظمة باكت (Pact)، وهي منظمة غير حكومية تعمل على بناء السلام في جنوب السودان. وتعكف مكالوم حالياً على كتابة أطروحة الدكتوراه عن المورلي. وفي رسالة إلى شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) عبر البريد الإلكتروني، قالت: "إنني أتردد في القول بأن وحدهم شباب المورلي يتم تجنيدهم، ولكنني أؤكد حقيقة أن الشباب المحرومين، الذين يعانون من ضعف التمثيل وضآلة الأمل في إيجاد حل لمظالمهم، هم الذين ينجرفون إلى الانضمام إلى الميليشيات".

وكانت حكومة جنوب السودان قد بدأت عملية نزع السلاح في جميع أنحاء ولاية جونقلي في شهر مارس وزعمت في الأسبوع الماضي أنها جمعت 12,000 بندقية هناك. وكانت الولاية مسرحاً لصراع شديد الشراسة خلال الحرب الأهلية بين الشمال والجنوب في الفترة الممتدة بين عام 1983 وعام 2005، وقاتل الجزء الأكبر من قبيلتي النوير والدينكا إلى جانب الجيش الشعبي لتحرير السودان (SPLA) - الذي أصبح الآن الجيش الوطني لجنوب السودان - بينما قامت الخرطوم بتسليح العديد من ميليشيات المورلي لإضعاف الجيش الشعبي.

وأضاف عامل الإغاثة أن "قبيلة المورلي لطالما اعتبرت عملية نزع السلاح وسيلة أخرى لمعاقبتها، وغطاءً مناسباً لمثل هذا العقاب". وأشارت منظمة أطباء بلا حدود إلى وجود مستوى غير مسبوق من "العنف المفرط" خلال هجمات هذا العام، حيث شهدت استهداف النساء والشيوخ والأطفال بوحشية لم يسبق لها مثيل. هذا وقد حذرت جماعات حقوق الإنسان والدعوة مراراً وتكراراً من مخاطر نزع سلاح الولاية، مشيرةً إلى عدم وجود منطقة عازلة بين المجتمعات المحلية المتنافسة، وفشل محادثات السلام التي شارك فيها قادة الشباب، والعنف الذي صاحب جهود نزع السلاح السابقة التي باءت بالفشل.

انتهاكات مزعومة

وفي شهر أبريل الماضي، قالت بعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان أنها "قلقة للغاية بشأن هذه التقارير حول انتهاكات حقوق الإنسان خلال نزع السلاح،" لكنها أضافت أنها تجد خطوات تقديم الجناة إلى العدالة "مشجعة". وفي مايو، حثت نافي بيلاي، مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان الحكومة على إنهاء سياسة "الإفلات من العقاب المستمرة منذ فترة طويلة" والتحقيق في "جرائم خطيرة" ارتكبت بعد انتقال عملية نزع السلاح من المرحلة الطوعية إلى المرحلة القسرية. كما حثت الحكومة على الوفاء بتعهداتها بإنشاء لجنة جونقلي للتحقيق في أحداث العنف - وهي هيئة لا تزال غير مفعلة حتى شهر سبتمبر الحالي.

ومن بين الانتهاكات المذكورة في التقرير الذي أصدرته مؤخراً منظمة هيومن رايتس ووتش "إطلاق الجنود النار على المدنيين، وسوء معاملتهم بالضرب، وربطهم بالحبال، وغمر رؤوسهم في الماء لاستخلاص معلومات حول مواقع الأسلحة،" فضلاً عن "الاغتصاب والضرب وأعمال تعذيب إضافية". وقال التقرير أن "الحالات الموثقة من المحتمل أن تمثل جزءاً صغيراً من إجمالي عدد الأحداث، نظراً إلى أن العديد من الضحايا والشهود لا يبلغون سلطات المقاطعة عن تلك الجرائم".

People displaced by clashes in South Sudan’s Jonglei state wait for a food distribution in Pibor
الصورة: هانا مكنيش/ إيرين
نازحون ... الاشتباكات التي وقعت في يناير الماضي في مقاطعة بيبور بولاية جونقلي أجبرت الآلاف على الفرار من ديارهم
وفي حين قالت بعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان أن الحالة الأمنية في ولاية جونقلي قد "تحسنت بشكل كبير" في أواخر أغسطس، أبلغت أيضاً عن "انتهاكات مزعومة تشمل القتل، و27 حالة تعذيب أو سوء معاملة مزعومة، مثل الضرب ومحاكاة الغرق في بعض الحالات، و 12 حالة اغتصاب، وست محاولات اغتصاب وثماني عمليات اختطاف،" خلال الفترة ما بين 15 و 20 أغسطس. وأشارت أيضاً إلى أن "النساء يشكلن الغالبية العظمى من الضحايا، فضلاً عن الأطفال في بعض الحالات".

وفي تصريح إلى شبكة الأنباء الإنسانية، قال أحد سكان مقاطعة بيبور الذين فروا إلى جوبا: "قام الجنود باغتصاب والدتي وأختي وعذبوا طفلاً يبلغ من العمر ثماني سنوات. لماذا يفعل أي شخص ذلك لطفل، ولماذا لا يهتم أحد بالمورلي لمنع التعذيب؟"

وتجدر الإشارة هنا إلى أنه خلال الفترة الممتدة بين مارس و 20 أغسطس، عالجت منظمة أطباء بلا حدود 90 شخصاً من "جراح الصدمات العنيفة" - من بينهم العديد من الناجيات من الاغتصاب - في عيادتها في بيبور، وتوفيت ثلاث منهن متأثرات بجراحهن. هذا وقد نفت الحكومة والجيش التقارير الواردة عن انتهاكات واسعة النطاق ووصفتها بأنها "أحادية الجانب" و"استفزازية" وقائمة على أساس "الشائعات" والمبالغات من قبل "جماعات مسيسة".

ورغم أن الفيضانات تعيق النقل، يجري حالياً إرسال المزيد من القوات إلى مقاطعة بيبور لمحاربة ياو ياو وأولئك الذين رفضوا نزع سلاحهم. وقال المتحدث باسم الجيش أغوير أن "عملية نزع السلاح ستستمر".

دورات العنف

يرى جوك مادوت جوك، وهو أكاديمي ووكيل وزارة الثقافة، أن البيانات العامة التي ترحب بانخفاض حدة الاشتباكات الطائفية سابقة لأوانها. وذكر جوك في مقال في معهد سود (Sudd Institute) الذي تأسس حديثاً أن "المشكلة هي أنه رغم الهدوء الذي يتخلل هذا الصراع والعديد من النزاعات الأخرى المماثلة، لم يحدث هذا نتيجةً لبرنامج منسق لإصلاح قطاع الأمن، أو مصالحة بين الجماعات العرقية، أو حل للأسباب الجذرية والقضايا التي تؤجج ذلك الصراع." وأضاف أن "الهدوء هو مجرد جزء من النمط المعتاد للصراع، حيث يسأم الشباب ببساطة من القتال، ويأخذون قسطاً من الراحة قبل استئناف المعارك عندما تتسبب إحدى القضايا العالقة في اندلاع القتال من جديد". وحتى إذا هدأت حدة تهديد ياو ياو، فهناك مخاوف من عودة الهجمات الانتقامية بعد انحسار الأمطار في غضون الأسابيع المقبلة.


hm/am/rz-ais/bb

This article was produced by IRIN News while it was part of the United Nations Office for the Coordination of Humanitarian Affairs. Please send queries on copyright or liability to the UN. For more information: https://shop.un.org/rights-permissions

Share this article

Get the day’s top headlines in your inbox every morning

Starting at just $5 a month, you can become a member of The New Humanitarian and receive our premium newsletter, DAWNS Digest.

DAWNS Digest has been the trusted essential morning read for global aid and foreign policy professionals for more than 10 years.

Government, media, global governance organisations, NGOs, academics, and more subscribe to DAWNS to receive the day’s top global headlines of news and analysis in their inboxes every weekday morning.

It’s the perfect way to start your day.

Become a member of The New Humanitarian today and you’ll automatically be subscribed to DAWNS Digest – free of charge.

Become a member of The New Humanitarian

Support our journalism and become more involved in our community. Help us deliver informative, accessible, independent journalism that you can trust and provides accountability to the millions of people affected by crises worldwide.

Join