في ظل استمرار الحصار الإسرائيلي على واردات مواد البناء، بدأ فلسطينيو غزة يبحثون في طرق بديلة للبناء، إحداها مشروع بناء يعتمد استخدام الطين ومخلفات الأنقاض.
حيث بدأت جمعية الرحمة للأطفال Mercy Association for Children ، وهي منظمة غير حكومية، مشروع بناء مدرسة للأطفال المعاقين في مدينة غزة في 24 مايو، وذلك باختبار طريقة تم تطويرها مؤخرا تستخدم لبنات الطين والملح ومخلفات الأنقاض. إذ يتم استحضار معظم المواد الضرورية للمشروع من أنقاض مئات المباني التي تعرضت للهدم خلال الهجوم الإسرائيلي الذي استمر خلال الفترة من 27 ديسمبر 2008 حتى 18 يناير 2009.
ويقوم أربعة عشر عاملا في موقع البناء البالغ 5,000 متر مربع بحي الشجاعية بالمدينة بنقل دلاء من الطين لتشكيل لبنات كبيرة سيتم استعمالها في بناء المدرسة بما في ذلك القبة التي ستشكل السقف. ويقول المهندس ماهر بطروخ، من جمعية الرحمة، حول هذا المشروع أنه إذا تبث بعد انتهاء العمل في المدرسة أنها سليمة من الناحية البنيوية فإننا سنمضي قدما في مشاريع بناء أخرى في غزة"، مشيرا إلى أن "المدرسة هي أول بناء من نوعه في قطاع غزة".
وأوضح بطروخ أن بنية المدرسة التي تتألف من ثلاثة طوابق والمقامة على حوالي 1.025 متر مربع لن تتضمن مادة الصلب أو الاسمنت.
ويتم تمويل هذا المشروع الذي يكلف 190,000 دولار من طرف الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي، وهي جمعية خيرية كويتية، وسيستغرق إنجازه ستة أشهر على الأقل وفقا لمسؤولة المشاريع بجمعية الرحمة للأطفال، منى أبو الشرع.
المراقبة والترقب
تراقب المنظمات الدولية ومنظمات الأمم المتحدة في غزة المشروع لتقييم جدوى التقنية الجديدة للبناء في غزة. حيث أفاد المهندس جوناثان دامس بالمجلس النرويجي للاجئين أنه "إذا نجح هذا المشروع ، فسوف يكتسي أهمية خاصة من حيث الاستجابة للتدمير الناجم عن الحرب".
ويتولى المجلس النرويجي للاجئين قيادة "المجموعة المعنية بتوفير المأوى “shelter cluster”، وهي عبارة عن ائتلاف من المنظمات الدولية ومنظمات الأمم المتحدة العاملة على حل قضايا المأوى في غزة في مرحلة ما بعد الصراع. وأضاف دامس بقوله: "سيكون بوسعنا أن نقيِّم مدى جدوى مواد البناء هذه بعد مرور موسم شتاء أو اثنين".
كما أن هيئة البيئة ووزارة الأشغال العامة في غزة تقومان بمراقبة المشروع وسط مخاوف من احتمال تأثير الكميات الكبيرة من الطين المستعمل على الزراعة. حيث أفاد مهندس بهيئة البيئة أن هذه الطريقة "قد تكون طريقة جيدة في المستقبل ، ولكن استخدام الطين على نطاق واسع قد يضر بالأراضي الزراعية الشحيحة أصلا في قطاع غزة...إذ يجب أولا أن تتم دراستها".
من جهته، أفاد المهندس بطروخ من جمعية الرحمة أن المدرسة ستخضع لاختبارات لضمان أمان هيكلها، وذلك عن طريق وضع كتل إسمنتية على السقف وإجراء تجارب ضغط فردية على كتل الطين بالجامعة الإسلامية في غزة.
وأوضح دامس أنه نظرا لمحدودية المساحة في غزة التي تعاني من اكتظاظ شديد بالسكان، فإن أية تقنية بناء جديدة يجب أن تكون قادرة على تحمل أربعة طوابق على الأقل لتبثث جدواها. وأشار إلى أنه تم بالفعل بناء منازل من الطين من قبل ولكنها كانت جميعها من طابق واحد فقط.
"