أفاد العراقيون العرب من سكان مدينة كركوك الغنية بالنفط والتي تبعد حوالي 250 كلم عن بغداد بأن العديد من الأسر العربية تغادر المدينة هرباً من العنف العرقي المتزايد.
وقال علي أكرم محمود، الناطق باسم جمعية العرب بكركوك، والتي تم إنشاؤها عام 2003 بهدف حماية حقوق العرب المقيمين في المدينة: لقد ازدادت الهجمات ضدنا منذ شهر فبراير/شباط 2007. نحن نُجبَر على مغادرة المدينة خاليي الوفاض والحكومة لا تفعل أي شيء لمساعدتنا".
وأضاف محمود قائلاً: "ارتفع عدد الأسر العربية التي تضطر إلى مغادرة المدينة 20 بالمائة تقريباً مقارنة بالسنوات الماضية، وهروبهم هذا سيؤثر سلباً على الاستفتاء الشعبي الذي ستكون الأغلبية فيه للأكراد، لا لأنهم أكثر عدداً ولكن لأنهم أجبروا العرب على مغادرة المدينة تحت تهديد السلاح. إن هذا ظلم مطلق".
ومن المفترض أن يتم الاستفتاء حول كركوك في شهر ديسمبر/كانون الأول 2007 لتقرير ما إذا كانت المدينة ستصبح جزءاً من إقليم كردستان العراق.
من جهته، قال جهاد محمد، المحلل السياسي بجامعة المستنصرية، بأن "الصورة الأكثر شيوعاً الآن في كركوك هي صورة الأسر التي تقل أقاربها في سياراتها وتهرب من المدينة في الصباح الباكر".
ولطالما اعتُبِرت كركوك، بتنوعها العرقي والديني، صورة مصغرة للعراق، ولكن سياسة "التعريب" التي انتهجها الرئيس السابق صدام حسين بداية الثمانينات وخلال التسعينات أدت إلى خروج عشرات الآلاف من الأسر الكردية وغير العربية منها، ليتم استبدالها بعرب مناصرين للحكومة تم استقدامهم من الجنوب الفقير.
وبعد الغزو الذي قادته الولايات المتحدة على العراق في مارس/آذار 2003، عاد عشرات الآلاف من الأكراد إلى كركوك وهم يحملون مفاتيح بيوتهم ليجدوا بأنها إما بيعت أو أُعطِيت للعرب، وأدى بهم الغضب إلى شن حملات عدائية ضد العرب.
المتضررون ينصحون بالانتقال إلى الجنوب
وأفاد مسؤول في الهلال الأحمر العراقي، فضل عدم الكشف عن هويته لأسباب أمنية، بأن 2,000 أسرة عربية على الأقل غادرت كركوك منذ شهر يونيو/حزيران 2007. كما قال بأن "المئات من الأسر تغادر المدينة دون أن تتمكن من أخذ أي من ممتلكاتها" باحثة عن مخيمات للنازحين. وانضمت العديد من هذه العائلات إلى الأسر النازحة في المحافظات الجنوبية والتي يبلغ عددها حوالي مليون أسرة، في حين استقر البعض على أطراف الطرقات أو في المناطق الفقيرة.
كما شاهدت شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) عشرات الأسر تقف على أبواب قسم شرطة محلي تستجدي المساعدة من الشرطة بعد أن أجبرها مسلحون أكراد على مغادرة بيوتها. ولكن جميعها تلقى نفس الجواب الذي يفيد بأنها لن تستطيع الحصول على الحماية الشخصية وبأن عليها البحث عن مساكن أكثر أمناً في جنوب العراق.
وإذا كانت مدينة كركوك التي تتعدد فيها الأعراق من أكراد وعرب وتركمان وأرمن وآشوريين قد حظيت طويلاً بنعمة الثروات النفطية التي تختزن في أرضها، فإنها الآن تبدو على موعد مع نقمة الاقتتال الطائفي.
"