1. الرئيسية
  2. Middle East and North Africa

تكلفة التحرر من تنظيم الدولة الإسلامية

Bushra Alwar, her husband and 10 members of their family walked from their farm outside Mosul four days ago, to a checkpoint near Erbil city, after militants seized control of the city. They have joined hundreds of thousands of residents of Iraq’s secon R.Nuri/UNHCR/Iraq

بعد العيش تحت حكم ما يسمى بتنظيم الدولة الإسلامية لأكثر من عام، أدرك خليل العباسي أن عليه مغادرة المكان. ولكنه كان يدرك جيداً أن مغادرة منزله في مدينة الموصل في شمال العراق لن تكون سهلة أو رخيصة.

اضطر العباسي، الذي يبلغ من العمر 25 عاماً، أن يدفع 1,000 دولار في شهر أغسطس على شكل رشاوى إضافة إلى 800 دولار أخرى لسيارة أجرة تنقله إلى بغداد، ليصبح واحداً من بين 3.2 مليون عراقي نزحوا جراء أعمال العنف في بلادهم، ويضطر بعضهم لدفع مبالغ باهظة لمغادرة المنزل والهروب من احتلال تنظيم الدولة الإسلامية.

وتعليقاً على ذلك، قال العباسي، وهو رجل أعمال سابق، سني المذهب، لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين): لا نستطع تحمل الحياة تحت حكم تنظيم الدولة الإسلامية بعد الآن ... كنت أعرف كم هو مستحيل مغادرة الموصل، لكنني وجدت ثغرة، ودفعت رشوة لأشخاص يتعاونون مع تنظيم الدولة الإسلامية لمساعدتي في الخروج".

انظر أيضاً: مأساة الطائفة السنيّة في العراق

دفع ثمن الحرية

وفي يونيو 2014، أعلن تنظيم الدولة الإسلامية إقامة الخلافة الإسلامية على الأراضي الخاضعة لسيطرته بالفعل في العراق وسوريا، وسيطر بسرعة على مدينتي تكريت والموصل، مما تسبب في حدوث موجة نزوح كبيرة. ومنذ ذلك الحين، استعادت الحكومة العراقية مدينة تكريت، ولكن التنظيم لا يزال يحتفظ بالموصل وجزء كبير من غرب محافظة الأنبار، بما في ذلك عاصمتها الرمادي.

أما أولئك الذين يعيشون تحت سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية، فغالباً ما يفعلون ذلك لكونهم سجناء فعليين ويجب أن يتخلوا عن جزء كبير من ثرواتهم كنوع من ضريبة المغادرة إذا أرادوا ذلك.

ليس هناك نظام محدد للهروب وتختلف قصص أولئك الذين يدفعون أموالاً لينالوا الحرية من شخص لآخر: بعضهم يقدم أموالاً للمهربين، والبعض الآخر يسلمها للمسلحين من مختلف الجهات في نقاط التفتيش. وكثير منهم أعطوا الأموال التي حصلوا عليها بشق الأنفس لتنظيم الدولة الإسلامية مباشرة بغية الحصول على إذن خروج رسمي أو غير رسمي.

فعلى سبيل المثال، دفع العباسي 1,000 دولار للحصول على وثيقة تؤكد أن والدته مصابة بمرض مزمن، ومن ثم سمحوا بمغادرة الأسرة من أجل العلاج. وكان قد حاول الحصول على هذا الإذن بوسائل مشروعة، لكنه وجد أن النقود أكثر فاعلية.

وأوضح العباسي ذلك قائلاً: "لقد كان من الصعب إقناع تنظيم الدولة الإسلامية بالتقارير [الطبية] الخاصة بأمي ... ولهذا السبب وافقنا على دفع الرشوة".

ودفع آخرون أموالاً لمهربين متخصصين في هذه الأنواع من العمليات السرية والمعقدة. فقد دفع حسن النجماوي، على سبيل المثال، 2,500 دولار للفرار بعيداً عما أسماه "كابوس" الموصل.

كان هناك خيار أقل تكلفة، حيث أوضح النجماوي، البالغ من العمر 34 عاماً، الذي كان يعمل في السابق موظفاً في اللجنة الانتخابية، لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين): "عرَّفني صديق قديم لي على أحد المهربين الذين عرضوا القيام بإخفائي داخل شاحنة بضائع مقابل دفع 1,000 دولار".

ولكن المهرب الأعلى سعراً كان يعمل مع تنظيم الدولة الإسلامية، ولذلك فضل النجماوي أن يتحمل مبلغ أكبر مقابل ما اعتبره خياراً أكثر أماناً. مع ذلك، كان يخشى اكتشافه خلال رحلة تهريبه إلى خارج الموصل: "أخذت نفساً عميقاً ونظرت إلى السماء كلما اقتربنا من نقطة تفتيش تابعة لتنظيم الدولة الإسلامية".

وفي هذا الصدد، قال علي بيبي، المتحدث باسم المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، أن المفوضية تدرك تماماً ظاهرة الدفع من أجل المغادرة وتتلقى مثل هذه التقارير أسبوعياً.

وقال لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) أنه على الرغم من أنه لا يمكن للمفوضية أن تؤكد مدى انتشار الظاهرة ولكن "بصورة عامة هذا ما يحدث، ويحدث بشكل متكرر".

وقد أثار هذا قلق الجمعيات الخيرية المحلية. وفي هذا الصدد، قال الشيخ اسماعيل الحديدي، وهو عضو سابق في البرلمان العراقي ويرأس حالياً منظمة "بيتنا"، وهي منظمة تساعد النازحين في مدينة كركوك، لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين): "للأسف الناس يدفعون رشاوى لموظفي الأمن للسماح لهم بعبور نقاط التفتيش ... وإلا فقد يتعثرون في الصحراء".

استنزاف المدخرات

وأضاف الحديدي أن تكلفة الخروج من سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية ليست فقط ما يبعث على القلق: "[الحياة كنازحين داخلياً] مكلفة للأشخاص الذين يجلسون في المنزل دون وظائف أو مرتبات".

وفي هذا السياق، كشفت دراسة استقصائية أجريت مؤخراً أن 17 بالمائة من النازحين العراقيين الذين يعيشون خارج مخيمات ليس لديهم أي مصدر للدخل على الإطلاق، وأن 44 بالمائة آخرين يعتمدون على أعمال موسمية غير مستقرة. وقال غالبية هؤلاء أن توفير ما يكفي من الغذاء يشكل مصدر قلق كبير لهم.

وقال بيبي: "إذا كان [النازحون داخلياً] قادرين على الخروج [من الأراضي التي يسيطر عليها تنظيم الدولة الإسلامية]، فإن هذا يستنزف مدخراتهم ... وفي ظل استمرار الصراع، يزداد الضغط على جميع النازحين داخلياً بشكل أكثر حدة مع استنزاف المدخرات والموارد ويضطرون للاعتماد بشكل أكبر على المساعدات الإنسانية والحكومية".

وأشار بيبي إلى أن المزيد من النازحين داخلياً يطلبون الانتقال من أماكن الإقامة المستأجرة إلى المخيمات لأنهم ببساطة لم يعودوا قادرين على دفع الإيجار.

وتجدر الإشارة إلى أن مبلغ الـ 1,800 دولار التي دفعها العباسي لكي يتمكن من مغادرة الموصل يمثل أكثر من ربع متوسط المرتب السنوي العراقي (أو مرتب ثلاثة أشهر) الذي يصل إلى 6,320 دولار.

وفي حين أنه سعيد لأنه يعيش في مكان يشعر فيه بالسلامة النسبية في بغداد، إلا أن العباسي الآن عاطل عن العمل.

وحول الوضع الذي يعيش فيه حالياً، قال: "من الصعب توفير حياة كريمة لأفراد العائلة دون موارد مالية ... المال ينفد".

وتابع قائلاً: "نحن لا نعرف ماذا نفعل"، شاكياً من نقص المساعدات الحكومية – التي تعاني من الفساد حسب بعض التقارير- "ومستقبلنا غير معروف تماماً".

انظر: الفساد يعطل إيصال المعونات الحكومية إلى النازحين في العراق

وفي أواخر الشهر الماضي، افتتحت المفوضية مخيماً جديداً يستوعب 3,000 شخص، يقع على بعد ثلاثة كيلومترات فقط من جسر بزيبز، وهو معبر متهالك على نهر الفرات الذي يربط محافظة الأنبار التي يسيطر عليها تنظيم الدولة الإسلامية بالطريق الرئيسية إلى بغداد.

انظر: من الإيجار إلى المخيم إلى الإيجار مرة أخرى

وعلى الرغم من هذه المشقات، قال جميع الفارين من براثن تنظيم الدولة الإسلامية أنهم مستعدون للقيام بذلك مرة أخرى.

هرب أركان الجبوري، وهو موظف حكومي يبلغ من العمر 34 عاماً، المقدادية في شرق العراق بعدما اقتحم تنظيم الدولة الإسلامية البلدة في يوليو 2014.

وعندما ألقي القبض على شقيقه بتهمة تجسس مزعومة، قال الجبوري أنه دفع 3,000 دولار لأحد المتعاونين مع تنظيم الدولة الإسلامية للإفراج عنه، إضافة إلى 3,000 دولار أخرى لشخص لمساعدتهم على الهروب من المدينة.

واقترض الجبوري نقوداً وباع ذهب زوجته لكي يوفر تكاليف الرحلة. "لقد فقدت كل شيء: الوظيفة والمنزل والأصدقاء وذكريات الطفولة".

وعلى الرغم من أن مسقط رأسه لم يعد يخضع لسيطرة تنظيم الدولة الإسلامية، إلا أن الجبوري لن يعود لدياره حيث قال: "لا زال الخوف يسكنني".

oj/as/ag-kab/dvh"

Share this article

Get the day’s top headlines in your inbox every morning

Starting at just $5 a month, you can become a member of The New Humanitarian and receive our premium newsletter, DAWNS Digest.

DAWNS Digest has been the trusted essential morning read for global aid and foreign policy professionals for more than 10 years.

Government, media, global governance organisations, NGOs, academics, and more subscribe to DAWNS to receive the day’s top global headlines of news and analysis in their inboxes every weekday morning.

It’s the perfect way to start your day.

Become a member of The New Humanitarian today and you’ll automatically be subscribed to DAWNS Digest – free of charge.

Become a member of The New Humanitarian

Support our journalism and become more involved in our community. Help us deliver informative, accessible, independent journalism that you can trust and provides accountability to the millions of people affected by crises worldwide.

Join