أفادت الأبحاث الطبية وعمال الإغاثة أنه بالرغم من أن ميانمار تعاني من واحدة من أعلى نسب الإصابة بالعمى في آسيا إلا أنها لا تتوفر إلا على وسائل محدودة فقط لمساعدة المعاقين بصريا.
وكانت منظمة الصحة العالمية في عام 2008 قد أشارت إلى أن العمى الممكن تفاديه يشكل مشكلة صحية ناشئة في البلاد. كما أفادت منظمات الإغاثة بأن المرض أصبح يشكل مصدر قلق كبير في مجال الصحة العمومية في المناطق القروية الفقيرة.
ويشير الباحثون وعمال الإغاثة إلى أن هناك نقصا في الموارد وخدمات الرعاية الطبية الخاصة بصحة العيون في ميانمار. فحسب برنامج الإبصار بميانمار، وهو برنامج خاص بالبحوث والتدريب تابع للمعهد الأسترالي لطب العيون، هناك فقط 200 طبيب وجراح عيون لمجموع سكان ميانمار البالغ عددهم 50 مليون نسمة. ويوجد معظم الأخصائيين في يانغون ومندلاي أما خارجهما فليس هناك سوى طبيب عيون واحد فقط لكل نصف مليون شخص.
وكان برنامج الإبصار بميانمار قد بدأ عام 2008 مشروعا لأربعة أعوام بتمويل من وكالة التنمية الأسترالية لتوفير التدريب لجراحي العيون وتطوير المعدات والمرافق. كما أجرى عام 2005 مسحا لحالات الإصابة بالعمى شمل حوالي 2,000 شخص في القرى الواقعة وسط ميانمار وتوصل إلى أن 8.1 بالمائة من الأشخاص فوق سن الأربعين يعانون من العمى. وهي نسبة يقال أنها الأعلى في العالم.
أما الإحصائيات الصادرة عن منظمة الصحة العالمية عام 2001 فتفيد أن نسبة الإصابة بالعمى بين سكان ميانمار بلغت 0.9 بالمائة، وهي واحدة من أعلى النسب في العالم. حيث لا تزيد النسبة في تايلاند مثلا عن 0.3 بالمائة وتصل في الهند إلى 0.7 بالمائة.
العمى الممكن تفاديه
يعاني معظم المعاقين بصريا بميانمار من العمى الممكن تفاديه والقابل للعلاج أو الوقاية. ويعتبر إعتام عدسة العين السبب الرئيس للإصابة بالعمى. يليه في ذلك مرض الزَّرَق أو الماء الأزرق في حين يتسبب نقص فيتامين ألف في إصابة الأطفال بالعمى. ويرى هنري نولند، مؤسس برنامج الإبصار بميانمار، أن 80 بالمائة من هذه الحالات يمكن تفاديها سواء بالوقاية أو العلاج أو حتى الجراحة".
ومن بين المصابين بالمرض في ميانمار، ميو مينت أو، البالغ من العمر 39 عاما، الذي تعلم نسج القصب لعدة سنوات في محاولة منه لكسب قوته. ولكنخ بالرغم من كل الجهود الذي بذلها ويبذلها لا يستطيع العثور على من يوظفه مما يجعله يبقى عالة على مدرسة العميان التابعة للحكومة في يانغون حيث تعلم حرفة نسج القصب. ويتحدث عن مشكلته قائلا: "أريد أن أقف على قدمي ولكن كيف يمكنني ذلك إذا كان الكل يرفض توظيف شخص أعمى مثلي؟".
وصمة العار
يعاني المعاقون بصريا، شأنهم في ذلك شأن باقي المعاقين في ميانمار، من وصمة العار التي تلتصق بهم لكونهم يشكلون عناصر غير منتجة في المجتمع ويجدون صعوبة في عيش حياة مستقلة. حيث يقول مونغ مونغ تار، مدير المدرسة، أن "المعاقين بصريا لا زالوا يعانون من العزلة والإقصاء من المجتمع". وأضاف أن هناك حاجة لتغيير مواقف الناس تجاه الإعاقة.
وبالرغم من أن ميانمار تطبق سياسة الدمج في التعليم والتي بمقتضاها يستطيع الطلبة المعاقين، بما فيهم المعاقين بصريا، متابعة دراستهم في المدارس العادية، إلا أن هذه السياسة تواجه تحديات كبرى في ظل افتقار المدارس للموارد والتسهيلات اللازمة. حيث يقول تين لوين، الأمين العام لمنظمة الزمالة المسيحية للعميان، وهي منظمة غير حكومية تشرف على مدرستين خاصتين بالمعاقين بصريا: " يجب أن تكون المدرسة مجهزة بأدوات التعليم التي تعتمد طريقة برايل وبمعلمين يعرفون كيفية تعليم العميان باستعمال هذه الطريقة".
وبالرغم من السياسة الرسمية القاضية بدمج المعاقين داخل المدارس العادية، إلا أن هذه الأخيرة غير مجهزة لخدمة المعاقين بصريا. مما يجبر العديد من الطلبة العميان على ارتياد مدارس خاصة لا يتوفر منها في كل البلاد سوى سبع مدارس تابعة للحكومة أو لمنظمات غير حكومية يتابع فيها أكثر من 700 طالب أعمى دراسته أو تكوينه المهني.
محدودية الخيارات
بالرغم من أن نسبة قليلة من الطلبة العميان يحاولون الحصول على أكبر قدر ممكن من التعليم، إلا أن معظمهم لا يكملون تعليمهم. حيث يقول أونغ كو مينت، الأمين العام لجمعية ميانمار الوطنية للعميان أنه "ليست هناك تقريبا أية فرص عمل بالنسبة للخريجين العميان مما يثبطهم عن متابعة دراستهم العليا ويجعل العديد منهم يفضل التدريب المهني على الدراسة التقليدية".
وفي محاولة منها لمساعدة العميان على العثور على عمل، توفر لهم المنظمات المعنية التدريب المهني الذي يقتصر على نوعين من التدريب فقط هما نسج القصب وتدليك الأجسام مما يحد من خيارات العمل بالنسبة لهم، حسب الخبراء. ويعلق تين لوين، الأمين العام لمنظمة الزمالة المسيحية للعميان، على هذا بقوله: "علينا أن نعمل على خلق أنواع مختلفة من التدريب المهني للعميان حتى نوفر لهم المزيد من فرص العمل".
lm/ey/ds/cb - az
"