كان رد فعل أسرته متوقعاً، فقد توقف إخوته عن رعي ماشيتهم بالقرب من ماشيته، وامتنع العديد من أقاربه عن لمسه. وتحدث عبد الحكيم لخدمة أخبار الإيدز (بلاس نيوز) التابعة لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) عن ردة الفعل هذه قائلا: لم يساندني سوى زوجتي وأطفالي".
ويجد عبد الحكيم صعوبة في لوم أقاربه، خصوصا وأنه هو الآخر كان يشاركهم نفس الموقف قبل أن يعرف بإصابته. ويشرح ذلك بقوله: "كنت أعتقد أن الإيدز مرض خاص بالزناة والفاسقين، ولكنني عملت على تثقيف نفسي أكثر في ما بعد".
ويواجه المصابون بفيروس نقص المناعة البشرية في الصومال وصمة عار ترافقهم باستمرار كما يعانون من النبذ وعادة ما يُطرَدون من بيوتهم مخافة تسببهم في انتقال العدوى إلى جيرانهم.
وقد شرع بعض علماء الدين الإسلاميين في أرض الصومال في مساندة جهود الوقاية من فيروس نقص المناعة المكتسب، كما بدؤوا يحاولون إقناع المجتمعات بمعاملة حاملي الفيروس بطريقة أكثر إنسانية. فكون الإسلام يتمتع بتأثير قوي على الحياة اليومية في الصومال يمنح العلماء الإسلاميين قدرة على تغيير آراء الناس حول فيروس نقص المناعة المكتسب والإيدز.
وفي هذا السياق، قال الشيخ محمد حاجي محمود حرصي، عضو منظمة للعلماء الإسلاميين تسافر للدعوة في كل أرجاء البلاد: "نحن كعلماء دين نشعر أنه من واجبنا حسن معاملة الفئات الأقل حظا في المجتمع ومساعدتها... فالإسلام دين رحمة ومرضى الإيدز يستحقون المعاملة بالحسنى... فالكل معرض للمرض".
وقد كان حرصي واحداً من أول علماء الدين الذين قدموا الاستشارة لحاملي فيروس نقص المناعة البشرية. ويقول عن ذلك: "أنا أنصحهم بالتواصل مع الله وبأن يحيوا حياة عادية. وذا يرفع معنوياتهم ويجعل أيام زيارة علماء الدين لهم يوما خاصاً بالنسبة لهم".
وهذا ما أكده عبد الحكيم بقوله: "إن الناس يحتاجون إلى أنواع مختلفة من الدعم بما فيها الدعم الجسدي والاقتصادي والطبي وأيضا الروحي. فعندما نتحدث مع الأئمة نشعر باستقرار أكبر ويراودنا إحساس بأن كل شيء سيكون على ما يرام".ويأمل علماء الدين أن يتمكنوا من التأثير في المجتمع وجعله أكثر تسامحا مع حاملي فيروس نقص المناعة البشرية، حيث يقول حرصي: "إنهم يستمعون لنا فعلاً، وإذا رأوا أننا لا نجد أية مشكلة في التعامل مع جارهم الحامل لفيروس نقص المناعة البشرية فإن ذلك سيشجعهم على تقبله".
وقد عمل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي و برنامج الأمم المتحدة المشترك المعني بفيروس نقص المناعة البشرية على تدريب علماء الدين لتشجيع الناس على تغيير سلوكهم.
وعن ذلك يقول جوليد عثمان، المدير التنفيذي لائتلاف لتاواداغ للمنظمات غير الحكومية المعنية بتقديم العون لحاملي فيروس نقص المناعة البشرية: "يحتاج علماء الدين للتدريب حتى يتمكنوا من استعمال المصطلحات الصحيحة وتجنب تلك التي قد تتسبب في المزيد من المشاكل بالنسبة لحاملي الفيروس".
وأوضح عثمان أن معظم علماء الدين خلصوا إلى ضرورة وقوفهم إلى جانب المصابين بفيروس نقص المناعة، حيث قال: "عقدنا مؤخرا اجتماعاً مع 24 زعيماً دينياً. واحد منهم فقط رفض المشاركة في تقديم المشورة للمصابين بالفيروس بدعوى أنه يصيب غير المسلمين... ولكن معظم العلماء لا يشاركونه نفس الشعور".
ويعمل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي مع لجنة مكافحة الإيدز بأرض الصومال والمنظمات غير الحكومية المحلية وعلماء الدين المسلمين لتطوير إستراتيجية تحدد دول علماء الدين في محاربة الإيدز وتوحد الرسالة التي يتكلفون بإيصالها.
*ليس اسمه الحقيقي
"