دفع كو هلا*، 800 دولار لأحد الوسطاء ليبدأ العمل على متن سفينة صيد تايوانية مقابل راتب شهري قدره 260 دولاراً معتقداً أنه راتب جيد.
ولكن سرعان ما اكتشف كو هلا أن عليه العمل 18 ساعة في اليوم، ووصف ظروف عمله قائلاً: "لم يكن مسموحاً لنا تقديم أية شكوى أو الاتصال بأسرنا. وكثيراً ما كنا نتعرض للضرب والترهيب، وذلك ما لم نكن نتوقعه".
وقد اضطر كو هلا لترك عمله بعد 16 شهراً من التحاقه به ليعود إلى أهله ويكتشف أن الوسيط الذي كان من المفترض أن يقوم بتوصيل راتبه لأسرته هرب دون أن يسدد لهم دفعة واحدة.
ونظراً لمحدودية فرص العمل وانخفاض الدخل، يبحث عشرات الآلاف من البورميين عن فرص عمل في الخارج أملاً في كسب لقمة عيش أفضل، ولكن الأمر ينتهي بالعديد مثل كو هلا في السقوط فريسة في شباك المهربين العاملين في الاتجار بالبشر. وبالرغم من عدم توفر بيانات موثوقة بشأن الاتجار بالبشر في ميانمار، إلا أن الخبراء يعتقدون أن الظاهرة تشمل عدة آلاف من الأشخاص سنوياً.
ووفقاً للمشروع المشترك بين وكالات الأمم المتحدة لمكافحة الاتجار بالبشر، يتم تهريب النساء والأطفال والرجال البورميين إلى تايلاند والصين وماليزيا وكوريا الجنوبية وماكاو لأغراض الاستغلال الجنسي والسخرة المنزلية والعمل القسري. كما تعتبر ميانمار أيضاً نقطة للمتاجرة بهم من بنجلادش إلى ماليزيا ومن الصين إلى تايلاند.
وحسب تصريحات الحكومة البورمية، تشكل الصين الوجهة الرئيسية للاتجار بالبشر تليها تايلاند وماليزيا وسنغافورة. ويتم تهريب النساء والفتيات إلى الصين للزواج القسري والعمل في الجنس، في حين يتم إرسال الأطفال والشباب إلى تايلاند وماليزيا لأغراض العمل القسري والاستغلال الجنسي.
وفي هذا السياق، قال نان تن تن شوي، منسق مكافحة الاتجار بالبشر لدى منظمة وورلد فيجن غير الحكومية الدولية، لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) أن "ضحايا الاتجار يثقون ثقة عمياء بكل ما يقال لهم من قبل الوسطاء دون محاولة للحصول على المعلومات الصحيحة فيما يتعلق بفرص العمل المقترحة".
من جهتها، أفادت لمياء راشد، مديرة حماية الطفل لدى منظمة إنقاذ الطفولة، أن "الأطفال يمكن أن يقعوا فريسة للاتجار متى ما هاجروا داخلياً إلى هذه المناطق، أو قد ينتهي بهم الأمر ضحية لأعمال استغلالية ومسيئة في هذه المناطق".
وتقول المنظمات الإنسانية أن المهربين الذين يقدمون عروض عمل وهمية يستهدفون الأطفال والشباب في دلتا إيراوادي التي دمرها إعصار نرجس قبل عامين، حيث أشارت راشد إلى أن "الأطفال والشباب مستعدون للمجازفة والهجرة، وهناك احتمال كبير أن ينتهي بهم المطاف في أوضاع عمل استغلالية بما فيها الاستغلال الجنسي".
مكافحة منسقة
وتعمل الحكومة والمنظمات الدولية على وضع خطة عمل وطنية لمحاربة الاتجار بالبشر وزيادة الوعي من خلال وسائل الإعلام واللقاءات المجتمعية. بالإضافة إلى ذلك، توظف الحكومة 23 فريق عمل لمكافحة الاتجار بالبشر وإنقاذ الناجين بالإضافة إلى فرضها لقوانين صارمة لمعاقبة المهربين.
ويرى الخبراء أن هناك حاجة لاستمرار الجهود لحماية الضحايا بعد عودتهم إلى ديارهم بالإضافة إلى مضاعفة جهود الوقاية في المجتمعات المحلية المعرضة للخطر.
وأفاد ماسيج بيكوسكي، مدير البرامج بالمنظمة الدولية للهجرة في ميانمار، أن "ضحايا الاتجار يأتون من مجتمعات منتشرة في جميع أنحاء البلاد، وغالباً ما يعيشون في قرى نائية تقع على بعد مسافات طويلة من أماكن توفر خدمات وزارة الرعاية الاجتماعية واتحاد شؤون المرأة في ميانمار والمنظمات غير الحكومية".
من جهته، يرى أوهنمار إي إي تشاو، من المشروع المشترك بين وكالات الأمم المتحدة لمكافحة الاتجار بالبشر، أن "مجرد رفع الوعي في بلد المنشأ لا يعتبر كافياً. فلا بد أن تتخذ بلدان المقصد أيضاً إجراءات فعالة ضد الصناعات التي تستخدم اليد العاملة الرخيصة وتستغل العمال... كما يتوجب على المجتمع الدولي الضغط على تلك البلدان أيضاً".
*ليس اسمه الحقيقي
sk/at/ds/mw – amz/dvh
This article was produced by IRIN News while it was part of the United Nations Office for the Coordination of Humanitarian Affairs. Please send queries on copyright or liability to the UN. For more information: https://shop.un.org/rights-permissions