باكستان: العنف المسلح والفيضانات والإهمال تعيق مكافحة شلل الأطفال

بدت باكستان قادرة على الانتصار في معركتها ضد شلل الأطفال حتى عام 2007 عندما تم اكتشاف 32 حالة جديدة. ومنذ ذلك الحين، تدهورت الأوضاع مع إعلان الرئيس حالة طوارئ وطنية في يناير 2011 واصفاً الفشل في استئصال هذا المرض "بالإهمال الإجرامي".

ويعتقد أن اكتشاف فيروس شلل الأطفال في عينات مياه مأخوذة من خمس مدن في فبراير هو أحد أسباب انتشار المرض بسرعة كبيرة في البلاد.

وقد شهدت باكستان المزيد من الإصابات بشلل الأطفال في عام 2010 (حيث تم اكتشاف 144 حالة مؤكدة) أكثر من أي بلد آخر. كما تم تسجيل 15 حالة جديدة هذا العام.

وسواء كان الأمر إهمالاً أم لا، فهو موضوع قابل للنقاش. لكن هناك أبعاداً كثيرة لتلك القضية المعقدة. فأحد العوامل الرئيسية يتمثل في عدم وصول فرق التطعيم ضد شلل الأطفال إلى مناطق معينة من البلاد نتيجة لنشاط الجماعات المتمردة المسلحة.

ووفقاً لتقارير وسائل الإعلام في وقت سابق من هذا العام، تم خطف عامل تابع لبرنامج التحصين الموسع الباكستاني وقتل لاحقاً في منطقة وزيرستان القبلية الشمالية الواقعة على الحدود الباكستانية الأفغانية.

وقالت جميلة بيبي وهي أم لثلاثة أطفال من منطقة خيبر على الحدود الغربية لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) أن "المسلحين والعناصر الأصولية الأخرى تعارض تطعيم الأطفال. فهم يقولون أن الله وحده هو الذي يقرر مسألة الصحة والمرض ولا ينبغي لأحد أن يتدخل في تلك الأمور". كما قالت أنها وزوجها قاما بتطعيم أبنائهما سراً لتجنب الانتقام.

الرفض

وفي تصريح لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين)، قال جانباز أفريدي نائب مدير برنامج التحصين الموسع في إقليم خيبر بختون خوا في شمال غرب باكستان أنه قد تم تخصيص "المزيد من المراقبين" للإشراف على أنشطة الموظفين الميدانيين ضمن الحملة الأخيرة التي بدأت في بداية هذا الشهر، وأنه قد تمت معالجة مشكلة الرفض. والرفض هنا يشير إلى الآباء الذين يرفضون تطعيم أبنائهم لأسباب دينية عادة.

وقد ذكرت المؤسسة الوطنية للبحوث والتنمية، وهي مؤسسة غير حكومية تعمل على معالجة هذه القضية، أنه قد تم تجنيد خدمات 1,700 من الأئمة وعلماء الدين للمساعدة في بناء رأي عام لصالح التطعيم.

وقال محمد صديق، إمام أحد المساجد لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين): "نحن نؤمن بضرورة تطعيم الأطفال ليتمتعوا بنمو صحي وجسد قوي".

وتنبع مشكلات أخرى من قضية العنف المسلح. فنتيجة للمخاوف الأمنية في العديد من المناطق القبلية، فإن العاملات في مجال الصحة على وجه الخصوص يعارضن المخاطرة بالعمل خارج المدن الرئيسية.

وقالت عاملة صحية طلبت عدم ذكر اسمها: "نحن خائفات من عمليات الخطف وغيرها من عمليات العنف. ففي العديد من المرات، لم يتم تطعيم الأطفال خارج المراكز الحضرية الكبرى". وقد اقترحت العاملة الصحية تدريب سكان القرى على تطعيم الأطفال بأنفسهم.

الفيضانات

وقال عزيز مؤمن، رئيس لجنة باكستان بلاس لشلل الأطفال التابعة لهيئة الروتاري الدولية لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) أن "مشكلة وجود المزيد من الحالات ظهرت فعلاً بعد الفيضانات في الفترة من يوليو إلى سبتمبر 2010. فبعد أغسطس فقط، كان لدينا المزيد من الحالات المبلغ عنها في السند والبنجاب ويرجع ذلك بصورة رئيسية إلى تردي الصرف الصحي والظروف غير الصحية بسبب مياه الفيضانات. وقبل ذلك الحين تم الإبلاغ عن حالات جديدة في خيبر بختون خوا وبلوشستان فقط، ويرجع ذلك بصورة رئيسية إلى مشاكل صعوبة الحصول على التطعيم".

وأضاف أن باكستان خططت لاستخدام لقاح جديد ثنائي التكافؤ في المستقبل لمعالجة سلالات مختلفة من شلل الأطفال في وقت واحد، وأن هذا اللقاح قد اثبت نجاحاً كبيراً في الهند.

وقال جانباز أفريدي، نائب مدير برنامج التحصين الموسع: "نحن مصممون على الوصول إلى كل طفل". ولكن نظراً لحجم المشكلة، لا تزال المهمة عسيرة ومن غير المؤكد أن تنجح الخطة التي أطلقها الرئيس زرداري للقضاء السريع على شلل الأطفال".

kh/cb-hk/dvh