1. الرئيسية
  2. East Africa
  3. Kenya

إفريقيا: التأمين لمواجهة أيام الجفاف

Even camels have not been spared by the drought in Mauritania Jaspreet Kindra/IRIN

 جاء ارتفاع درجات الحرارة والجفاف الشديد هذا العام مفاجئَين بالنسبة للكثيرين في شرق وجنوب شرق موريتانيا. فعندما تكون الأمطار طبيعية، يستهلك السكان في العام التالي احتياطيات الحبوب التي لديهم من يونيو/يوليو، ولكن الناس وجدوا أنفسهم في منتصف هذا العام بلا طعام لأكثر من ثلاثة أشهر، كما فقد العديد من الرعاة في تلك المنطقة الماشية التي يعتمدون عليها في كسب الرزق، علماً أن تربية الماشية تُعتبر ثاني أكبر مصدر لكسب الأموال من التصدير، ما أدى إلى امتداد الخسارة لتطال الدخل القومي.

وتُعتبر موريتانيا دولة فقيرة – وهي واحدة من 30 دولة تأتي في ذيل قائمة مؤشر التنمية البشرية للأمم المتحدة. وقد طلبت موريتانيا مؤخراً مبلغ 95 مليون دولار للمساعدة في الاستجابة للأزمة. وقال برنامج الغذاء العالمي أنه لو تسجّلت موريتانيا في مؤسسة للتأمين ضد أخطار الجفاف، لكانت حصلت على مبلغ يصل إلى 30 مليون دولار للمساعدة في الاستجابة للجفاف خلال أسابيع بعد موسم الأمطار الضعيف الذي انتهى في أكتوبر 2011.

ومن المتوقع أن يكون موسم الأمطار ضعيف جداً في أي سنة من السنوات في موريتانيا، ولكن لا يمكن التنبؤ بذلك على وجه اليقين وفقاً لبرنامج الغذاء العالمي الذي يقوم بمساعدة الاتحاد الإفريقي على إنشاء مؤسسة African Risk Capacity للاستجابة المبكرة والتأمين. والهدف من ذلك هو أن تقوم شركة التأمين بالتغطية في حالة وقوع أحداث شديدة– كالجفاف الشديد هنا – بدلاً من حالات قلة الأمطار المحلية المستمرة التي تحدث في كثير من الأحيان أو حتى في كل عام.

ومن خلال الربط ما بين دفع التأمين وخطط الاستجابة الفعالة، تهدف مؤسسة ARC إلى تقديم المساعدة للحكومات الإفريقية بغية الحد من الآثار السلبية للجفاف على حياة وسبل عيش الضعفاء، وكذلك من أجل العمل على خفض الاعتماد على المساعدات الخارجية. وقالت جوانا سيروكا، مديرة المشروع: "نحن ما زلنا في مرحلة التصميم. وإذا سارت الأمور بشكل جيد، نأمل في أن يتم إنشاء مؤسسة ARC في منتصف عام 2013 أو في حدود هذا الموعد".

وقد صُممت مؤسسة ARC على غرار هيئة تأمين مخاطر المناخ في منطقة الكاريبي، وهي مؤسسة لأنظمة التأمين، لا تهدف إلى الربح، تم إنشاؤها في عام 2007 وتضم في عضويتها 16 من دول منطقة الكاريبي، حيث تقوم الدول الأعضاء بدفع أقساط منخفضة نسبياً لكنها تحصل على أموال سريعة في حال تعرضها لزلزال أو إعصار. ومع ذلك سيتم تعديل مؤسسة ARC لتعكس سياق الأحوال الجوية والأمن الغذائي في القارة الإفريقية بحيث تجمع بين مفهوم التأمين والتخطيط للطوارئ لمساعدة الدول الإفريقية التي ضربها الجفاف الشديد على ترجمة تعويضات مؤسسة ARC إلى استجابات فعالة في التوقيت المناسب لمساعدة المتضررين.

ولطالما شكّل انتظار المال لشراء المساعدات ومن ثم تسليمها بسرعة إلى من هم بحاجة إليها تحدياً بالنسبة لبرنامج الغذاء العالمي. ولكن الجفاف هو حدث بطيء في بدايته وتستغرق آثاره على الناس وقتاً طويلاً قبل أن تصبح واضحة. لذا فإن جمع الأموال للاستجابة هو أمر أكثر تعقيداً. فيمكننا أخذ المجاعة التي وقعت في الصومال عام 2010 – 2011 كمثال على ذلك. دقت الوكالة ناقوس الخطر في وقت مبكر لكن الأمر استغرق وقتاً طويلاً للإعلان عن المجاعة وأخذ صور للأطفال الجياع لكي يبدأ تدفق الأموال. هذا وقد كان توصيل المساعدات مكلفاً لأنه كان من الضروري القيام بذلك على وجه السرعة.

وفي ورشة عمل عُقدت مؤخراً لدول إفريقيا في جوهانسبرج، قال شادرك مافومو، رئيس إدارة المخاطر وبناء القدرات في مؤسسة ARC أن "التحرك المبكر يمكن أن يؤدي إلى التوفير في التكاليف المباشرة على السلع والتجهيزات اللوجستية ويمنع الاضطراب في الأسواق". وقد أضاف أن "الدلائل تشير إلى أن التوفير الناتج عن التحرك المبكر يمكن أن يكون كبيراً. وقد ذكرت مؤسسة ARC أنها قامت ببعض التقييمات التي سيتم الإعلان عنها في الوقت المناسب.

كيف تعمل

قام برنامج الغذاء العالمي بتطوير برمجية تحت إسم مراجعة المخاطر في إفريقيا ARV لتحديد قواعد دفع التعويضات. وتحصل هذه البرمجية على تقديرات سقوط الأمطار طوال عشرة أيام من الإدارة الوطنية لدراسة المحيطات والغلاف الجوي التابعة للحكومة الأمريكية وتستخدمها في رسم مخطط بياني للجفاف. وقالت سيروكا أن "قياس هطول الأمطار في نهاية الموسم أثبت أنه مؤشر غير دقيق لتقييم الأثر المحتمل لنقص الأمطار على الإنتاج وسبل العيش". وتقوم برمجية ARV بعد ذلك باستخدام مؤشر تلبية الاحتياجات المائية WRSI الذي يرصد العجز في المياه طوال موسم النمو كما ويرصد الآثار المترتبة على توقيت هطول الأمطار وكميتها وتوزيعها على المحاصيل الغذائية الرئيسية السنوية وعلى رعي الماشية. وأشارت أيضاً إلى أنه "بالرغم من أن المؤشر بسيط، إلا أن العديد من مكاتب الأرصاد الجوية الوطنية في جميع أنحاء إفريقيا تستخدمه لرصد مواسم هطول الأمطار وتأثيرها على الزراعة، كما أن المؤشر هو الأساس للعديد من أدوات الإنذار المبكر من الجفاف في القارة".

ويتم تطبيق مؤشر الجفاف الناتج على السكان الضعفاء، الذين تحدّدهم الدراسات حول الأسر والذين يعتمدون على سقوط الأمطار. وتستخدم برمجية ARV بعد ذلك هذه المعلومات لتقدير عدد الأشخاص الذين من الممكن أن يتضرروا بصورة مباشرة أو الذين تضرروا بالفعل بسبب الجفاف أو قلة هطول الأمطار في موسم معين. وقالت سيروكا أنه باستخدام أرقام التكلفة للشخص المتضرر كخطوة نهائية، تضع برمجية ARV تقديرات لقيمة تكاليف الاستجابة لحالة الجفاف الملحوظة. ويمكن تعديل أداة البرمجية لكل الدولة لكي تحدد موجات الجفاف- على غرار نموذج برمجية ARV- التي بسببها سيحتاجون إلى دفع تعويضات من مؤسسة ARC بالإضافة إلى تحديد حجم التعويضات وهو ما يتم في نهاية الموسم. وستحتسب معلومات البرمجية حجم القسط الذي يجب دفعه.

الوقوف على الحياد

ما زال على الدول الاشتراك في تلك المبادرة التي طرحها الاتحاد الإفريقي. وبعض الدول لديها مخاوف مبررة، فدولة ملاوي مثلاً تتعامل مع الجفاف المزمن في اثنين من أقاليمها على الأقل كل عام تقريباً. وقال ممثل ملاوي في ورشة العمل التي عقدت في جوهانسبرج: "السؤال الذي يُطرح هنا هو هل ينبغي أن ندفع أموالنا في أقساط باهظة في الوقت الذي نعرف فيه أننا لن نحصل على المال للاستجابة للكارثة في هذين الإقليمين كل عام أم نقوم بدلاً من ذلك بإنفاق تلك الأموال على شبكات الأمان في هذين الإقليمين".

وتقول كينيا أنها تحتاج إلى نظام تأميني يستطيع أن يدفع التعويضات للكوارث الطبيعية المتعددة. وأشارت ماري موالي من الهيئة الوطنية الكينية لإدارة الجفاف أنه من الممكن أن تتعامل بلادها مع الجفاف المزمن في أي عام في الشمال ومع الفيضانات في الأقاليم الأخرى أو حتى مع الجفاف والفيضان في الإقليم نفسه وفي الوقت نفسه.

من جهة أخرى، قالت فاطمة قسام، رئيسة السياسات والشؤون الحكومية في مؤسسة ARC ومستشارة مفوضة الاقتصاد الريفي والزراعة في الاتحاد الإفريقي، أنهم أجروا محادثات مع الدول بشأن وضع حزمة يمكن أن تلائمهم، وقد عبرت عن أملها في توسيع نطاق تغطيتهم ليشمل الكوارث الطبيعية الأخرى في المستقبل. وقد ذكرت أن هناك 18 دولة أعربت عن رغبتها في الاشتراك. وقد أوضحت قسام أن مؤسسة ARC تحتاج إلى حزمة متنوعة للحد من المخاطر ولتثبت بالتالي فعاليتها، لأن هذا سيخفض من قيمة الأقساط. فإن اشتركت مثلاً جميع الدول في الساحل، التي تتعرض جميعها لظروف مناخية مماثلة، فإن الأقساط ستكون مرتفعة والتعويضات منخفضة. وإن اشتركت دول أخرى تعاني من مخاطر مختلفة، فإن المزيد من أموال الأقساط ستكون متاحة لتغطية التعويضات.

وقال ستيف ويجينز، الباحث في معهد التنمية الخارجية، وهو مركز أبحاث مقره المملكة المتحدة أن مؤسسة ARC كانت "مثل الحكومات تقوم بإدارة أنظمة التأمين الخاصة بها" مع ميزة أنها لن تضطر إلى دفع أية مبالغ مقابل خدمات صناعة التأمين، ومن الممكن أن يكون لديها المرونة في التشغيل واستخدام الأموال- بالرغم من أن حرية التصرف الزائدة يمكن أن تقوض نظام التأمين. وأضاف ويجينز: "أعتقد أن إحدى ميزات الأنظمة الرسمية مثل ARC هي أنها تبتعد عن نطاق حرية التصرف المحلية وتقدم الدقة في السياقات السياسية حيث غالباً ما يكون التحرك العام استنسابياً واعتباطياً بدرجة كبيرة.

ويساور بعض المسؤولين، مثل جوزيف كانيانجا، رئيس هيئة الأرصاد الجوية في زيمبابوي، مخاوف بشأن نوعية تأثير السياسات الإقليمية إذا تم ضم مؤسسة ARC في الاتحاد الإفريقي. وقال كانيانجا: "نحب أن تكون مؤسسة ARC مستقلة تماماً عن الاتحاد الأفريقي حيث من الممكن أن يؤثر الاتحاد على مبالغ التعويضات المقدمة وتوقيتها والمستفيدين منها". وتقول قسام، الاستشارية في الاتحاد الأفريقي أن نظام ARC قائم على الأسباب والعوامل المتغيرة، مضيفةً أنه "لن يكون هناك حرية تصرف في وقت دفع التعويضات" أي أنه سيتم دفع التعويضات بناءً على الحقائق ولن تتأثر بأي عوامل أخرى. وستكون مؤسسة ARC وكالة متخصصة في الاتحاد الإفريقي- وكالة مالية فرعية مستقلة عن أي تأثير سياسي. وما زال يتعين الاتفاق على تفاصيل العلاقة بين مؤسسة ARC والتشريعات الوطنية للدول الأعضاء.

البدائل

وقال كريستوفر باريت، الخبير الغذائي الذي يدرس اقتصاديات التنمية في جامعة كورنيل في الولايات المتحدة أن مؤسسة ARC تقدم مساراً بديلاً لإدارة الكوارث المرتبطة بالجفاف إلى جانب عملية النداءات الموحدة التي تتم بواسطة الأمم المتحدة. ولكنه من المهم أيضاً التعرف على أوجه القصور في تلك الأنواع من المنتجات. فهي تقدم التأمين ضد قلة الأمطار خلال فترة ومساحة معينة- فقلة سقوط الأمطار ترتبط بشكل غير كامل بغلة المحصول ونقص الدخل وخسارة الأصول الانتاجية الأساسية وأزمات سبل العيش وحجم حالات الطوارئ الإنسانية إذا تواجد أي منها".

وقال كل من ويجينز وباريت أنه لا ينبغي النظر إلى مؤسسة ARC على أنها حل مضمون للمشكلة ولا ينبغي على الدول أن يغيب عن بالها الخيارات الأخرى. وقال ويجينز أن من بين تلك الخيارات الأخرى التفكير في فتح حساب خارجي يكسب فائدة ويتم استخدامه في استيراد الذرة خلال السنوات التي يقل فيها هطول الأمطار ويغطي الفرق بين الكلفة المنخفضة للذرة والتي عادةً ما تكون 100 دولار للطن أو أكثر من سعر الجملة المحلي. وأكد ويجينز أن "صندوق التمويل في الخارج سينمو عن طريق الدولة التي تقوم بتخصيص الأموال ووضعها فيه خلال السنوات الجيدة". وقد اقترح هذا الخيار للبلدان الداخلية في جنوب قارة إفريقيا في عام 2004 حيث لم تنمو المحاصيل مرتين على الأقل خلال عقد من الزمن.

تغير المناخ

قال كوكو وارنر، رئيس الهجرة البيئية والضعف الاجتماعي والتكيف في جامعة الأمم المتحدة في بون أن أحداث الجفاف التي تحصل مرة كل 10 سنوات يمكن أن تصبح قريباً أكثر تكراراً. وتحتاج أنظمة التأمين الحالية مثل مؤسسة ARC التي تقدم حلولاً لتقلبات المناخ القصيرة الأمد، إلى أن تأخذ في حساباتها أثر التغيرات المناخية الطويلة الأمد. وأضاف: "نحتاج إلى البدء في اتخاذ الإجراءات الآن لتصميم شبكات أمان وأنظمة للحد من المخاطر التي ستكون قادرة على الاستجابة للأحداث القاسية والشديدة التي من الممكن أن تحدث كل عامين تقريباً في المستقبل غير البعيد جداً."

jk/he-hk/bb


This article was produced by IRIN News while it was part of the United Nations Office for the Coordination of Humanitarian Affairs. Please send queries on copyright or liability to the UN. For more information: https://shop.un.org/rights-permissions

Share this article

Get the day’s top headlines in your inbox every morning

Starting at just $5 a month, you can become a member of The New Humanitarian and receive our premium newsletter, DAWNS Digest.

DAWNS Digest has been the trusted essential morning read for global aid and foreign policy professionals for more than 10 years.

Government, media, global governance organisations, NGOs, academics, and more subscribe to DAWNS to receive the day’s top global headlines of news and analysis in their inboxes every weekday morning.

It’s the perfect way to start your day.

Become a member of The New Humanitarian today and you’ll automatically be subscribed to DAWNS Digest – free of charge.

Become a member of The New Humanitarian

Support our journalism and become more involved in our community. Help us deliver informative, accessible, independent journalism that you can trust and provides accountability to the millions of people affected by crises worldwide.

Join