أبلغ صندوق الأمم المتحدة الإنمائي للمرأة وعدد من المنظمات غير الحكومية المحلية وخبراء الصحة النفسية عن تزايد حوادث العنف المنزلي والاعتداء الجنسي ضد النساء في غزة منذ بداية عام 2009.
وأشار مسح لصندوق الأمم المتحدة الإنمائي للمرأة وشمل ربات وأرباب 1,100 أسرة بغزة أجرِيَ خلال الفترة بين 28 فبراير/شباط و3 مارس/آذار إلى أن العنف ضد النساء قد ازداد حدة خلال الحرب التي استمرت 23 يوماً وانتهت في 18 يناير/كانون الثاني.
وفي هذا السياق، قال حسام النونو، مدير دائرة العلاقات العامة في برنامج غزة للصحة النفسية: "وفقاً لموظفينا وبناء على الملاحظات الإكلينيكية ارتفعت حدة العنف ضد النساء والأطفال خلال وبعد الحرب... ويمكن أن نعزي ذلك إلى تعرض معظم الناس للصدمة خلال الحرب ولجوئهم للعنف كردة فعل على الضغط الذي يشعرون به".
وأضاف النونو أن دائرة العلاقات العامة في برنامج غزة للصحة النفسية، الذي يدير ست عيادات ويعالج حوالي 2,000 مريض نفسي سنوياً، قد أجرت تقييماً لما بعد الحرب قابلت في إطاره حوالي 3,500 شخص من سكان غزة.
وأشار النونو إلى أن "الحرب كانت قاسية، وجعلت الناس يشعرون بعدم الأمان والضعف وعدم القدرة على حماية أنفسهم وأطفالهم وأسرهم. كما أن اضطرار الناس للبقاء محتجزين داخل منزلهم يزيد من شعورهم بالضغط والقلق".
شهادات
وقالت سحر، 36 عاماً، والتي فضلت عدم ذكر اسم عائلتها، أنها طلقت زوجها في شهر فبراير/شباط بسبب المعاملة الجسدية والنفسية السيئة التي عانت منها خلال الحرب. وشرحت سبب طلاقها بالقول: "كان يضربني بعنف وكنت أغيب عن الوعي من شدة الضغط الذي كنت أعاني منه... وكان يجبرني على معاشرته رغماً عني".
وتأتي سحر بابنتها البالغة من العمر عامين إلى المركز الفلسطيني للديمقراطية وحل النزاعات لتزور والدها، حيث كانت المحكمة قد أوصت بزيارة الوالد لابنته تحت إشرافها بعد أن حاول وإخوته إبعادها عنوة عن أمها.
وقد أوضح بكر التركماني، المحامي بالمركز الفلسطيني للديمقراطية وحل النزاعات، أن "المركز كان قبل الحرب يسهل الزيارات لـ30 أسرة مقابل 60 أسرة الآن". وأشار إلى أن "عدد حالات الطلاق والانفصال شهدت ارتفاعاً كبيراً منذ الحرب. وقد لعب العنف المنزلي دوراً كبيراً في هذا الارتفاع". وأضاف: "إذا لم أرافق الضحايا إلى قسم الشرطة فإن شكواهن من سوء المعاملة لا تُقبِل".
وقالت ضحية أخرى من ضحايا العنف المنزلي في غزة فضلت عدم الكشف عن هويتها: "كان زوجي يهينني ويضربني". وهي الآن مطلقة وتقوم بإحضار ابنها البالغ من العمر 9 أشهر إلى المركز للقاء والده تحت إشراف المحكمة.
مركز حقوق الإنسان
بدورها، أفادت منى الشوا، مديرة وحدة المرأة في المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، أن المركز حصل على تقارير تفيد بارتفاع معدلات العنف المنزلي والاعتداء الجنسي خلال وبعد المواجهات المسلحة مع إسرائيل. وقد قدمت وحدتها الاستشارة لأكثر من 600 امرأة.
وأوضحت الشوا أن "النساء كن يعانين خلال الحرب وبعدها من أجل القيام بواجبهن كأمهات ورعاية أطفالهن في غياب الكهرباء والماء وتحت القصف...وإذا ما تعرض الزوج للقتل، فإن والده يستولي على الميراث ويحاول كسب الوصاية على الأطفال".
من جهته، أفاد مركز شؤون المرأة في غزة أنه قام بتنظيم اجتماعات مع 200 امرأة من كل أنحاء غزة خلال الحرب. وأفادت أمل صيام، مديرة المركز، أن "العديد من النساء اللواتي لم يجربن العنف المنزلي أبداً من قبل، تعرضن للضرب خلال الحرب".
وشرحت صيام أن العديد من النساء اللواتي فقدن أزواجهن جئن إلى المركز بحثاً عن المساعدة بعد أن حاول آباء أزواجهن سحب وصاية أطفالهن منهن، مضيفة أن عدد حالات الطلاق ارتفع خلال المواجهات.
ووفقاً لصندوق الأمم المتحدة الإنمائي للمرأة، يتوقع صدور نتائج أول تقييم أجرته وكالات الأمم المتحدة لاحتياجات النوع الاجتماعي في شهر مايو/أيار المقبل.
"