اختلفت آراء المسؤولين العراقيين وزعماء الجالية المسيحية والمسحيين أنفسهم حول هوية الجهة التي تقف وراء الاعتداءات التي تستهدف الأقلية المسيحية في البلاد. ولكنهم اجمعوا جميعاً على ضرورة التصدي لموجة العنف غير المسبوقة في محافظة نينوى شمال العراق التي شهدت عدداً من الاعتداءات على المسيحيين منذ بداية أكتوبر/تشرين الأول.
وقال هشام الحمداني، رئيس مجلس محافظة نينوى أن المسحيين كغيرهم المجتمعات العراقية... تعرضوا للقتل والنزوح منذ عام 2003 ولكن موجات العنف الموجهة ضدهم تزايدت في الأسابيع القليلة الماضية واتخذت منحىً جديداً".
وأضاف الحمداني أنه "لا بد من وضع حلول عاجلة لوقف هذه الهجمات. ويمكن تحقيق ذلك فقط عن طريق نشر المزيد من قوات الأمن للتأكد من استتباب الأمن في جميع المناطق ذات الغالبية المسيحية".
واتهم الحمداني "المخربين والتكفيريين [السنة المتطرفين] من تنظيم القاعدة الإرهابي في العراق" بالوقوف وراء الاعتداءات وقال أنهم "يحاولون فرض تفسيراتهم الخاطئة للإسلام وقتل غير المسلمين في حال لم يدخلوا في الإسلام".
بدوره، قال رجل دين مسيحي فضل عدم الكشف عن هويته لأنه غير مخول بالحديث عن الموضوع: "نحن مستهدفون منذ عام 2003 ولكنني لا أستطيع تفسير الأحداث الأخيرة. ومع ذلك أعتقد أن دوافع سياسية تقف خلفها".
وكان البرلمان العراقي قد ألغى مؤخراً نظام الكوتا في انتخابات المجالس المحلية القادمة في ستة من محافظات العراق، مما يعني أن هذه المجالس لن تتمكن من حجز بعض المقاعد للأقليات العرقية والدينية. ويعود السبب وراء هذا القرار لعدم وجود إحصائيات حول عدد المسيحيين أو اليزيديين أو غيرهما من الديانات في مناطق معينة.
ومنذ ذلك الوقت بدأ المسيحيون بمحاولات للضغط على البرلمان لتمرير قانون جديد يخصص عدداً من المقاعد للأقليات خوفاً من تعرضهم للمزيد من التهميش. كما خرجت مظاهرات ومسيرات احتجاج على القرار في الكثير من المدن التي تسكنها الأقليات.
وقال رجال الدين المسيحي: "إنهم يريدون إضعافنا وإخراجنا من الحياة السياسية" دون أن يحدد هوية الجهة التي تريد ذلك.
محاولة لتغيير التركيبة السكانية؟
من جهة أخرى، قال النائب أسامة النجيفي، وهو سني علماني من نينوى، أن الميلشيات الكردية في العراق تحاول تغيير التركيبة السكانية في المحافظة لزيادة عدد الأكراد في البرلمان. ولكن الأكراد نفوا هذه الادعاءات.
وقال حنا يوسف كازيار، وهو مسيحي يبلغ من العمر 54 عاماً من محافظة نينوى: "لا يوجد لدي أي تفسير لاستهدافنا بهذه الطريقة... لا أعتقد أننا نشكل أي خطر على غيرنا من المواطنين العراقيين".
وأضاف: "يمكنني فقط إلقاء اللوم على الحكومة لعدم توفيرها الأمن الكافي... لقد كنت أقنع نفسي خلال كل تلك السنوات أن الأوضاع ستتحسن يوماً ما ولكن يبدو أنني أحلم. أنا أفكر جدياً في ترك البلاد".
وقد اندلعت الاعتداءات ضد المسيحيين في الموصل، عاصمة محافظة نينوى التي تقع على بعد 400 كلم تقريباً شمال بغداد، يوم 4 أكتوبر/تشرين الأول عندما بدأ مسلحون باغتيال المسيحيين وتهديد غيرهم من أبناء الطائفة مطالبينهم بمغادرة المدينة.
وحتى 18 أكتوبر/تشرين الأول، قدر جودت إسماعيل، مدير دائرة الهجرة والمهجرين في الموصل، عدد الأسر المسيحية النازحة بحوالي 1,840 أسرة (11,000 شخص).
كما قدرت الشرطة أن 12 مسيحياً لقوا حتفهم في حوادث مختلفة ضمن موجة العنف هذه كان آخرها تلك الحادثة التي وقعت يوم 13 أكتوبر/تشرين الأول عندما اقتحم مسلحون محلاً للموسيقى في الموصل وقتلوا صاحبه المسيحي وجرحوا قريبه.
"