1. الرئيسية
  2. Middle East and North Africa
  3. Iraq

مؤشرات مثيرة للقلق حول استقرار العراق بعد الانسحاب الأمريكي

US Army soldiers exit a UH-60 Black Hawk during an aerial traffic control point mission near Tall Afar, Iraq James Gordon/Flickr
Nombre d’Irakiens craignent que les conflits ne réapparaissent en l’absence des troupes américaines sur le terrain

 الجدران الخرسانية الكئيبة المضادة للتفجيرات التي تحيط بحي الأعظمية في شمال بغداد تجعل صاحب عوض معروف يستعيد يومياً ذكريات أعمال العنف التي عانى منها العراق بعد الغزو الذي قادته الولايات المتحدة في عام 2003

قال معروف، وهو مهندس إنشاءات سني، يبلغ من العمر 69 عاماً: "يزعجني وغيري أن نرى تلك الجدران كل يوم؛ فهي تذكرنا بالاحتلال الأمريكي وأعمال العنف التي شهدناها على مدار السنوات الماضية، وهي مصدر للقلق على مستقبلنا".

مع انسحاب القوات الأمريكية من العراق، بعد تسعة أعوام تقريباً من الحرب، تُلقى المخاوف من عدم استعداد العراق للتعامل مع قضاياه باستقلال بظلال من الشك على مستقبل العراقيين.

ويواجه العراق مخاطر كبيرة؛ حيث يوجد أكثر من 1.2 مليون نازح داخلي بالإضافة إلى وجود 177,000 عراقي مسجلين كلاجئين في الدول المجاورة – مما يعكس البعد الإنساني المتواصل للنزاع.

ويعيش أكثر من 20 بالمائة من السكان تحت خط الفقر. كما يعاني حوالي 2.1 مليون عراقي من نقص التغذية. وفي المتوسط، ينفق العراقيون أكثر من ثلث إجمالي نفقاتهم على الغذاء، ويعتمد ما يقرب من ثلاثة أرباع السكان على نظام التوزيع الحكومي كمصدر أساسي للحصول على دقيق القمح. كما أن الغالبية العظمى من السكان لا تحصل على إمدادات الكهرباء على مدار اليوم، ولا تزال القدرة على الحصول على مياه نقية محدودة في المناطق الريفية.

وقد كان في العراق في عام 2009 حوالي 149,000 جندي أمريكي، أما اليوم، فلم يتبق منهم سوى 200 جندي يتولون تدريب القوات الأمنية العراقية وحماية الدبلوماسيين الأمريكيين.

وكان معروف، وهو أب لأربعة أبناء، قد تعرض للاختطاف في عام 2007 على يد مسلحين سنيين منتمين إلى تنظيم القاعدة في العراق، وهي مجموعة كانت تسيطر على العديد من المناطق السنية في ذروة أعمال العنف المسلح. وقد تم تحريره بعد حوالي 24 ساعة إثر دفع فدية قدرها 80 ألف دولار.

كما أصيب ابنه بطلق ناري في ساقه اليسرى عندما حاول لصوص سرقة المال الذي سحبه من البنك لدفع الفدية.

ولكنه لا يزال يرى هذه الجدران المضادة للتفجيرات - التي تم بناء العديد منها لمنع الميليشيات الشيعية والسنية من مهاجمة الأحياء التي تقيم فيها كلتا الطائفتين - كإرث ثقيل للحرب جاثم على صدور العراقيين.

هل هي عودة للطائفية؟

منذ الإطاحة بنظام صدام حسين الذي كان يهيمن عليه السنة في عام 2003، أصبحت الطائفتان المسلمتان الرئيسيتان في العراق - الشيعة والسنة - على طرفي النقيض. وهيمنت الأغلبية الشيعية على الحياة السياسية العراقية تاركة العديد من السنة يشعرون بالتهميش.

كما أدت أعمال العنف بين أفراد الطائفتين إلى مقتل عشرات الآلاف من الأشخاص ونزوح مئات الآلاف، وهو ما جعل البلاد تقترب من حافة الحرب الأهلية. ثم توقفت عمليات القتل الانتقامية المتبادلة بين الطرفين في نهاية عام 2007 بعدما قامت القوات الأمريكية بدفع عشرات الآلاف من جنودها إلى الشوارع مع القوات العراقية لملاحقة المسلحين.

وارتفعت حدة التوترات الطائفية في 19 ديسمبر، بعد يوم واحد من نهاية انسحاب الجنود الأمريكيين، عندما قامت الحكومة العراقية بقيادة الشيعة بإصدار أمر بالقبض على نائب الرئيس العراقي السني طارق الهاشمي بتهم "تتعلق بالإرهاب" وصفها بعض السنة بأنها ذات دوافع سياسية. وجاء إصدار مذكرة التوقيف بعد حملة اعتقالات لمئات الأعضاء السابقين في حزب البعث، وسط قلق من محاولتهم لاستعادة السلطة بعد رحيل القوات الأمريكية.

وقد اتهمت الأقلية السنية الفصائل السياسية الشيعية - وبصورة رئيسية حزب الدعوة الذي ينتمي إليه رئيس الوزراء - بمحاولة إزاحة جميع الخصوم السياسيين للحصول على السلطة المطلقة والسيطرة على العملية السياسية.

وقد علق رجل الأعمال السني ليث يونس، وهو أب لثلاثة أبناء يبلغ من العمر 34 عاماً وينحدر من محافظة نينوى الشمالية، على الموضوع بقوله: "لقد أفسدت الحكومة فرحتنا بانسحاب القوات الأمريكية. وهذا التوقيت معناه أن عواقب الانسحاب ستكون وخيمة".

قوات أمنية عاجزة

وعلى الرغم من تراجع أعمال العنف منذ وصول الحرب الطائفية إلى ذروتها في عامي 2006 و 2007، إلا أن العراق لا يزال هشاً ولم يجد حلاً للعديد من القضايا السياسية المتفجرة التي يمكن أن تؤدي إلى تجدد القتال.

وهناك مخاوف مستمرة من أن قوات الأمن العراقية ما زالت غير قادرة على التعامل مع التحديات الأمنية بمفردها، وهذا يمكن أن يؤدي إلى عودة الجماعات السنية المسلحة إلى الظهور، وخاصة تنظيم القاعدة في العراق الذي عانى من ضربات كبيرة منذ عام 2007 بسبب الوجود الأمريكي.

وعلى الجانب الآخر، حذر القائد العام للقوات الأمريكية في العراق، الجنرال لويد أوستن، من أن الميليشيات الشيعة التابعة لرجل الدين المتشدد مقتدى الصدر سوف تسعى مرة أخرى إلى تصدر المشهد عن طريق محاولة خلق "حكومة داخل الحكومة" مشابهة لتنظيم حزب الله القوي في لبنان والمدعوم من إيران.

وفي إشارة إلى احتمال حدوث المزيد من أعمال العنف في المستقبل القريب، قام أفراد مسلحون بتصعيد هجماتهم ضد المدنيين والعسكريين منذ 24 نوفمبر الماضي، مما أودى بحياة 56 شخصاً على الأقل وإصابة العشرات.

وكان الهجوم الأكثر جرأة قد حدث يوم 28 نوفمبر عندما تمكن مفجر انتحاري يقود سيارة مفخخة من الوصول إلى المنطقة الخضراء المحصنة في بغداد التي يوجد بها البرلمان والمكاتب الحكومية الرئيسية والسفارات الأجنبية، والتي من المفترض أن تكون واحدة من أكثر المناطق أمناً في البلاد.

وفي هذا السياق، قال سعيد جاسم موسى، البالغ من العمر 54 عاماً، وهو شيعي يرأس المؤسسة الشعبية لثقافة الديمقراطية في بغداد: "لدي مخاوف داخلية بشأن تدريب وتسليح قواتنا الأمنية".

وأضاف موسى "يتعين على السياسيين أن ينأوا بأنفسهم عن الأمن حتى تستطيع القوات الأمنية العمل باستقلالية. وأعتقد أن المشكلة الرئيسية في العراق تكمن في السياسيين وصراعهم على السلطة".

وقد أقر المسؤولون العراقيون باستمرار وجود أوجه قصور على صعيد حماية الأجواء والحدود وبشكل أكثر أهمية في مجال جمع المعلومات الاستخبارية. حيث قال اللواء بابكر زيباري، رئيس أركان وزارة الدفاع، للمفتش العام لإعادة إعمار العراق أن جيشه لن يكون جاهزاً لتوفير الدفاع الكامل عن الحدود ضد المخاطر الخارجية حتى عام 2020 إلى 2024.

من جهتها، أفادت فوزية العطية، أستاذة علم الاجتماع بجامعة بغداد، أن الإدارة الأمريكية كان ينبغي أن تعد الساحة لهذا اليوم، مضيفة: "حتى الآن لا يزال الأمن غائباً. ومازال المواطنون يعانون من تدهور الأمن وتعثر الاقتصاد والصناعة والزراعة. كان ينبغي على الولايات المتحدة أن تجد الوسائل الكفيلة بإعطاء صورة مشرقة عن دعمها لهم بعد الإطاحة بالنظام السابق، من أجل إعادة بناء هذا المجتمع".

التوترات العرقية

تواجه البلاد تهديداً آخر في الشمال حيث يريد الأكراد ضم أراضي إلى إقليمهم الشمالي الذي يتمتع بالحكم الذاتي. وكان الرئيس السابق صدام حسين قد حاول التلاعب في التركيبة السكانية للعديد من المحافظات في المنطقة لإعطاء الغالبية للعرب. وقد تم تبني خطة لإعادة رسم الحدود بعد الغزو الأمريكي، ولكن الاستفتاء الشعبي في تلك المناطق المتنازع عليها - الذي كان من المقرر عقده في 2007 - لم يتم إجراؤه قط. وفي بعض المناسبات، سيطر الأكراد على بعض تلك المناطق عن طريق تحريك قواتهم إليها وانسحبوا فقط بعد وساطة الجيش الأمريكي.

وفي هذا السياق، ذكر إبراهيم سلام رحيم وهو كردي مقيم في كركوك أنه كان يتعين على القوات الأمريكية أن تحل مسألة الأراضي المتنازع عليها قبل انسحابها. وأضاف رحيم، البالغ من العمر 35 عاماً، والذي يعمل في مديرية توزيع المنتجات البترولية بوزارة النفط، أن "القوات الأمريكية لم تفعل شيئاً في هذا الصدد وتركت الحال على ما هو عليه. وسوف يزداد الصراع بين الأكراد والعرب والتركمان. فالموقف يزداد سوءاً يوماً بعد يوم وسيصبح كارثياً في المستقبل".

كما أن هناك أيضاً احتمالاً التدخل المتوقع في شؤون العراق الداخلية من قبل الدول المجاورة. فالمجتمع السني العراقي والولايات المتحدة الأمريكية يتهمان إيران الشيعية بتدريب وتمويل الميليشيات الشيعية وتأمين مصالحها في المنطقة من خلال السياسيين الشيعة الذين آوتهم إيران أثناء عهد صدام حسين. وفي نفس الوقت، يتهم الشيعة الدول السنية مثل المملكة العربية السعودية وتركيا بدعم المسلحين السنة وتمويل الأحزاب السياسية السنية.

ويساور بعض كبار السياسيين العراقيين، ومن بينهم رئيس البرلمان أسامة النجفي، القلق من أن التدخل الخارجي يمكن أن يتزايد بعد انسحاب القوات الأمريكية من العراق. حيث قال النجفي في مؤتمر صحفي في أكتوبر الماضي أن "العراق يعاني الآن من نقاط ضعف، وعندما ترى البلدان المجاورة أن العراق ضعيف ولا يستطيع حماية حدوده وأمنه الداخلي، سوف تزيد من تدخلاتها".

"إنه مستقبلنا"

ومع ذلك يعترف العديد من العراقيين أن الانسحاب الأمريكي كان سيحدث عاجلاً أو آجلاً. وهو ما علق عليه جمال توفيق، البالغ من العمر 44 عاماً والأب لثلاثة أبناء من بغداد، بقوله أن "تعلم السباحة يحتم النزول إلى البركة وممارسة العوم وليس فقط الاقتصار على الدروس النظرية خارجها".

وأضاف أن "بقاء القوات الأمريكية عدة سنوات أخرى في العراق كان سيعني تعقيد مشاكلنا أكثر وأكثر. إنه مستقبلنا ويجب علينا بناؤه".

من جهته، قال أمير حسن الفياض، أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد: "هذا اختبار للعراقيين...ومن الممكن أن يكون صعباً...إن أفضل طريقة للتعامل ]مع تحديات ما بعد الانسحاب[ هي أن تقوم الأحزاب السياسية المؤثرة بوضع خلافاتها جانباً والعمل سوياً".


sm/ha/cb/bp-hk/ais/amz



This article was produced by IRIN News while it was part of the United Nations Office for the Coordination of Humanitarian Affairs. Please send queries on copyright or liability to the UN. For more information: https://shop.un.org/rights-permissions

Share this article

Get the day’s top headlines in your inbox every morning

Starting at just $5 a month, you can become a member of The New Humanitarian and receive our premium newsletter, DAWNS Digest.

DAWNS Digest has been the trusted essential morning read for global aid and foreign policy professionals for more than 10 years.

Government, media, global governance organisations, NGOs, academics, and more subscribe to DAWNS to receive the day’s top global headlines of news and analysis in their inboxes every weekday morning.

It’s the perfect way to start your day.

Become a member of The New Humanitarian today and you’ll automatically be subscribed to DAWNS Digest – free of charge.

Become a member of The New Humanitarian

Support our journalism and become more involved in our community. Help us deliver informative, accessible, independent journalism that you can trust and provides accountability to the millions of people affected by crises worldwide.

Join