يقول الخبراء أن انعدام الأمن ونقص القدرات الوطنية وعدم وضوح الأهداف والخطوط الفاصلة بين التدخلات التنموية والإنسانية والعسكرية وانتشار الفساد ونقص التنسيق كلها أمور أدت إلى انخفاض فاعلية الإغاثة في أفغانستان.
وتشير الأبحاث التي أجرتها وحدة التقييم والبحوث الأفغانية وهي هيئة دولية مستقلة مقرها كابول إلى أنه يتوجب على الجهات المانحة استكشاف آليات مبتكرة وتنفيذها من أجل تحسين الأثر الذي تتركه عمليات الإغاثة على الأرض.
وتقول الجهات المانحة الرئيسية مثل البنك الدولي ووزارة التنمية الدولية البريطانية أن إنفاقهم على الإغاثة في أفغانستان يتماشى مع إعلان باريس بشأن فاعلية الإغاثة، مشيرين إلى أن تلك النفقات قد أدت إلى تقدم ملموس في قطاعات الصحة والتعليم.
وفي تصريح لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) قال البنك الدولي أنه قد أنفق 3.8 مليار دولار في حين ذكرت وزارة التنمية الدولية البريطانية أنها أنفقت ما يزيد عن 1.2 مليار دولار على مشروعات تنموية متعددة خلال السنوات السبع الأخيرة.
وقال بول سيسك، مسؤول الإدارة المالية بالبنك الدولي لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) أنه تجدر الإشادة بنتائج البرامج الممولة بمعونة دولية في مجالات عديدة ولكنها فشلت في الارتقاء لطموحات الجماهير".
وقد ذكرت ورقة البحث الصادرة عن وحدة التقييم والبحوث الأفغانية حول إعلان باريس وفاعلية الإغاثة في أفغانستان أن "مبادئ إعلان باريس بمفردها ليست كافية لتحقيق إغاثة فعالة في أفغانستان".
وأضافت الورقة أن "الإعلان قد أدى إلى تركيز المجتمع الدولي على عمليات إدارة الإغاثة بدرجة أكبر من التركيز على أثرها".
وقال مات ولدمان، مدير الدعوة والسياسات في منظمة أوكسفام بكابول أنه "طبقاً للأرقام الأخيرة فإن نسبة الإغاثة التي تم تنسيقها بصورة كاملة وإدارتها بصورة مشتركة من قبل الجهات المانحة تتراوح ما بين 43 إلى 40 بالمائة، في حين أن النسبة المستهدفة من قبل منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي هي 66 بالمائة"، مضيفاً أن حوالي نصف المساعدات المقدمة من الولايات المتحدة لم يتم تنسيقها بصورة كاملة مع الحكومة الأفغانية.
المساءلة
وذكر كاي ايدي، الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في أفغانستان في خطابه أمام مجلس الأمن في مارس/آذار أن مستوى مساءلة الجهات المانحة متردي. فهناك أموال تتراوح بين 500 مليون دولار ومليار دولار لم يعرف مصيرها حتى عام 2008 نتيجة لسوء التنسيق والإبلاغ عن الموارد.
ولدى بعثة الأمم المتحدة للمساعدة في أفغانستان التي يرأسها إيدي تفويض لضمان وتعزيز المساءلة والتنسيق والفاعلية في المساعدات الإنسانية والتنموية. وقد ذكر إيدي مراراً أنه يحتاج الجهات المانحة التي تريد أن يتم التنسيق معها.
ويقول الخبراء أن هناك اعتقاد من جانب الحكومة والجهات المانحة بأن المساءلة في نفقات الإغاثة أمر هام لتحقيق الكفاءة في الإغاثة وكسب الدعم الشعبي لها.
وقد ذكر تقرير آخر صادر عن وحدة التقييم والبحوث الأفغانية حول أثر الإغاثة أن "المساءلة المتبادلة تحسن من جودة الإغاثة وقيمة الأموال وتوفير المعلومات وثقة الناس في الحكومة والمجتمع الدولي".
بيئة صعبة
وتقول الحكومة أن حوالي 30 بالمائة فقط من أموال الإغاثة الدولية قد تم صرفها من خلال الحكومة منذ عام 2002.
من جهتها، قالت بولا كانتور، مديرة وحدة التقييم والبحوث الأفغانية في تصريح لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) أن "العديد من المجموعات سواء كانت حكومية أو مانحة أو أمم متحدة تريد معرفة ما هي المساعدات التي دخلت إلى أفغانستان من الجهات المانحة والوكالات العاملة هنا ولكن لا يوجد الكثير من الوضوح حول تلك المسألة".
وفي الوقت نفسه، ذكر ما يزيد عن 60 بالمائة من المشاركين في استبيان قامت به منظمة مراقبة النزاهة بأفغانستان ومقرها كابول أنه "يوجد فساد في عمليات الإغاثة".
ويقول الخبراء أن انعدام الأمن والبنية التحتية المتردية وندرة الموارد الفنية تشكل تحديات خطيرة للجهات المانحة ومنفذي البرامج التنموية.
وقال مايك هوليز، منسق الاستراتيجية والبرامج بوزارة التنمية الدولية البريطانية أن "الحكومة البريطانية تدرك أن أفغانستان تشكل بيئة شديدة الخطورة لتقديم المساعدات التنموية".
وتقول المنظمات غير الحكومية كأوكسفام أنها تواجه العديد من التحديات التي تواجهها الجهات المانحة الأخرى في أفغانستان ولكن برامجها قائمة على مشاركة المجتمع ويتم تنسيقها مع الجهات المحلية الفاعلة وأولويات الحكومة ويتم تصميمها لبناء القدرات وتقليل التعرض للخطر.